بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين على نعمائه، سيما نعمة الهداية والإيمان، ثم الصلاة والسلام على إمام الهدى وسيد الأنبياء والمرسلين حبيبنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
حضرات المستمعين الأفاضل، سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات، وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة".
--فاصل--
في هذه الحلقة، أيها الكرام، سنكمل لكم تفسير سورة محمد (ص) بدءً بالإستماع الى الآية السادسة والثلاثين منها فلنستمع معاً..
إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ{36}
تشير هذه الآية المباركة، عزيزي المستمع، الى أن الله لم يخلق شيئاً للعب واللهو، وإنما خلقه لحكمة وغاية، ولكن المشكلة هي مشكلة الإنسان الذي يسيء التصرف في خلق الله، ولا يحسن استغلاله.
ومن التعاليم التي يمكن أن نستلهمها من هذه الآية المباركة أولاً: الدنيا لعب ولهو وفاقدة لأي قيمة، عندما تتجرد من التقوى.
ثانياً: الإيمان والتقوى هما اللذان يعطيان الدنيا معناها وقيمتها.
ثالثاً: لا تنافي بين الإيمان والتقوى وبين الغنى والثروة.
ورابعاً: الأمر بالإنفاق والإطعام وغيرها يهدف الى رشدنا وتطورنا الروحي والمعنوي وليس لله أجراً مادياً لهدايته إيانا.
--فاصل—
أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآية السابعة والثلاثين من سورة محمد المباركة..
إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ{37}
مما تشير إليه هذه الآية الكريمة، أيها الأطائب، هو أن بعض الناس يحب الدنيا ويتعلق بها الى حد يدعوه الى الحقد على الله، عندما يُطلب منه التنازل عن شيء منها.
وكلمة "يحفكم" هنا من الإحفاء بمعنى الإصرار على الطلب والسؤال، و"الأضغان" جمع "ضغن" وهو الحقد.
ومما تعلمه إيانا هذه الآية المباركة اولاً: تظهر الخصال والطبائع الإنسانية عند التعامل مع الأوامر الإلهية.
ثانياً: البخل والتعلق بالدنيا من الأمور المذمومة التي ينتقدها الله عز شأنه.
ثالثاً: الله سبحانه لا يكلفنا ما لا نطيق ولا يوقعنا في الحرج والمشقة.
ورابعاً: صدق المودة يُكتشف في المواقف التي يظهر فيها البخل والكرم.
--فاصل—
والآن، أحباءنا المستمعين، نستمع وإياكم الى تلاوة الآية الثامنة والثلاثين من سورة محمد (ص) وهي آخر آية هذه السورة المباركة..
هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ{38}
أيها الأكارم، جاء في رواية عن رسول الله (ص) أنه سُئل عن هذه الآية فضرب بيده على عاتق سلمان الفارسي فقال: هم هذا وذووه.
وتشير الآية المباركة إلى أن عملية التربية تتم من خلال المرور في مراحل، وهي: التحذير والدعوة والتوجه والإستدلال والتكرار والحسم وإتمام الحجة والتهديد.
ومما نتعلمه من هذه الآية الكريمة، أيها الأفاضل، أولاً: قبل الشروع في التبليغ والدعوة لابد من لفت نظر المدعو وتنبيهه.
ثانياً: يجب دعوة الناس إلى الإنفاق من أموالهم على من يستحق ومن هو بحاجة إليها، ولكن يجب أن يترك لهم الإختيار ولا يجبروا على ذلك.
ثالثاً: البخل صفة نفسية لا يرتبط الغنى والفقر، فرب غني يبخل وفقير ليس كذلك والعكس صحيح.
رابعاً: ترك الإنفاق في سبيل الله من المعاصي الخطيرة التي ربما تؤدي بمستقبل أمة من الأمم أو نظام من الأنظمة.
وخامساً: لا تخلو الأرض من الصالحين المستعدين للإلتزام بالأحكام الإلهية.
والحمد لله رب العالمين..
--فاصل—
مع ختام هذه الحلقة، أيها الأحبة، وصلنا الى ختام تفسير سورة محمد (ص) المباركة حيث قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر وتفسير سورة أخرى من القرآن العظيم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.