البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 6 من سورة محمد (ص)

الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 10:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 940

 

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الذي خلق وهدى والصلاة والسلام على سيد الخلاق أجمعين الهادي الأمين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم برفقتنا في حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة) حيث سنشرع فيها تفسير سورة محمد (ص) المباركة.

-فاصل جداً قصير-

أيها الأكارم، أخذت هذه السورة إسمها من اسم النبي محمد (ص) لوروده فيها. ومن أهم موضوعات هذه السورة، الجهاد وقتال الأعداء ولذلك سميت أيضاً سورة (القتال).

والآن أحبتنا الأفاضل، وقبل تفسيرها، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين الأولى والثانية من سورة محمد المباركة..

*بسم الله الرحمن الرحيم*

الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ{1} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ{2}

أيها الأكارم، هنالك معنيان يمكن أن يفهم من قوله تعالى "وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ" الأول: الصد بمعنى الإعراض، أي أنهم هم أنفسهم أعرضوا عن سبيل الله. والمعنى الثاني: الصد بمعنى المنع، وعلى هذا المعنى يكون المراد أنهم يمنعون الناس من سلوك سبيل الله.

وكذلك يمكن تفسير قوله تعالى (أضل أعمالهم) بطريقتين: الأولى: أن يكون المراد منه أن الله سبحانه يبطل أعمالهم الحسنة، كالصدقات والإنفاق وما شابه؛ بسبب كفرهم فتكون هباءً لا قيمة لها، فيأتون يوم القيامة وليس شيء منها في ديوان أعمالهم. والثانية: أن يكون المراد منها أن الله سبحانه وتعالى يبطل كيدهم للإسلام فلا تؤثر مؤامراتهم ومكائدهم في إعاقة انتشار الإسلام وهزيمة المسلمين.

وفيما يتعلق بالآية الثانية، فليس المراد من (عملوا الصالحات) جميع الأعمال الصالحة، لأن الإنسان لا طاقة له على القيام بجميع الأعمال الصالحة، وكذلك لا يراد منه أن جميع أعمال المؤمنين صالحة؛ لأنه عزوجل يعقب بعد ذلك بقوله (كفر عنهم سيئاتهم)، بل المراد القيام بالأعمال الصالحة في كل مجال قدر الوسع وبحسب الطاقة.

والمراد من قوله تعالى (نزل على محمد) معنى عام يشمل القرآن والسنة؛ لأننا نقرأ قوله تعالى في الآية الثالثة من سورة التحريم (وما ينطق عن الهوى).

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيتين الثالثة والرابعة من سورة محمد (ص) المباركة..

ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ{3} فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ{4}

أحبة الخير، من الأساليب التربوية التي اعتمدها القرآن في هذه الآيات أسلوب المقارنة بين الكفار والمؤمنين. وفي الآية الثالثة يفصل الله بين الإيمان والكفر على أساس الحق والباطل، وهذا هو منطق القرآن في محاجة المعارضين.

أما ما نتعلمه من هاتين الآيتين المباركتين أولاً: الميل الى الباطل من العوامل المساعدة على الكفر.

ثانياً: ضرب الأمثلة التوضيحية من الأساليب التربوية القرآنية البارزة.

ثالثاً: لا يجيز الشارع قتل الكافر؛ بسبب كفره، بل يجيز قتل من هو في ساحة المواجهة والحرب.

رابعاً: ليس الهدف من الحرب السيطرة والسلطة، بل الهدف الأساس هو رفع الظلم ودفعه، ومن هنا فإن العفو هو أحد التوصيات الإسلامية بعد الإطمئنان من عجز العدو عن العودة الى ظلمه.

وخامساً: الحرب وساحة القتال من الساحات الأساس لإختبار الله للناس.

ندعوكم الآن، إخوتنا الأفاضل، الى الإستماع الى تلاوة الآيتين الخامسة والسادسة من سورة محمد (ص) المباركة..

سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ{5} وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ{6}

ما تعلمه إيانا هاتان الآيتان، أيها الأحبة أولاً: الهداية الإلهية دائمة ومستمرة، وينالها الإنسان حتى بعد موته وشهادته.

ثانياً: لا ينبغي على الإنسان أن يشغل نفسه بأموره الخاصة وأمور عائلته، عند ذهابه إلى ساحة القتال، فالله هو الذي يتولى هذه الأمور.

ثالثاً: الترغيب بذكر الآثار الحسنة التي تترتب على الأمور الصعبة، من أهم الأساليب التي تشجع الإنسان على الإقدام واستسهال المصاعب.

ورابعاً: المعرفة المسبقة بالآثار والثواب الذي يناله الإنسان على العمل، من الأمور التي تثير الرغبة في الإقدام على ذلك العمل.

إخوة الإيمان، الى هنا نصل الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" حيث بدأنا فيها تفسير سورة محمد (ص) فحتى لقاء قادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة