البث المباشر

معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

الأربعاء 30 يوليو 2025 - 13:07 بتوقيت طهران
معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

تنقسم معرفة العدو في التربية الإسلامية المقاومة كليا إلى فئتين: العدو الخارجي والعدو الداخلي.

إن الأعداء الخارجيون هم التهديدات التي تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي؛ كالحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الممارسات الاستعمارية المفروضة على المجتمعات الإسلامية.

يُعدّ الاهتمام بالتربية المقاومة في ظلّ الظروف الراهنة التي تواجه فيها المجتمعات الإسلامية تهديدات معقدة من أعداء داخليين وخارجيين، كاستراتيجية أساسية في السياسات التربوية الإسلامية أمرا ضروريا وحيويا. وهذا النوع من التربية مهم ليس فقط في مواجهة التهديدات الخارجية، بل أيضًا في سياق التهديدات الداخلية والأخلاقية.

ولذلك تلعب "معرفة الأعداء" كمبدأ أساسي وجوهري في النظام التربوي الإسلامي دورا محوريا في بناء الفرد والمجتمع المقاومين.

يتم تقسيم معرفة العدو في التربية الإسلامية المقاومة عموما إلى فئتين: العدو الخارجي والعدو الداخلي. والأعداء الخارجيون هم تهديدات تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي، تُفرض عليه علانيةً عبر الحروب العسكرية، الحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الأساليب الاستعمارية. وعادةً ما تتسلل هذه التهديدات إلى المجتمعات الإسلامية بشكل مباشر وملموس، على شكل ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية.

أما الأعداء الداخليون فهم تهديدات خفية ومعقدة، تنبع من داخل النفس البشرية والمجتمع. وتتجلى هذه التهديدات عادةً في الشهوات، المعاصي، الضعف الأخلاقي، الكفر، والنفاق. ومن المنظور الإسلامي، فإن العدو الداخلي، أكثر من أي شيء آخر، هو الذي يصرف الفرد عن المسار الإلهي والروحي، ويُمهد الطريق لهيمنة العدو الخارجي. وقد أكدت التعاليم التربوية الإسلامية مرارًا وتكرارًا على أهمية إدراك العدو الداخلي ومواجهته، حيث عرّفت جهاد النفس بأنه "الجهاد الأكبر"، وجهاد العدو الخارجي بأنه "الجهاد الأصغر".

يدعو الإسلام الحنيف، كاستراتيجية في التربية الفردية والاجتماعية، إلإنسان إلى إدراك عدوه الداخلي، واتخاذ خطوات في طريق تطوير الذات. وهذا الصراع الداخلي، كما ورد في القرآن والحديث، يتطلب من الفرد السعي الدائم لتهذيب النفس ومقاومة الفتن وتحقيق السلام الداخلي. وفي أعلى مستويات التطور الروحي، يصل الفرد إلى درجة من الثقة بالنفس تقاوم جميع التهديدات الداخلية والخارجية.

تم التأكيد في النظام التربوي الإسلامي، ولمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية بفعالية، قبول الولاية والبراءة من أعداء الله كمبدأ أساسي. فقبول الولاية لا يُحقق تماسك الفرد مع النهج الإلهي فحسب، بل يُعزز أيضًا، من خلال بناء رابطة قوية مع الولي والقائد الحق، صمود الفرد في وجه التهديدات والفتن الداخلية والخارجية.

وفي هذا الصدد، فإن مراعاة مبدأي التولي (الصداقة وطاعة الولاية) والتبري (البراءة من أعداء الله) في آن واحد يُهيئ الفرد لمواجهة التحديات والمخاطر، ويمنحه القوة على مقاومة الفتن والمشاكل. وهذا واضحٌ أيضًا في قول الإمام علي (عليه السلام): "مَنْ نَامَ عَنْ نُصْرَةِ وَلِيِّهِ انْتَبَهَ بِوَطْأَةِ عَدُوِّهِ".

يُظهر هذا الحديث جليًا أن إهمالَ نصرةِ وليِّ اللهِ والقائدِ واتباعِه لا يُضلُّ الإنسانَ عن جادةِ الحقِّ فحسب، بل يُعرِّضُه أيضًا لتهديداتِ الأعداءِ الخارجيين.

إن من أهمِّ الركائز الأساسية في التربية المقاومة، هو "تعليم العدو" و"تعليم العداء".

و"تعليم العدو" يعني الوعي بأساليب وتكتيكات وأدوات التهديدات الخارجية.و في عالمنا المعاصر، تتطور وتتغير أدوات العدو، لا سيما في شكل الحرب المعرفية والإدراكية عبر وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة، بسرعة. ولمواجهة هذه التهديدات بفعالية، من الضروري أن يدرك المسلم هذه الأدوات ويطور قدرته على مواجهتها. هذا الوعي، كدرع دفاعي، يُمكّن الفرد من مقاومة هجمات العدو الثقافية والإعلامية، والدفاع عن هويته واستقلاله.

كما أن "تربية العداء" تعني تربية أناس ذوي إيمان راسخ، وبصيرة دينية، وإرادة صلبة، قادرين على مواجهة أي تهديد داخلي وخارجي. وفي هذا الإطار، يجب أن تُهيئ التعاليم الدينية والأخلاقية الفرد للدفاع عن المبادئ والقيم الإسلامية. ةيجب أن يستند هذا التعليم إلى القرآن الكريم، السنة النبوية، وسير أهل البيت (عليهم السلام)، ونماذج حياة الأنبياء والعلماء والشهداء، ليتمكن الفرد من مواصلة السير على درب تقوية الإيمان، تزكية النفس، ومواجهة الأعداء الداخليين والخارجيين.

وهذا ما يُؤكد عليه بوضوح في رواية الإمام الصادق (عليه السلام):

«عَلِّموا صِبيانَكُم مِن عِلمنا ما يَنفَعُهُم اللّهُ بهِ؛ لا تَغلِبُ علَيهم المُرْجِئَةُ بِرَأيِها".

لا تؤكد هذه الرواية على ضرورة تعليم الأجيال القادمة مبادئ الدين فحسب، بل تُحذر أيضًا من هيمنة أي فكر أو نظرية منحرفة عليهم. وفي هذا السياق، يجب أن يكون التعاليم الدينية والأخلاقية شاملة ودقيقة، بحيث يقطع الطريق على العداوات الداخلية والخارجية بتربية أجيال مقاومة.

وأخيرا، تُعدّ معرفة الأعداء في التربية الإسلامية المقاومة أداة فعّالة لمواجهة التهديدات المعقدة في العصر الحالي. ولا يقتصر هذا المفهوم في السياسات التربوية الإسلامية على تحديد الأعداء الخارجيين والداخليين ومواجهتهم، بل يُشدد أيضًا على بناء فرد مقاوم وواع قادر على مواجهة الفتن والتحديات بفهم دقيق للتهديدات، وإيمان راسخ، وبصيرة دينية.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة