البث المباشر

تفسير موجز للآيات 29 الى 35 من سورة الأحقاف

الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 10:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 939

 

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله حمد الشاكرين ثم الصلاة والسلام على رحمة الله في العالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنقدم لكم فيها تفسير ما تبقى من آيات سورة الأحقاف المباركة بدءً بالإستماع الى تلاوة الآيتين التاسعة والعشرين والثلاثين منها .. نستمع معاً..

وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ{29} قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ{30}

أيها الأطائب، تشير الآية التاسعة والعشرون، الى أن الإستماع الى القرآن يفتح آفاق الإنسان الواعي، وبحسب الآية، الوعي ليس من خصوصيات الإنسان وحده، بل هي صفة موجودة عند الجن أيضاً وربما تكون هذه الآية تعريضاً بالكفار الذين يدعون الوعي والفهم، وفي هذه الآية يقول الله لهم إن بعض الجن أكثر وعياً منكم، فهم عند استماعهم إلى آيات من القرآن تحولوا إلى مبلغين ودعاة.

ومما نستلهمه من هاتين الآيتين الشريفتين أولاً: الجن كالإنسان يتصف بالوعي والقدرة على الإختيار، وله من العقل ما يجعله أهلاً لتحمل التكليف الإلهي، بل وإرشاد بني جنسه.

ثانياً: على المرء أن يتحرك للعمل بعد معرفته بالحق وأن يبدأ بالدعوة من أهله والأقربين.

ثالثاً: عندما يكون المدعو مستعداً تتحقق هدايته بأقل جهد ممكن.

رابعاً: نبي البشر هو نفسه نبي الجن أيضاً، وبعض الجن مكلفون بتبليغ الدين ونقل تعاليم الأنبياء الى بني جنسهم.

وخامساً: الإنسجام بين الكتب السماوية وتصديق بعضها بعضا آخر، من الأدلة على صدقها وصحة نسبتها الى الله.

أما الآن ندعوكم، إخوتنا الأفاضل، للإستماع الى تلاوة الآيات الحادية والثلاثين حتى الثالثة والثلاثين من سورة الأحقاف المباركة..

يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{31} وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{32} أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{33}

أيها الأعزة، تشير الآية الحادية والثلاثين، الى أصول العقيدة الإسلامية كلها ألا وهي التوحيد والنبوة والمعاد فيما يقول عزوجل (وآمنوا به... أجيبوا داعي الله... ويجركم من عذاب أليم).

وعبارة "لم يعي" في الآية الحادية والثلاثين فهي من "العي" وهو العجز وعدم القدرة، وإذا كانت هذه الآية تتمة لكلام الجن، فإنها تدل على أن البحث حول المعاد كان مطروحاً بينهم.

ومما تعلمه إيانا، أيها الأكارم، هذه الآيات المباركات أولاً: تحسن الإستفادة من العواطف والعلاقات الإجتماعية في الدعوة الى الله حيث يقول (يا قومنا) وتكرر الخطاب بهذه الطريقة مرتين في سياق الدعوة.

ثانياً: يجب أن يقترن كل من الترغيب والترهيب بالآخر.

ثالثاً: كل سبيل غير سبيل الله ضلال وانحراف.

رابعاً: التأمل في قدرة الله يكشف عن إمكان المعاد.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين من سورة الأحقاف المباركة..

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ{34} فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ{35}

أيها الأفاضل، تشير الآية العشرين من سورة الأحقاف الى عرض الكافرين على النار، مع توبيخهم وتأنيبهم على إذهاب طيباتهم في الحياة الدنيا، بينما تشير الآية الرابعة والثلاثين من هذه السورة الى سؤالهم عن حقانية المعاد والحساب بعد الموت.

وفيما يتعلق بالآية الخامسة والثلاثين، فإن "العزم" هو الإرادة والتصميم على فعل شيء، وهي مشتقة من كلمة "عزيمة" بمعنى الفريضة في الشريعة، والمقصود من "أولي العزم" هم الأنبياء أصحاب الشرائع، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام، وقد ورد ذكرهم جميعاً في الآية الثالثة عشرة من سورة الشورى المباركة.

ومع ختام بيان هذه الآية المباركة نصل الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر لسورة أخرى من القرآن العظيم، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة