بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله والصلاة والسلام على عباد الله الصالحين سيما خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.. إخوتنا المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركاته، تحية طيبة أينما كنتم وأهلاً بكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من حلقات برنامجكم القرآني "نهج الحياة" وتفسير آيات أخرى من سورة الدخان المباركة حيث سنشرعها بالإستماع الى الآيات التاسعة عشرة حتى الثانية والعشرين منها فتابعونا مشكورين:
وَأَنْ لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ{19} وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ{20} وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ{21} فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ{22}
مستمعينا الأفاضل، مما نتعلمه من هذه الآيات المباركات أولاً: رفض دعوة الأنبياء والإستغلال الظالم للناس هو من الإستعلاء على الله عزوجل ولذا خاطب موسى (ع) قومه الذين كانوا يستغلون الناس ظلماً بأن لا يستعلوا على الله تعالى.
ثانياً: عالم الوجود كله خاضع لله عزوجل والإنسان هو الذي ورد النهي عن علوه على الله سبحانه.
ثالثاً: إذا وجد العناد فإن روح الأنبياء وهيبتهم وهم أهل الكرم والأمانة وأهل المنطق والدليل تكون في خطر.
رابعاً: الإيمان بالنبي إيمان بالله عزوجل، فاستخدم قوله تعالى (وإن لم تؤمنوا لي) بدل قوله (وإن لم تؤمنوا بالله).
خامساً: مع أن النبي موسى (ع) كان يمتلك المعجزة، ولكنه لم يطلب الصراع مع منكري دعوته، بل سار ببرنامج يتطابق مع أهدافه من خلال المنطق لا الصراع.
وسادساً: إذا كان الذنب والفساد راسخاً في الإنسان فلن يكون لدعوة الأنبياء أي أثر.
أما الآن، أحبتنا الأكارم، ننصت خاشعين الى تلاوة مرتلة من الآيات الثالثة والعشرين حتى الثامنة والعشرين من سورة الدخان المباركة....
فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{23} وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ{24} كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ{27} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ{28}
كلمة (أسر)، عزيزي المستمع، هي من الإسراء بمعنى السير بالليل، و(رهواً) بمعنى الطريق المفتوح الواسع والآمن.
والنِعمة بكسر النون هي التنعم، وبفتح النون هي نفس النعمة، كما ورد في مفردات الراغب.
وكلمة فاكهين من الفاكهة بمعنى مستمتعين بثمر الفاكهة، وقيل من الفاكهة وهي الحديث السار.
ونظراً الى أن نهر النيل عظيم عبّر القرآن الكريم عنه بالـ (بحر).
أيها الأفاضل، ومما نتعلمه من هذه الآيات المباركات، أولاً: لابد من أن يقترن الدعاء بالسعي.
ثانياً: ينبغي أن يلاحَظ الزمان في التخطيط لأن له أثراً.
ثالثاً: فرار بني إسرائيل ليلاً بقيادة النبي موسى (ع) كانت نوعاً من المواجهة الصامتة مع فرعون الذي لم يتحمل منهم ذلك ولذا أرسل جنده لتعقبهم.
رابعاً: كل طريق مفتوح لا يدل على اللطف الإلهي، فالله عزوجل أبقى طريق البحر مفتوحاً لكي يدخل فيه فرعون وجنده فيغرقون بذلك.
خامساً: الإمكانات المادية لا تشكل سبباً للنجاة أمام العذاب الإلهي.
سادساً: الغرق في الحياة الدنيا يجعل الإنسان في صف المنكرين للحق.
وسابعاً: سنة الله عزوجل إفناء وإهلاك القوم الظالمين واستبدالهم بقوم آخرين.
بهذا، إخوة الإيمان، وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" ختاماً تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران؛ دمتم سالمين وفي أمان الله.