الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
واليت آل محمد
واخذت منهم كل عادة
انا لم اجد منهم اماماً
بات وهو على الوسادة
حتى الحرائر منهم
قارعن من غصب السيادة
مما لاشك فيه بان الرسول القائد(ص) رحل جوار ربه تعالى وهو لما يستوفي بعد المهمات الصعبة المناطة بالرسالة الاسلامية. سوى ان كان هذا على المستوى النظري او العملي. على الصعيد النظري طبعاً لن يتسنى للرسول ان يبين للامة للانسانية الا الخطوط العريضة لتشريع الاسلامي.
اضافة الى بعض التفصيلات الفقهية لعدد من المسائل الاستراتيجية. كما نقول لانسان الاسلام سواءً كان على نطاق الفرد او على نطاق الجماعة او على المستوى العملي، الدعوة الثورية التي قادها رسول الله وباشر تطبيقها من اجل ان يغير الواقع الاجتماعي فكراً وعملاً وبناء المسلم او الانسان الرسالي الجدي في فكره في مفاهيمه في سلوكه وكل اعماله وتصرفاته. هذه المهمة ايضاً لم تتحقق للرسول(ص) حتى على مستوى ذلك المجتمع. يعني عاصمة الدولة وفي حدود المدينة المنورة هم فضلاً عن اقاليم الدولة الاسلامية الاخرى.
كما يتضح ذلك من مجموعة الاخطاء والسلبيات المتعمدة التي ظهرت على سلوك بعض الصحابة فضلاً عن عامة الناس. يعني ما مضى ربع قرن حتى بدأت التجربة الاسلامية التي تولى جيل من المهاجرين او الانصار قيادتها، بدأت تتلاشى في الواقع ما استقامت وما صمدت امام الضربات التي وجهها اعداء الاسلام القدامى.
اذن الرسول(ص) كان يفكر ويعمل بجد على ان يسد هذا الفراغ، وتأكيد الرسول على امامة اهل البيت، امامة الامام امير المؤمنين(ع) والتأكيد على انه الوصي من اجل يستكمل هذا الدور وان لايبقى هذا المشروع يعاني ازمة فراغ الرسول(ص) كان يدرك تماماً بانه ان لم يسد هذا الفراغ ويسلط الضوء على الشخصية التي ستصبح هي الامتداد لوجوده المبارك. معناه ان الاحكام تجمد، الحدود تعطل، ويتعرض الواقع الاسلامي الى اكثر من هزة، وتصبح الخلافة كرة بتلاعب بها الصبيان، خصوصاً صبيان بني امية. لذلك كان تأكيد الرسول بكل طريقة وبكل مجال على هذا المعنى.
فلن يروي الطبري وغيره ان رجلاً بدوياً من اهل الهضبات قريب المدينة المنورة وكان هذا الرجل ذوشأن لانه كبير قومه مالك بن نويره(رض). هذا دخل على الرسول والنبي في المسجد، اتى يسأل ايكم رسول الله. وطبعاً لهذا معنى معناه ان الرسول كان من التواضع بدرجة بحيث كان مع الامة متكيف مع الناس، فهو لا يختلف عنهم في لبسه ولا في هيئته ولاكل صفة اخرى يلبس كما يلبسون يتحرك كما يتحركون يتحدث معهم كواحد منهم.
فيسأل مالك بن نويرة ايكم رسول الله او ايكم محمد، اشير الى النبي فجاء وقبل جبين رسول الله وهو يقول يا رسول الله اني اسلمت لكن احب ان اعرف وحدات احكام الاسلام وماهي مفرادته.
طبعاً النبي (ص) ما اراد ان يعطيه صورة ان يأخذ منها تصوراً بانه اصبح يحمل عبءاً، اعطاه النبي الصورة الرقيقة الشفافة للاسلام قال له تعمل هذا تبتعد عن هذا فهذه حرام وهذه حلال، الصورة التي على مستواه الرجل ثم التفت اليه رسول الله قال او فهمت قال بلى انا استوعبت كل هذا، قال النبي ملاك كل ذلك ان توالي هذا واشار النبي الى الامام امير المؤمنين. هذه لم تكن مسأله تحيز لابن عمه او صهره لكن في الواقع الرسول(ص) تبنى صياغة الامام علي بن ابي طالب منذ نعومة اظفاره، تبناه منذ طفولته واعده اعداداً روحياً وفكرياً ليكون اهلاً لتولي مهام القيادة الفكرية والسياسية في الامة بعد غياب الرسول. كما تجمع على هذا كتب السير المعتبرة لا كما يتصور البعض او حاول البعض ان يخلق الاوراق فيقول النبي استل علياً بن ابي طالب ليخفف عنه الاعباء المالية او الضائقة الاقتصادية.
طبعاً اذا كان هذا الهدف النبي كان يأخذ طالب كان يأخذ جعفر منهم اكبر سناً من الامام امير المؤمنين واكثر استهلاكاً للصرف، لا انما اراد النبي(ص) ان يصوغ علياً من صباه وايام طفولته ويغرله عن الطابع الجاهلي وعن العادات الجاهلية السائدة آنذاك. فخصه من الصغر بكثير من مفاهيم الدعوة وحقائق الرسالة وغذاه رسول الله من ذلك العهد بغطاء فكري وثقافة. كم وكم كان النبي يختلي بالامام علي ساعات طوال في الليل والنهار ليملأ قلبه بمشاعره ويعب ذهنه بمفاهيم الرسالة ومشاكل الطريق ومناهج العمل، واستمر بهذا الى آخر يوم من حياة الرسول الشريفة(ص) يعني انتم تلاحظون هذا في كتب السير وتكتب ذلك جماعة، يأتون من الاحبار او علماء النصارى وعلماء الاحبار يسألوا الخليفة الثاني وهو خارج من المسجد السؤال حساس يسألونه ماهي آخر كلمة قالها رسول الله مثلاً، هذا كتب السير كلها تنطق بهذا ما هي آخر كلمة قالها رسول الله يتأمل الخليفة الثاني قليلاً ثم يقول لا احد يعرف ذلك الا علي بن ابي طالب. وفعلاً يفدون على الامام عليً(ع) الامام يقول بلى كان رأسه يعني النبي على صدري وقال كذا كذا وغمض عينيه او فاضت روحه الشريفة، الحاكم في المستدرك يروي هذا بسنده عن ابي اسحاق يقول يعني ابو اسحاق سألت القثم بن العباس كيف ورث علي رسول الله.
طبعاً الوراثة لا الوراثة المالية لكن التركة العلمية، يسأل القثم بن عباس كيف ورث علي رسول الله، لانه كان اولنا لحوقاً واشدنا به لصوقاً، النسائي ايضاً يروي ان الامام علي كان يقول كنت اذا سألت رسول الله اعطيت واذا سكت ابتدأني. حتى الحاكم في المستدرك يروي هذا. بمعنى ذلك ان رسول الله كان يفوت اي فرصة ولايتوانى عن استغلال اي دقيقة، فيغذي بها الامام علياً(ع) بما يحتاجه في مهمته القادمة وهي مهمة الامامة التي هي امتداد لمشروع الرسالة.
هناك خطبة جلية وواضحة للامام امير المؤمنين، طبعاً لايسعني الوقت لذكرها خطبة قاصعة وشهيرة يصف الامام ارتباطه الفريد بالرسول القائد ويرتبط العلاقة المثلى الذي كان تتصف بها علاقته مع الرسول، اذكر مقدمتها وللمستمع الكريم ان يتتبع الكتب خصوصاً في نهج البلاغة وقد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وما اجمل ما قال الازري رحمة الله يصف الرسول:
ملك شد ازره باخيه
فاستقامت من الامور قناها
هذه من علاه احدى المعالى
وعلى هذه فقس ماسواها
نسأل الله ان يوفقنا ويمتعنا ويملأ قلوبنا بولاء علي واهل بيته الطيبين الطاهرين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******