جاء ذلك خلال كلمته اليوم الجمعة بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وولادة الامام الصادق (ع) واستقبال سماحته لمسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية إضافةً الى الوفود المشاركة في المؤتمر الدولي السادس والثلاثين للوحدة الإسلامية.
وأضاف أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليس فقط تكريماً لهذه الذكرى، بل الاحتفال يعني أخذ الدروس لجعل رسول الله (ص) قدوةً لنا.
واعتبر القائد في كلمته أن شخصية الرسول الأكرم (ص) شخصية فريدة في كل عالم الوجود، ويمكن رؤية عظمة الحق تعالى في جميع مراحل حياة ذلك النبي العظيم.
*الوحدة تعني المشاركة في العمل لمواجهة مخططات الاستكبار
وتابع سماحته، إن من الدروس التي نستشفيها من حياة النبي تتجلى في قوله تعالى «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ»، وهنا أريد التوقف عند عبارة (عزيز عليه ما عنتم) ومعناها: إذا تألمتم فإن الرسول يتألم.
وأوضح القائد قائلاً: لاشك أن هذه الآية لا تخص فقط المسلمين المعاصرين للنبي (ص)، بل هي خطاب لجميع المؤمنين على مر التاريخ، فإذا كان المسلمون اليوم في فلسطين وميانمار و.. يعانون ويتألمون، فليعلموا أن الروح الطاهرة للنبي الأكرم تتألم لألمهم.
وتسائل سماحته: ماهو منشأ المعاناة والآلام التي تعانيها الأمة الاسلامية في الوقت الحاضر؟ موضحاً أن أهم عامل لهذه المعاناة هو تفرق المسلمين.
وأضاف: إننا منفصلون عن بعضنا ومتفرقون، وعندما نتفرق ولا نحمل إرادة الخير لبعضنا، بل يصف بعضنا بعضاً بالسوء، فالنتيجة ستكون هكذا، ويشير القرآن الى ذلك بصراحة فيقول (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) أي إذا تنازعتم فسيحل الفشل، والفشل يعني الضعف، وبالتالي سيؤدي ذلك الى الخضوع والذلة، وهو يعني أنكم هيأتم الفرصة لتسلط الآخرين عليكم، وهذه هي نتيجة التفرق.
*يمكن للأمة الإسلامية أن تتبوء مكانة رفيعة في العالم الجديد بشرط الاتحاد وعدم التفرق
وأضاف سماحته، لابد من الاتجاه لتفعيل أسبوع الوحدة الإسلامية، لكن ما هي الوحدة؟ المقصود من الوحدة ليس الوحدة المذهبية ولا أن يندمج هذا المذهب بذلك المذهب، والوحدة لا تعني أيضاً الوحدة الجغرافية كالذي حدث في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي حيث بادرت بعض الدول العربية الى وحدة اندماجية لكن هذا لم يحصل ولن يحصل ولا يمكن تطبيقه.
وتابع قائلاً، إن المقصود بالوحدة هو التوحيد للحفاظ على مصالح الأمم الإسلامية، وفي البداية لابد من تشخيص أين مصالح الأمة وما تحتاج، ومن تعادي ومن تصادق، وبعد ذلك تتفق الشعوب في إطار هذه الاتجاهات عن طريق الحوار والمفاوضات، والعمل معاً في مواجهة مخططات الاستكبار.
وأشار الى أن ما يتضح يوماً بعد يوم هو أن الخارطة السياسية للعالم في حال التغيير، وهذا يعني أن القطبية الواحدة واستخدام القوة لقهر الشعوب فقدت مشروعيتها كما يعني أن الشعوب قد استيقضت، وطُرد نظام القطب الواحد.
*نبتة الجمهورية الإسلامية تحولت إلى شجرة ثابتة ويخطأ من يعتقد أن يفكر باقتلاعها
وأوضح أن الدول والشعوب الإسلامية لابد أن تأخذ مكانها الرفيع في العالم الجديد الذي يتبلور، كما تستطيع أن تطرح نفسها كقدوة، لكن بشرط، وهذا الشرط هو الاتحاد وعدم التفرقة، والتخلص من إيحاءات ووساوس الأعداء التي تثيرها أمريكا والكيان الصهيوني والشركات النفعية.
ولتقديم نموذج في هذا المجال قال سماحته: إننا في الجمهورية الإسلامية وقفنا بوجه القوى الكبرى.
وتابع قائلاً: في وقت من الأوقات كان العالم بيد قوتين كبيرتين هما أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق، وهاتان القوتان كانتا تختلفان على عشرات القضايا، لكنهما متفقان في قضية واحدة وهي الوقوف بالضد من الجمهورية الإسلامية متصورين أن هذه النبتة يمكن اقتلاعها، لكن هذه النبتة أصبحت اليوم شجرة ثابتة ويخطأ من يفكر باقتلاعها، صمدنا وتقدمنا.
وفي جانب اخر من كلمته قال آية الله السيد الخامنئي، إن من الأمور التي ينبغي الاهتمام بها اليوم هي قضية المذاهب، فلا ينبغي أن ينجر الاختلاف في العقيدة والاختلاف المذهبي الى نزاع، لابد من منع أي شيء يجر الى النزاع بشكل حاسم، واليوم المسؤولون الأمريكان والإنجليز دخلوا على الخط وباتوا يناقشون في محافلهم مسألة الشيعة والسنة وهو أمر خطير جداً.
وأضاف: لقد طرحت سابقاً مصطلح التشيع البريطاني والتسنن الأمريكي، وتصور البعض بل أشاعوا أن التشيع البريطاني يعني الشيعة الساكنين في بريطانيا، وهذا كذب محض، فالتشيع البريطاني يمكن أن يتواجد في دولة إسلامية، المقصود هو الاستلهام من البريطانيين، وصنع شيعة أو سنة مهمتهم إيجاد الخلاف مثل داعش والوهابية وأمثالها، والتكفيريين الذين يطلق عليهم لقب مسلمين، وفد يكونون ملتزمين بالاحكام الإسلامية الفردية، لكنهم يعملون لخدمة العدو، كل من يوجد الخلاف والنزاع يخدم العدو، ولا فرق أن يكون من أي مكان أو في أي منصب أو من أي بلد.
وفي الختام أعرب قائد الثورة الإسلامية عن أسفه لجرائم داعش في العراق وسوريا وأفغانستان خاصة قتل التلاميذ الأبرياء، مضيفاً أن في الطرفين الشيعي والسني هناك متطرفون لا علاقة لهم بالتشيع أو التسنن، وهؤلاء المتطرفون لا ينبغي أن يُتخذوا ذريعة لبث التهم على المذاهب الإسلامية.
وتطرق سماحته الى ما يتعرض له الفلسطينيون اليوم من صعوبات وضغوط وعمليات قتل يومية على يد الكيان الصهيوني معتبراً أن ما يحدث في فلسطين هو نتيجة تشتت الأمة الإسلامية.
وحول وجود المشتركات بين المسلمين قال القائد: إن الجمهورية الإسلامية بذلت كل ما تستطيع لتحقيق الوحدة الإسلامية على أرض الواقع، ومن أمثلة ذلك الدعم الكامل للأخوة السَنة في فلسطين، وسنواصل هذا الدعم بكل قوة.
كما أكد أن جبهة المقاومة التي ولدت في العالم الإسلامي هي مورد دعم الجمهورية الإسلامية وقال: إننا مؤمنون بلطف الله وعنايته ويحدونا الأمل للتحقق العملي للأمنيات الكبيرة بالوحدة الإسلامية.