البث المباشر

النبي الخاتم(ص) وتعريف الامة بمواقع الفتن

الأربعاء 30 يناير 2019 - 11:35 بتوقيت طهران

الحلقة 152

نتنفس هواءاً طرياً يزيد الصدر نوراً والعين جلاءاً والقلب بصيرة، هوذا نحن مع التاريخ في اهم منعطفاته واخطر مفاصله، نقرأها بفقه وتبصر، من اجل تنوير عقولنا وقلوبنا وحياتنا في الحاضر وفي الغد، فماذا نجد اليوم في هذه القراءة‌ المتأنية المنصفة ونحن نلتقي في طلاقة الهواء؟
اعلن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل رحيله عن هذه الارض ان المسيرة من بعده ستبدأ بالفتن واذا كانت الاحداث ستجري على رقاب العباد برجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس كما في صحيح مسلم وبدعاة على ابواب جهنم من اجابهم قذفوه فيها كما في صحيح البخاري ثم تنتهي الاحداث بقذف الامة نحو سنن الاولين فتسير عليها شبراً بشبر وذراعاً بذراع وفي النهاية يكونون غثاءاً كغثاء السبيل لا قيمة لهم ولا وزن. اذا كان هذا كله سيحدث ويعلم به النبي (صلى الله عليه وآله) فأنه يقتضي ان يقيم (صلى الله عليه وآله) الحجة في البداية، واقامة الحجة سنة الهية يترتب عليها الثواب والعقاب. ألم تر ان الله سبحانه وتعالى اقام الحجة على خلقه وهم في عالم الذر، اقامها عند اول اعتاب خلق البشرية لعلمه ان المسيرة ستنتج المؤمن والكافر والمحسن والمسيء.
قال تعالى في سورة الاعراف: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ»، اجل اذا كان الله جل جلاله قد اقام الحجة منذ البداية في عالم الغيب فأنه تعالى قد اقامها على امتداد العصور، واذا كانت الحجة قد سدت الابواب في وجوه البعض فأنها فتحتها امام آخرين، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما ادخل احداً وما اخرج احداً لكنه امر بشيء فأتبعه، ان يتبع الا ما يوحى اليه من ربه جل وعلا، ان المستقبل فيه اصحاب شجرة خبيثة والشجرة الخبيثة لابد ان تقابلها شجرة طيبة والمستقبل فيه حركة رجس لابد ان تقابلها حركة طهر وتطهير والمستقبل فيه الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ويريدون الفتنة ولابد ان يقابلهم الراسخون في العلم.
ان الاحاديث النبوية التي فيها كلمة بعدي اشارت الى مواقع الفتن في مقدماتها ونتائجها وبداياتها ونهاياتها، في الوقت الذي اشارت فيه احاديث اخرى الى مواقع الامان لتقوم الحجة ويظهر التبشير والتحذير على صفحات التاريخ، من هذه الاحاديث مارواه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال لعلي: «انت ولي في كل مؤمن بعدي»، عن عمران بن حصين ان رسول الله قال: «علي مني وانا منه وهو ولي كل مومن من بعدي»، وعن بريده الاسلمي قال، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي: «انه مني وانا منه وهو وليكم بعدي وانه مني وانا منه وهو وليكم بعدي» وعن بريدة ايضاً قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا بريدة ان علياً وليكم بعدي فأحبوا علياً فأنه يفعل ما يؤمر» وروى انس عن النبي قوله: «يا علي انت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي» وعن ابن عباس قال، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي «انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انك لست نبياً انه لا ينبغي ان اذهب الا وانت خليفتي في كل مؤمن من بعدي»، فكيف نفهم منزلة هارون من موسى؟ المعروف ان اظهر منازل هارون من موسى وزارته له وخلافته عنه واشتراكه في الامر معه، قال سبحانه حاكياً عن نبيه موسى «وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي» الى قوله تعالى: «قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى» وقال تبارك وتعالى: «وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ» والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما نزل قوله تعالى «وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ» قال لهم عن علي (عليه السلام): «ان هذا اخي ووصي وخليفتي فيكم فأسمعوا له واطيعوا» وعندما اتسعت الدائرة بعد ذلك قال «انت مني بمنزلة هارون من موسى».
ثم اتسعت الدائرة وبعثه بصورة براءة وقال «لا يؤدي عني الا انا او علي» وعندما ازداد اتساع الدائرة قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من كنت مولاه فعلي مولاه» وعلي (عليه السلام) بحكم نص منزلة هارون من موسى خليفة الرسول في النواة التي تدور حولها القرى والقبائل ولعلي بن ابي طالب علي الامة جمعاء فرض الطاعة كما كان لهرون بالنسبة لامة موسى فأي حجة بعد ذلك؟
ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام بتحصين تلك الطاعة اي وجود طاعة‌ الامة لعلي، عن عبيد الله بن عباس قال نظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى علي فقال «يا علي انت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن ابغضك بعدي» وعن ام سلمة قالت: «اشهد اني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول من احب علياً فقد احبني ومن احبني فقد احب الله ومن ابغض علياً فقد ابغضني ومن ابغضني فقد ابغض الله» وعن ابي درن قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا علي من فارقني فارق الله ومن فارقك يا علي فارقني» وعن علي (عليه السلام) قال: «قال لي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» الا ترى ان في هذا كله توجيهاً للناس نحو الطاعة وانقاذاً للامة من الوقوع في ليل الفتنة، نقرأ معاً مزيداً من النصوص النبوية الهادية، عن عمرو بن شاف الاسلمي «ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: يا عمرو والله لقد آذيتني من آذى علياً فقد آذاني».
وعند سعد بن ابي وقاص ان النبي قال: «لما نالوا من علي مالكم ومالي، من آذى علياً فقد آذاني».
أليس في هذا تحصيل للخليفة الحق وسوق للناس الى الصراط المستقيم الن تجمع الامة على حديث«من كنت مولاه فعلي مولاه»؟
قال النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الله تعالى: «من اهانني ولياً فقد بارزني بالعداوة».
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من اهان سلطان الله في الارض اهان الله» ‌فأذا لم يكن هذا كله تحصيلاً للخليفة وحثاً للناس ليكونوا يداً واحدة بأتجاه الصراط المستقيم فأي كلام بعد ذلك يجدي؟
وقد حذر الله تعالى من تيار الظالمين الذين تعمل في داخلهم حكومة دينية تتخذ دين الله ستاراً وهدف هذه الحكومة رد الذين امنوا عن دينهم ووضعهم على ارضية لا علاقة لها بالصراط المستقيم، وحذر الله جل جلاله من تيار الرجس الذي يعمل في داخلها طابور خامس تلتقي اهواءه في الخطوط العريضة مع اهواء حكومة الاحبار وحماة الاوثال وقد امر الله المؤمنين ان يكونوا يداً واحدة ولما كان لكل شيء ذروة اعلن النبي ولاية علي بن ابي طالب (عليه السلام) على رأس الحكومة الدينية فأذا نظرت ولم تجد الرأس فلا تسأل في خاتمة الطريق كيف اتبعت الامة سنن الاولين التي صممها احبار الحكومة الدينية واشرف على تنفيذها جميع الخدم والعبيد.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة