البث المباشر

ولاية الله وولاية أوليائه -۱

الأربعاء 30 يناير 2019 - 10:45 بتوقيت طهران

الحلقة 142

صرح القرآن الكريم بأن الولاية هي لله عزوجل في مثل قوله تعالى من سورة الشورى «أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، ولهذا تحتم على من اراد الفوز بالتجاه والثواب ان يقف تحت ولاية الله جل جلاله لانها الولاية الوحيدة التي في ظاهرها وباطنها، وهي وحدها التي تقود من استظل بهاالى ساحة القرب يوم القيامة.
ومن فضله سبحانه على خلقه انه حذر من اتخاذ الشيطان وحزبه اولياء لان هذا الطريق بكل رموزه وصوره يصب في النهاية في ساحة الخاسرين.
وامتداداً لولاية الله تبارك وتعالى شرع المولى ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل ولاية الرسول شرطاً للايمان بالله، قال سبحانه في سورة آل عمران: «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ». ان الاخلاص لله في دينه لا تكون خطوته الاولى الا بحبه تعالى ومن اراد ان يخلص في عبوديته على الحق فعليه ان يتبع هذه الشريعة التي هي مبنية على الحب ولا حب حقيقياً الا بأتباع رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاخذ عنه والتأسي به، مقدمة ولاية الرسول هي الحب الذي هو في الحقيقة الوسيلة الوحيدة بأرتباط كل طالب لمطلوبه وكل مريد بمراده، ومعنى هذا ان الواجب على من يدعي ولاية الله بل حبه ان يتبع الرسول حتى ينتهي ذلك الى ولاية الله له بحبه، والاية ذكرت حب الله دون ولايته لانه الاساس الذي تقوم عليه الولاية وانما ذكر حب الله فحسب لان ولاية النبي والمؤمنين تقوم في الحقيقة الى ولاية ‌الله، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له الولاية في ان يبين للناس ويربي الامة ويحكم فيهم ويقضي في امرهم لان اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ وعلمه احكامه وشرائعه والرسول بهذه الولاية يبث الاخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة لتكتمل البشرية ويستقيم حالهم في ديناهم واخراهم فيعيشون سعداء ويموتون سعداء ولانه (صلى الله عليه وآله وسلم) كذلك اوجب الله الاخذ عنه والتأسي به وفرض طاعته طاعة مطلقة، لان طاعته طاعة الله، قال عز من قائل في سورة النساء: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» ومن يتخذ الرسول مولى له لا يصل الى الكمال في الحب والطاعة الا اذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) احب اليه من نفسه، قال تعالى في سورة الاحزاب: «النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ». روى البخاري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله «ما من مؤمن الا وانا اولى الناس به في الدنيا والآخرة» اقرأوا ان شأتم، «النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ» ومعنى هذا ان من قدم نفسه على النبي فهو في الحقيقة غير مؤمن حتى يقدم النبي على نفسه ويحسب ايمانه فقط من وقت تأخره وتقدم النبي، وروى احمد والنسائي وابن ماجة عن انس ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال «لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين» وقد جعل النبي نفسه المقدسة هي نفس علي بن ابي طالب (عليه السلام) في قوله تعالى من سورة آل عمران «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ».
روى ابن كثير عن جابر قال «أَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ» رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي بن ابي طالب، وتقديم اهل الطهر اصحاب الكساء والمباهلة الذين فرض الله مودتهم والصلاة عليهم وجعل لهم سهماً مع سهمه وسهم رسوله في مال الله، تقديم هؤلاء هو في حقيقة الامر هو تقديم للرسول.
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ما رواه الطبراني والبيهقي «لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من نفسه واهلي احب اليه من اهله وعترتي احب اليه من عترته وذريتي احب اليه من ذريته».
اجل، ان ولاية الله ورسوله اذا كانت في اعمال المؤمنين لا يحق للمؤمنين ان يعدوا انفسهم عن دائرة اصحاب الاختيار، وكيف يكون المؤمن صاحب اختيار في دائرة وليه الله ورسوله. ان الله ولي عبده المؤمن لانه يلي امره ويدبر شأنه فيهديه الى صراطه المستقيم وهو سبحانه يأمره وينهاه في ما ينبغي وما لا ينبغي وينصره في الحياة الدنيا وفي الآخرة،‌ المؤمن في دائرة ولاية الله ورسوله لا يرى لغير الله استقلالاً في التأثير ولا يحب الا ما يحبه الله، قال تعالى في سورة الاحزاب «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا» ان الولاية لله ولرسوله هي ما تذكره آية‌ سورة المائدة لِّلَّذِينَ آمَنُوا عن طريق عطف هذه الولاية على الله ورسوله قال تعالى «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ».
الولاية في هذه الاية الكريمة واحدة هي لله سبحانه بالاصالة ولرسوله (صلى الله عليه وآله) ولِّلَّذِينَ آمَنُوا بالتبع وبأذن الله عزوجل ولما كان الذين آمنوا لهم الولاية بالتبع لرسول الله وبأذن من الله فأن لِّلَّذِينَ آمَنُوا الذين يحملون الولاية شروطاً اهمها ان يكون فيه نفس ان الرجس لا يعرف لهم طريقاً وان الطهارة الالهية هي رداءهم وان هؤلاء المؤمنين سيتعاملون مع كتاب الله الذي لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ وانهم بعلمهم سيرفعون الاختلاف بين الناس.
عن الامام علي بن ابي طالبع (عليه السلام) قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «ان اولى الناس بالانبياء اعلمهم بما جاء وابه» ثم تلى قوله تعالى «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ».
ومن شروط المؤمن ذي الولاية الالهية ان تكون فيه نصوص تثبت بأنه يتمتع بقوة العفة والشجاعة والحكمة لان من يمتلك هذا تكون لديه ملكة العدالة وبأختصار ان من تكون ولايته امتداداً لولاية الله ورسوله يجب ان تكون فيه نصوص صريحة صحيحة متفق عليها عند اهل القبلة، تبين ان الله اختاره في مواطن وان الرسول اعطاه الولاية وان تكون حركته تسير مع اخبار الرسول بالغيب عن ربه تعالى سيراً واحداً، بمعنى ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد اخبر بأن امته ستفترق كما افترق اليهود والنصارى وامة اليهود وضعت اول بذور الافتراق يوم اتخذوا العجل وكادوا ان يقتلوا نبي الله هارون وظل العجل يعمل من بعد موسى وهارون (عليهم السلام) فأذا كان هذا الشذوذ ينتقل الى الامة جزو القدوة بالقوة كما في الحديث النبوي بصورة او بأخرى فلابد ان تكون هناك نصوص قاطعة بأن حركة ولي رسول الله في اول الطريق هي مماثلة لحركة هارون في اول الطريق.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة