البث المباشر

ولاية الله وولاية أوليائه -٤

الأربعاء 30 يناير 2019 - 10:38 بتوقيت طهران

الحلقة 145

احييك يا اخي تحية مودة وصفاء ويسرني ان نتلثم طلاقة الهواء الصافي بعيداً عن قيود التزمت والارهاب، دعنا نعش دقائق جديدة متفتحة تطلق الفكر حراً وتغرس في القلب بذوراً للايمان، طرية وواعدة بالخضرة والنماء والخير الكثير. نحن مع تاريخنا نقرأ فيه من خلال نصوص الثابتة التي توافق عليها اهل القبلة واهل الاسلام، ما تبين من خلالها الخط التوحيدي الاصيل بحركته وظروفه الصعبة وهو يشق طريقه للهداية الواقعية المتفردة ولانقاذ الانسان من ضياع السبل المتفرقة التي قد يظن سالكوها انهم على خط الصراط، هوذا نحن يا اخي اذن من اجل التبصر ومن اجل مزيد من نور الهدى، هدى الله وان هدى الله هو الهدى، وهو الهادي الى سواء الصراط.
ننطلق في لقاءنا هذا من ولاية الله تبارك وتعالى على الناس وعلى المؤمنين «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»ومن ولاية الله ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله) الثابتة في القرآن والحديث في مثل قول الحق تبارك وتعالى في سورة آل عمران «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «ما من مؤمن الا وانا اولى الناس به في الدنيا والاخرة اقرؤا ان شئتم النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم»، ومن هذه الولاية النبوية تقديم النبي على النفس في كل شيء لانه دائماً الاولى منا بأنفسنا وهذا مفتاح الايمان، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين»، وقد جعل الله جل جلاله نفس النبي هي نفس علي بن ابي طالب (عليه السلام) في قوله تعالى على لسان نبيه في آية المباهلة المباركة «بسم الله الرحمن الرحيم، فقل تعالوا ندعوا ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم» روى ابن كثير عن جابر قال «انفسنا رسول الله وعلي بن ابي طالب» وهذا يعني تقديم اهل الطهر اصحاب الكساء والمباهلة الذين فرض الله مودتهم والصلاة عليهم وجعل لهم سهماً مع سهمه وسهم رسوله في مال الله وهذا يعني ان تقديم هؤلاء المطهرين هو تقديم للرسول، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما رواه الطبراني والبيهقي «لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من نفسه واهلي احب اليه من اهله وعترتي احب اليه من عترته وذريتي احب اليه من ذريته».
ان ولاية‌ الرسول هي ولاية الله وهذه الولاية قد جعلها الله سبحانه لاهل العصمة والطهارة المخصصين بآية التطهير واصحاب الكساء الذين رأسهم امير المؤمنين علي (عليه السلام) قال تعالى في سورة‌ المائدة «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» وما تصدق في ركوعه على الحقيقة الا علي.
واصطفاء الله تعالى لعلي (عليه السلام) واعلام الناس بهذا الاصطفاء في مناسبات عديدة على امتداد الرسالة المحمدية، وفي حوادث كثيرة اجمع على التصديق بها كل المسلمين. وفي لقاءات سابقة رأينا عدداً من هذه الحوادث والمناسبات وتعرفنا على تثبيت علي من قبل الله تعالى تثبيتاً يشير الى تمايزه وتوحده واستحقاقه للولاية الالهية بعد الرسول بلا منازع. في المسجد سد النبي جميع ابواب الصحابة المشرعة على المسجد الاباب علي وعند بناء قبا لم تسر الناقة من غير علي فأنها كانت مأمورة كما قال النبي (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله)، وفي ميدان من ميادين الحرب الحارجة ناجى رسول الله علياً ولم يناجي سواه، وفي ميدان من ميادين الحرب الحارجة ناجى رسول الله علياً ولم يناجي سواه، وفي منزل الرسول اخرج الله اناس وادخل علياً وفي خيبر اخذ الراية علي وما فتح الله الا على يديه. هذه الاحداث وسواها تدل حركتها على ان هناك ضوءاً الهياً معلوماً على شخص محدد يريد ان ينشر في الناس ثقافة معينة‌ بصيرة واضحة، في البداية جمع النبي عشيرته فأكلوا وشربوا ثم قال لهم عن علي وكان يومئذ اصغرهم سناً، ان هذا اخي ووصي وخليفتي فيكم فأسمعوا له واطيعوه، وانذار العشيرة والاقربين كان مقدمة لا لقاء الضوء على علي بن ابي طالب وهو ضوء في مركز الدائرة الصغيرة التي اراد الله ان تتسع شيئاً بعد شيء، واذا كان علي قد اصبح بعد مبايعة الرسول رأس القوم ورغم صغر سنه فأنه بنص آية سورة الرعد المباركة وفي الآية السابعة قد ارتقى الى مرتبة اعلى، قال الله تبارك وتعالى لرسوله «إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»، قال في الدر المنثور لما نزلت هذه الاية قال النبي لعلي (عليه السلام) «انت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي».
لقد كان الضوء يتسع ويمتد، اتسع وامتد يوم المباهلة ويوم الكساء ‌ويوم سد الابواب ويوم دعا الكتاب الكريم الى مودة ذوي القربى وسهم ذوي القربى الى غيرها من الايام المشهودة في تاريخ الاسلام حتى جاء اليوم الذي اعلن فيه النبي منقبة لعلي حكيمة في حركة الرسالة وتمايز خطوط الايمان من النفاق، روى مسلم عن علي (عليه السلام) قال «والذي فلق الحبة وبرء النسمة انه لوعد النبي الامي الي ان لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق»، وعن ابي سعيد الحذري قال «كنا نعرف المنافقين نحن معشر الانصار لبغضهم علي بن ابي طالب (عليه السلام وبدأت الدائرة الضوئية تتسع حتى كان يوم تيوك اليوم الذي قصد التيار التخريبي النفاقي الى اغتيال رسول الله وافتتاح مسجد الضرار وفتح الابواب لاستقبال الغزو الخارجي الذي تحمل اعلامه جيوش قيصر، والروايات تؤكد ان المنافقين ما كانوا يريدون علياً بن ابي طالب ان يظل في المدينة واستخدموا اسلوب الحرب النفسية ضد علي (عليه السلام) لكن النبي قطع عليهم حبل تفكيرهم وقلد علياً منقبة ارتبطت بمنقبة «لا يحب علياً منافق ولا يبغضه مؤمن» برباط وثيق.
قال النبي كما رواه مسلم «اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا بني بعد» وفي رواية: «انه لا ينبغي ان اذهب الا وانت خليفتي في كل مؤمن بعدي» وحديث المنزلة هذا رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم وقال ابن عساكر وقد روى هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، جماعة من الصحابة منهم عمر بن الخطاب وعلي وابن عباس وغيرهم. ومناقب علي لن تقف عند تدمير مسجد الضرار فالاحاديث الصحيحة تبين ان دائرة النور حول علي بدأت تتسع على شكل لم يسبق له مثيل بعد تبوك، والحوادث اللاحقة تكشف ان علياً كان يزداد مقامه بين الصحابة تألقاً بأمر من الله ورسوله وكانت قدراته (عليه السلام) ومواهبه الالهية المتفردة تتجلى اطراف منها للناس فيظفرون في علي ما لا يظفرونه في احد ويلاحق الوحي اعماله في توسيع دائرة الضوء المباركة لا اقامة المزيد من الحجة على الناس في ولاية علي بن ابي طالب (عليه السلام) التي هي امتداد اصيل لولاية الله وولاية رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة