يعتبر عيد الفطر في بعض المناطق كـمحافظات "خوزستان، وبوشهر، وهرمزكان، وسيستان وبلوشستان ومنطقة "تُركَمَن صحراء" في محافظة "كلستان"، عيداً أكبر.
ويحتفي الإيرانيون في أنحاء البلاد كسائر شعوب البلدان الإسلامية بعيد الفطر، ويمارسون فيه عاداتهم الخاصة ضمن أجواء من البهجة والسرور بعد شهر قضوه في طاعة الرحمن وعبادته.
ومع قدوم عيد الفطر يستعد الناس لاستقباله من خلال تنظيف البيوت وشراء الملابس وصناعة الحلويات والمأكولات والتصدق على الفقراء واستخراج زكاة الفطر.
وتبدأ في الأسبوع الأخير من رمضان عملية شراء ملابس العيد والإكسسوارات والحنة، خصوصا في الجنوب والجنوب الشرقي والغربي من إيران، في حين يتم اقتناء القمح وبعض الحبوب واللحم استعدادا لطبخ الوجبات التقليدية في العيد كالـ"آش"، و"حليم"، و"هريسه" (هريس).
أما في المدن العربية لمحافظة "خوزستان"، الواقعة جنوب غرب إيران، يختلف الوضع كثيراً، حيث يعتبر عيد الفطر العيدَ الأساسي للعرب، وهو عيد تراثيّ لهم أكثر من أن يكون دينياً، وله طقوس ومراسم خاصة، تبدأ قبل أيام من يوم العيد وتستمرّ لعدة أيام.
يكتظ أسواق مدن خوزستان بالبائعين والمتسوقين ويسهر العربُ حتى الصباح في الأسواق في الأيام المنتهية بعيد الفطر.
ويقوم العرب في أهواز باستعدادات لاستقبال عيد الفطر، حيث يعملون قبل يوم العيد ببضع أيامٍ بتنظيف المنازل وتغيير أثاثها وشراء أواني منزلية جديدة وملابس العيد والحلويات.
ولدى العرب هناك تقاليد خاصة تبدأ قبل بضعة أيام من نهاية شهر رمضان أهمّها يوم "أمّ الوُصَخ" (أمّ الوَسَخ)، ويقوم العربُ في هذا اليوم بتنظيف المنازل وتحضيرها لمجيء العيد والضيوف. وفي اليوم التالي يأتي "أمّ الحَلَس" والذي يختص ّبالنظافة الشخصية.
صباح العيد تقام صلاة العيد في جميع الجوامع، فيهمّ إليها من يصلّون. وبعد صلاة العيد يبدأ الشباب بالـ"الهوسات" (الدبكات) التي يلقون فيها الأشعار من منزل أحد الأقارب الذين قد فقدوا عزيزاً لهم خلال السنة الأخيرة، ثمّ يتّجهون مرتدين الأزياء العربية والتي تشمل "الدّشداشة" و"الكوفية" و"العقال"، نحو منزل الأقارب الأكبر سناً، ثم إلى منازل جميع الأقارب والأصدقاء، تاركين خلفهم كلّ خلافاتهم الماضية، فلا مجال في العيد لأي زعل قديم. ويذكر أن إقبال الشباب العرب في الأهواز على ارتداء الأزياء العربية أصبح يتزايد في السنوات الأخيرة.
تكون أبواب كلّ المنازل المعطّرة بالبخور في هذا اليوم مفتوحة أمام المعايدين الذين يدخلون البيوت هاتفين: "عيدكم مبارك يا أهل البيت"، "عيدكم مبارك وأيامكم سعيدة" و"عساكم من عواده".
يتبادل المحتفلون التهاني ويتناولون الحلويات والمكسرات والقهوة العربية على موائد تفرش في البيوت والتي تسمى بـ"سُفرة العيد". وتسمى كلّ هذه الطقوس بـ"المعايدة". وتقام احتفالات شعرية و موسيقية في المدن بحضور الشعراء و الفنانين والجماهير. أما بعض العوائل التي فقدت في الأشهر الأخيرة أحد أفرادها فتذهب إلى المقبرة لزيارة الأموات في صباح يوم العيد.
احتفالات التركمان
يعتقد التركمان في شمال شرقي إيران أن أول من يرى هلال شوال ينال أجرا يساوي أجر رمضان كله، لذا يتسابقون لرؤيته، في حين يفطرون صباح العيد على عدد فردي من التمور ويخالفون الطريق الذي جاؤوا منه بعد أداء صلاة العيد تبعا للسنة النبوية.
وفي الليلة الأخيرة من رمضان وقبل صلاة العيد يودع المصلون في إيران شهر رمضان ضمن حلقة قرآنية يختم فيها القرآن ويرفع الدعاء، وينشدون فيها الأناشيد الموسمية، مثل "وداع خوانى"، ويودعون رمضان بأبيات شعرية باللغة الفارسية، ومنها "الوداع الوداع يا رمضان" و"عليك السلام يا رمضان".
ويتجه المصلون بعد الاستحمام وارتداء الملابس الجديدة إلى المساجد والمصليات المسماة "عيد كاه " (مكان العيد) لأداء صلاة العيد، فيكبرون قبل الصلاة ويصلون على النبي.
وتعتبر صلاة عيد الفطر من أكبر الاجتماعات التعبدية لدى الإيرانيين، لأن كل المسلمين في القرى والمدن يقومون بها معا في جميع أنحاء البلاد.
احتفالات بلوشستان وكردستان
توزيع زكاة الفطر وزيارة القبور وزيارة الأقارب والأصدقاء هي من أهم الأعمال التي يقوم بها الإيرانيون في أول أيام العيد، وتستمر ثلاثة أيام في منطقتي كردستان وبلوشستان جنوبي إيران.
ويصافح الناس بعضهم بعد صلاة العيد مستخدمين جملة "طاعات وعبادات قبول" في المعايدة، ثم يتجهون بعدها نحو المقابر لقراءة الفاتحة على ذويهم ويغسلون القبور ويدعون لهم بالرحمة والمغفرة.
وفي بعض المدن مثل يزد وكرمان وأصفهان وسط إيران يحتفل الإيرانيون بالعيد عبر قراءة القرآن وتوزيع النذور والصدقات في المقابر عن أرواح الأشخاص الذين فقدوهم.
أما لدى بعض المدن والقرى الإيرانية فيوزع الفطور على المصلين بعد صلاة العيد، ويذهب المصلون في حالات أخرى إلى بيت كبير القرية أو إمام الجامع لتناول الفطور، وتتكون المائدة عادة من "الآش" والهريسة" (هريس)، في حين يوزع عليهم الخبز والجبن والخضروات في مدن أخرى، مثل مدينة شيراز بجنوب إيران.
ومن ضمن احتفالات العيد، يخصص الأهالي وقتا لزيارة البيوت التي لم تحتفل بالعيد بسبب وفاة أحد أفراد العائلة إن كان من مدة قريبة أو من السنة الماضية، ويطلب منهم كبار القوم استبدال ملابسهم السوداء بألوان فاتحة، ويزورون بيوت المرضى الذين لم يتمكنوا من الحضور والمشاركة في أعمال العيد مع سائر المصلين.
احتفالات النساء في يزد
تجتمع النساء في مدينة يزد وسط إيران، ويتجهن نحو منزل السيدة التي كانت تقيم الحلقات القرآنية خلال رمضان في بيتها، فيقدمن لها الشكر والعرفان على مجهودها خلال فترة رمضان، في حين تستقبل السيدة التي وصلت إلى سورة الإخلاص وقرأتها خلال دورها في الحلقات جميع المدعوات.
أما المخطوبون فلهم قصة أخرى في العيد، حيث ترسل عائلة العريس هدية إلى العروس وأهلها تتمثل عادة في خروف أو فاكهة ومكسرات أو سجاد أو ذهب أو قماش أو إكسسوارات، في حين ترسل عائلة الفتاة هدية غالبا ما تكون من الملابس إلى عائلة العريس.
ولا تغلق أبواب المنازل خلال يوم العيد في كثير من المناطق -خصوصا في المدن الصغيرة- وتترافق الناس مع أصحابها لزيارة بيوت الجيران والأقارب والأصدقاء، ويطلبون منهم العفو عما مضى، في حين يحل كبير القوم خلافات بين الأشخاص في هذا اليوم.
ومن الضيافات المعتمدة في البيوت طوال أيام العيد هي الحلويات والفاكهة والمكسرات والشاي أو القهوة، كما يتناول جميع أفراد العائلة الغداء في بيت كبيرهم في أول يوم من العيد.
كما يستغل الكثيرون عطلة العيد للسياحة والتجول والنزهة حيث تشهد الطرقات خلال هذه الفترة ازدحاما كبيرا.