المذيعة: بسم الله الرحمن الرحيم. اعزاءنا المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اهلاً ومرحباً بكم في برنامج دراسات مقارنة في الادب الفارسي والاداب الاخرى والذي يكتبه ويشرف على تقديمه الدكتور عباس العباسي.
اعزاءنا مازلنا نتابع معكم هذا النمط من الادب الفارسي الا وهو القصص الفارسي ومدى تأثيره وتأثره بالاداب الاخرى وقد عرفنا ان الشاعر الفارسي الكبير الكنجوي هو رائد هذا الفن القصصي المنظوم وقد صاغ كثيراً من القصص التاريخية الشهيرة شعراً رائعاً وحذا حذوه كثير من الشعراء الذي جاءوا بعده امثال الشاعر الصوفي الكبير عبد الرحمن الجامي وامير خسرو الدهلوي ومن الشعراء الترك امثال الشاعر التركي اللامعي والشاعر احمدي. اما القصص التي نظمها النظامي فهي مخزن الاسرار وخسرو وشيرين ومجنون ليلي وهفت بيكر واسكندر نامة، ونحن اليوم احبتنا المستمعين نقدم لكم دراسة عن خامس منظومات النظامي الشعرية وهي قصة الاسكندر، يسعدنا ان خبير البرنامج الدكتور عباس العباسي متواجد معنا في الاستوديو، اهلاً ومرحباً دكتور.
الخبير: اهلاً وسهلاً بكم وبالمستمعين ايضاً.
المذيعة: سنناقش معك دكتور قصة هذا البطل التاريخي الاسطوري لكن بعد الفاصل.
المذيعة: نعم دكتور، من هو الاسكندر وكيف دخلت قصته الادب الفارسي؟
الخبير: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين. توكلنا عليه واليه ننيب، نعم الاسكندر المقدوني المعروف بذي القرنين هو بطل تاريخي معروف وكان في القرون الوسطى اصبح بطلاً اسطورياً، صاغوا حوله كثيراً من التراث القصصي والاساطير وقد انتشرت هذه الاساطير واثرت في الادب الاوربي وفي الشعراء وفيما نظموه من سيرته ذلك في الاداب الاوربية بل تجاوز كثيراً من الاداب الشرقية وعرفت للاسكندر سيرة منظومة ومنثورة في الادب الشرقي، نعم هذا الرجل شخصية عالمية ولقد رأينا له في الادب الفرنسي قصة منظومة بأسم قصة الاسكندر بلغت اكثر من عشرين الف بيت وقام بنظم هذه المنظومة شاعران هما لامبيرتور والاكساندر دي برناي، نظم هذه القصة وتضم هذه القصة مادة اسطورية واخرة لكنها ايضاً لا تخلو من لمحات وحقائق التاريخ وانت تعرفين ان الاسكندر شخصية تاريخية وقد ذكر في القران الكريم فهو ليس اسطورياً بحتاً وانما دارت حوله اساطير، وفي هذه القصة مما يلفت النظر ان في هذه القصة هناك اساطير تحيط بحتى ارسطو الفيلسوف اليوناني الذي كان معلماً للاسكندر فتصور ارسطو وقد ذهب مع الاسكندر الى الهند وهناك وقع الاسكندر اسيراً لحب فتاة هندية وهذا الحب جعله يفقد عقله وينساق انسياقاً وراء هواه.
المذيعة: دكتور هل من موذج من هذه الاساطير التي ادخلت الفيلسوف الكبير ارسطو في هذه القصة المثيرة؟
الخبير: نعم هناك قصة منظومة شعرية للشاعر الفرنسي هنري انديل عنوانها قصيدة ارسطو وخلاصة القصة انا الخصها، خلاصة القصة ان الاسكندر وقع اسيراً كما قلنا في حب امرأة هندية جعلته يفقد صوابه وهنا لامه استاذه ارسطو والقصة تقول هذا فوعد بالانصراف عن هذا الحب وفعلاً امتنع عن حب تلك المرأة الهندية امتثالاً لنصيحة استاذه ارسطو لكنه اي الاسكندر اصيب بالكابة لانه لم يطق فراق هذه الحبيبة وذات يوم سألته هذه الهندية عن سر مأساته او سركابته فحدثها عما كان من قصته مع ارسطو وكيف نصحه وهنا قررت تلك المرأة الساحرة على الانتقام من ذلك الفيلسوف الجاف على حد زعمها طبعاً فطلبت من الملك (ملك الهند) ان ينظر من نافذته الى الحديقة عند الفجر وبالفعل قام الملك بالنظر من النافذة الى الحديقة فرأى المرأة وقد سيطرت على الفيلسوف روحاً وجسداً وتلاعبت بشخصيته الى حد لا نستطيع الادلاء بما فعلت به من استهجان وطبعاً هذه كما قلنا اسطورة لا صحة لها وشاع هذا التصور عن ارسطو ذلك الفيلسوف في الاوساط الشعبية في اوربا لا سيما خلال القرون الوسطى وكان ذلك نتيجة تأثير هذه القصص، قصة اسكندر لها صور متعددة في اداب مختلفة لا ننسى اننا نريد ان نتتبع اثار القصة في الاداب المختلفة وهذا غرض الادب المقارن وقد يتساءل المستمع اين المقارنة؟ نعم هذه المقارنة.
المذيعة: دكتور ما هي جذور هذه القصة؟
الخبير: لهذه القصة جذور مختلفة وهناك محقق وباحث كبير هو واليس بدج، باحث صرف الكثير من جهده في دراسة قصة الاسكندر، الى ان وصل الى هذا الرأي على ان هذه القصة الاسطورية من صنع مؤلف مصري تعرفين ان الاسكندر كان في مصر او لمؤلف يوناني استخدم مواد مصرية وبعد موت الاسكندر نظمها ودونها بزمن قليل.
المذيعة: دكتور هل تقصد من مواد مصرية استخدم احداث مصرية او اشخاص رواية مصرية او ماذا؟
الخبير: سؤال في مكانه، يبدو ان المواد المصرية يعني الزمان والمكان والشخصيات ونعرف ان الاسكندر كان في مصر ويحكم في مصر وللمصريين معه مواقف وله ايضاً معهم وعليهم ولهم، لذلك كانت مواد القصة لابد ان تكون فيها مواد مصرية، نعم ايضاً دخلت هذه القصة في الاداب الشرقية المختلفة مثلاً اللغة السريانية والحبشية والارمنية، دخلت صور مختلفة من هذه القصة، اما في الادب العربي فدخلت كثير من المقتطفات في التاريخ وفي الادب وبالنسبة للادب الفارسي وهو مدار بحثنا نظم هذه القصة من شعراء الفرس رائد هذا النمط من الشعر كما تفضلتي في المقدمة من القصص المنظومة هو الشاعر الكبير النظامي الكنجوي وخص اكبر منظوماته للاسكندر وهي فعلاً تعتبر قصة الاسكندر او منظومة الاسكندر المعروفة باسكندر نامة اكثر من عشرة الاف بيت وهي اطول قصص النظامي المنظومة المسماة بخمسة نظامي.
المذيعة: اذن دكتور نواصل الحديث معكم بعد قليل انشاء الله.
المذيعة: دكتور حبذا لو اختصرت بعض وقائع هذه القصة والمناهل التي نهل منها الشاعر الكبير النظامي الكنجوي؟
الخبير: قصة الاسكندر التي نظمها النظامي الكنجوي تحت عنوان اسكندر نامة هي في الحقيقة المثنوي او المنظومة الخامسة من منظومات كما قلنا الخمسة تعرف بخمسة نظامي، المثنوي وهي صيغت شعراً بشكل مثنوي والمثنوي هو الشعر المعروف بالمزدوج والشعر المزدوج يعني تأتي القافية في نهاية كل مصراع ونهاية الشطر الاول من البيت ونهاية الشطر الثاني ولكل بيت قافية تعاد فيه وتذكر في اخر المصراع الاول واخر المصراع الثاني او ما يسمى الشطر الاول والشطر الثاني، والمثنوي فيه قوافي على عدد الابيات والقوافي تختلف طبعاً ويختلف عن القصيدة. النظامي قسم هذه المنظومة الى قسمين، الاول سماه شرفنامه ويشمل على حروب الاسكندر وفتوحاته اما القسم الثاني فسماه اقبال نامة وفي اقبال نامة يضفي النظامي على الاسكندر طابعاً فلسفياً وحكمياً فيبدو هنا فيلسوفاً حكيماً، نظم النظامي قصته هذه الاسكندر نامة في بحر المتقارب مثل الشاهنامه للفردوسي وقد تأثر النظامي بما نظمه الفردوسي من قصة الاسكندر وان سألتيني عن المناهل او المصادر التي اخذ منها، لقد اطلع النظامي على مصادر اخرى في القصة وكانت منشرة بلغات مختلفة، اما ملحض محتويات القسم الاول الذي عرف بشرفنامه فهي الفتوحات كما تصورها القصة الاسطورية لا تاريخ الاسكندر السياسي، طبعاً اسلوب النظامي في هذه المنظومات يقدم للقصة بمقدمات مثلاً يبدأ بالثناء على الله سبحانه وتعالى ومناجات رب العالمين ثم يبدأ بنعت الرسول الاكرم(ص) والحديث عن المعراج ثم يتحدث عن نظم القصة واسباب نظمها كما يتكلم عن فضل القصة وقيمتها وعادة يقدم موجز مثلاً في هذه القصة يقدم موجز عن وقايعها ثم يبدأ بسرد الوقائع، مثلاً في هذه القصة يبدأ بنسب الاسكندر ونشأته ونتعلمه ثم كيف استسلم الملك بعد ابيه، اما اعمال الاسكندر وبدأه بالعمل والحكم فقد بدأ بقدوم المصريين اليه الذين رفعوا شكوى ضد ظلم الزنوج فتوجه الاسكندر لحرب الزنج ورجع مظفراً وتبدأ بعد ذلك مقدمات الصراع بين الاسكندر ودارا ملك ايران في ذلك الوقت وينتهي هذا الصراع بأستيلاء الاسكندر على ايران وتخريب معابد النار ويتزوج الاسكندر روشنك ابنة دارا الملك ثم يجلس على عرش ايران بعد ذلك يتوجه غرباً (هذه حركات اسكندر سيره في العالم) يتوجه غرباً ويزور الكعبة ثم قصد جبال البرز والري وخراسان ثم اتجه الى الهند كل هذا اتى شعراً في هذه المنظومة اسكندرنامة وتوجه من هناك الى الصين ثم رجع الى بلاد الروس وفي الحقيقة التقى بهم في حروب، في سبعة حروب انتصر على الروس فيها وفي ختام المنظومة يروي النظامي قصة ماء الحياة، الذي ان شربه الانسان لا يموت وهذه اسطورة طبعاً وهذا ماء الحياة ونحن عرفناه في قصص كثيرة وتعرفين ان هذه القصص دخلت بين الناس وبين الشعوب، موقع هذا الماء في الظلمات، الاسكندر يدخل هذه الظلمات بحثاً عن ماء الحياة ولكن لن يظفر بمبتغاه وفي النهاية يعود الى بلاد الروم.
المذيعة: يعني هو يقصد بالظلمات اعتقد الظلمات اعتقد الظلمات هي المحيط الهادي كما جاء في بعض القصص والروايات.
الخبير: احسنت احسنت.
المذيعة: نعم دكتور هذا عن القسم الاول وهو شرفنامه ماذا عن القسم الثاني ولو بأختصار لان الوقت يبدو قد ادركنا؟
الخبير: كما هو معتاد طبعاً الوقت دائماً يدركنا، في القسم الثاني وهو المسمى بأقبال نامة هناك مجموعة حكايات للاسكندر مع الفلاسفة والحكماء كما قلنا ان النظامي يصور الاسكندر في هذا القسم وهو اقبال نامه وهو اقل من القسم الاول من شرفنامه يصور الاسكندر فيلسوفاً وحكيماً ومن هذه الحكايات مثلاً قصة الاسكندر مع سقراط وحديثه مع حكيم الهند وخلوت الاسكندر مع سبعة من الحكماء وايضاً اقوال ارسطو واليس وبليناس وسقراط وهرمس وافلاطون والاسكندر عن الخلق الاول ثم تنتقل القصة بعد ذلك الى وصول الاسكندر الى النبوة والى اراء الحكماء واقوالهم وبعد ذلك يذكر النظامي سبب تسمية الاسكندر بذي القرنين وكل هذا يدل على اقلاع النظامي الواسعة على العلوم وايضاً كثرة المصادر التي استقى منها هذه المنظومة.
المذيعة: دكتور عرفنا ان النظامي الكنجوي الشاعر الايراني الكبير كان رائداً للقصة المنظومة وقد تأثر به كثيراً من الشعراء الفرس وغير الفرس فمن هم يا ترى الذي تأثروا بهذه القصة؟
الخبير: هذه القصة يعني قصة اسكندر للنظامي اصبحت من موضوعات الشعر القصصي الاسلامي بعد النظامي ونظمها بعده الشاعر الهندي امير خسرو الدهلوي والشاعر الصوفي الكبير عبد الرحمن الجامي وتحت عنوان اسكندر نامة ولها اسم آخر بأسم "خردنامه اسكندري" يعني حكمة الاسكندر وكما دخلت القصة الشعر التركي وطبعاً هذا هو العمل المقارن هنا وكما يعرف المستمع الكريم يكون بين لغتين مختلفتين، اما اذا كانت المقايسة او المقارنة في لغة واحدة بين السعدي وحافظ فتلك تسمى موازنة اذن المقارنة اريد ان اكرر وهو موضوعنا تأخذ موضوعاً من ادب فارسي وادب تركي يكون هذا العمل مشترك في موضوع واحد، دخلت القصة الشعر التركي العثماني وقد نظم الشاعر التركي مثنوياً (حمدي) بعنوان اسكندرنامه في القرن الرابع عشر الميلادي، وهناك شاعر تركي غير معروف كثيراً يدعى فغاني نظم القصة مثنوياً في القرن الخامس الميلادي.
المذيعة: هل من الاداب العربية من نظم شعراً حول الاسكندر المقدوني؟
الخبير: انا لم ارى ولكن للاسكندر قصص منثورة ومقتطفات في التاريخ، هذا العمل يعني عمل المثنوي والمنظوم رائج جداً في ايران ولايران اليد الطولى وقصب السبق في هذا النوع من الشعر المنظوم.
المذيعة: نعم احبتنا المستمعين في ختام هذه الحلقة من برنامج دراسات مقارنة في الادب الفارسي والاداب الاخرى التي تناولت قصة الاسكندر. نشكر الدكتور عباس العباسي على حضوره وشرحه لنا هذه القصة التاريخية الاسطورية ونشكركم مستمعينا الكرام على استماعكم وانشاءالله نلتقي بكم في الاسبوع المقبل.
الخبير: وانا دعيني اشكركما انت واشكر اسرة البرنامج لا سيما المخرج الذي اخصائي في عمله في الحقيقة ومحترف انا اعترف به الاستاذ علي حيدر واشكرك اختي سحر زيني واشكر اسرة البرنامج جميعاً كما اشكر المستمعين الكرام على حسن استماعهم والسلام عليكم.
المذيعة: شكراً دكتور والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******