البث المباشر

قصة مجنون ليلى (الجزء السابع)

الثلاثاء 15 يناير 2019 - 15:06 بتوقيت طهران

الحلقة 21

أعزائنا المستمعين، سلام من الله عليكم، نحييكم ونرحب بكم اجمل ترحيب في برنامج دراسات مقارنة في الادب الفارسي والآداب الاخرى.
الذي يكتبه ويشرف عليه الدكتور عباس العباسي، استاذ الادب العربي.
أحبتنا في كلّ مكان، نشكركم على متابعتكم برنامجكم هذا، وللمستمعين الاعزاء الذين اسعدونا بالتحاقهم بجمع مستمعي هذا البرنامج أخيراً، نشير إلى ما قدمناه خلال العشرين حلقة الماضية، جرداً، اصدقائنا الاعزاء، يسعدنا أن قام هذا البرنامج بدراسة مكثفة عن مسيرة اللغة الفارسية وآدابها وموضع ملتقاها وتأثيرها وتأثرها باللغات العالمية الاخرى، منذ القرن السادس قبل الميلاد إلى يومنا هذا.

*******

أعزائنا، في هذه المسيرة الادبية وفي هذه الرحلة الطويلة، وقفنا على بعض الآثار الادبية في ما قبل الاسلام. أما في العصر الاسلامي فقد تابعنا تطورات اللغة الفارسية وآدابها، من ظهور النثر والشعر وتطورهما وتأثيرهما وتأثرهما باللغة العربية وآدابها، فركزنا على الشعر وكانت لنا مع الشعر القصصي بانواعه الملحمية والغرامية والدينية والصوفية، وقفه' طويلة'، تناولنا فيها مكانة الملحمة الفارسية الكبرى الشاهنامة للشاعر الحكيم الفارسي، أبي القاسم الفردوسي، بين الملاحم العالمية، فقمنا بمقارنة بين هذه الملاحم. ثم انتقلنا من الشعر الملحمي إلى الشعر الديني فأخذنا قصة النبي (يوسف عليه السلام وزليخا) مقارنة بين الآداب العربية والفارسية والتركية والاردية. اما قصة مجنون ليلى فكان لها القدح المعلّى بين دراساتنا حتى الان، إذ أخذت منّا ست حلقات بكاملها، تناولنا فيها الحبّ وانواعه منها العذري والصوفي، ثم عالجنا ظاهرة الجنون في القرن الاول الهجري فوجدناها عندهم صفة محمودة تعني الايمان والفقر إلى الله سبحانه.
وفي هذه الحلقة نتابع معكم اعزائنا، أحداث الجزء السابع من قصة مجنون ليلى التي كانت مثار البحث والدراسة طيلة اكثر من سبعة قرون.
ومعنا في الاستوديو خبير البرنامج ومؤلفه، الدكتور عباس العباسي الطائي استاذ الادب العربي والخبير باللغة الفارسية وآدابها.
نحييه:

*******

أظننا قد تركنا المستمعين الاعزاء في الانتظار منذ اكثر من حلقة ونحن، نقول: نريد أن نتحدث عن الشعراء الايرانيين الذين نظموا قصة مجنون ليلى شعراً جميلاً، ألم يحن الوقت للدخول في هذا الموضوع لنرى شخصية قيس في الادب الفارسي؟
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على النبي الكريم وآله الطاهرين تحيتي الى المستمعين الكرام.
ـ ألحق معك، كلما حاولنا الخروج من هوامش القصة ندخل في هوامش أخرى، فقد تكلمنا كثيراً عن الحب العذري والحب الصوفي، دون أن ندخل في صميم أحداث القصة. ولكن طبيعة بحثنا وهو المقارنة لا تتابع سير أحداث القصص، وإنما يبحث الادب المقارن عن المشتركات الادبية. وعلى كل حالٍ، نحن نحيل المستمعين الاعزاء الراغبين في مطالعة ومتابعة أحداث قصة مجنون ليلى إلى المصادر التالية:
۱ ـ الا غاني لابي فرج الاصبهاني المجلد الثاني ص ۳ ـ ۸۰ دار المكتبة العلمية.
۲ ـ مقدمة ديوان قيس بن الملوّح، رواية ابي بكر الوالبي، دراسة ويتعلق يسري عبدالغني.
۳ ـ مصارع العشاق.
٤ ـ الحياة العاطفية بين العذرية والصوفية للدكتور المرحوم محمد غنيمي هلال.
٥ ـ المنظومات الفارسية، للشعراء الايرانيين وترجماتها العربية، وهي منظومات النظامي الگنجوي، وامير خسرو الدهلوي وعبدالرحمن الجامي وهاتفي.

*******

المذيع: يبدو أن الشاعر الكبير نظامي الگنجوي هو أول من بدأ نظم قصة مجنون ليلى، فهل صحيح أم أن هناك من سبقه إلى هذا العمل؟
خبير البرنامج: كما أن الفردوسي كان فارس ميدان الملاحم القصصية فإن النظامي كان له قصب السبق في مجال القصص الشعري وله فيه عبقرية خصبة وفن رفيع، حتى أن الاديب عند المنعم حسنين يقول في كتابه عن النظامي، … لم تعرف الانسانية في زمانه شاعراً يدانيه في فنه.(۱)
والغريب ان التاريخ لم يحفظ لنا سوى القليل عن حياة نظامي الگنجوي، فهو أمير الشعر القصصي بلا منازع وعرفنا عنه أنه كان متصوفا في حياته ولم يسع وراء الملوك والامراء، وقد ترك تراثاً شعرياً عظيماً في الشعر القصصي وصل الينا باكمله، ويتكون هذا التراث من منظومات خمس، أشتهرت باسم خمسة نظامي واشتهرت كذلك باسم( پنج گنج)، اي الكنوز الخمسة، وقد بلغ عمق تاثير نظامي على من جاء بعده من شعراء الآداب الاسلامية غاية التأثير.
المذيع: وهل لهذه الكنوز الخمسة السماء مستقلة؟
خبير البرنامج: نعم، أولى هذه المنظومات، تدعى مخزن الاسرار وهي مثنوي (من الشعر المزدوج) وليست من الشعر القصصي بل مثنوي اخلاقي وفيها بعض الحكايات الاخلاقية اما الكنز الثاني فهو قصة خسرو وشيرين.
وهي تحفة أدبية رائعة حافلة بالخيال والرقة وتصوير العواطف تضم بين فنيها قصة من قصص الحبّ بين الملوك وخسرو هو، كسرى پرويز بن هرمز الرابع حفيد كسرى أنو شيروان كان يعيش في اوائل القرن السابع الميلادي وقد يكون لنا مع القصة وقفة أخرى لما فيها من قيمة أدبية.
المذيع: و أين تقع قصة مجنون ليلى بين هذه الكنوز الخمسة؟
خبير البرنامج: نعم … حقاً أنها أشهر قصص الحبّ التاريخية في الآداب الاسلامية.
المذيع: وهل تزيد شهرتها على قصة (يوسف وزليخا)؟
خبير البرنامج: تعتبر قصة يوسف وزليخا من القصص الدينية اكثر منها قصة من قصص الحبّ، أما قصة مجنون ليلى فهي تزخر بالعواطف والاحداث الحزينة، حتى تصل إلى اؤجها في التراجيديا عند موت الحبيبين ولا نرى من هذا شيئاً في قصة يوسف وزليخا.
المذيع: حسن كنا نبحث عن الكنوز.
خبير البرنامج: عجباً! وهل نحن في فلم من أفلام الباحثين عن مناجم الذهب؟
المذيع: إن هذا ذهب ولكنه من كلام.
خبير البرنامج: لكن المثل يقول: إذا كان الكلام من القصة فالسكوت من الذهب وعلى كل حال، الحق معك فإن كنوز نظامي لا تفنى وكنوز الذهب فانية، وأما قصة مجنون ليلى فهي الكنز الثالث وسنتحدث عنها بشيء من التفصيل قريباً بعد أن نذكر ما تبقى من كنوز النظامي، والكنز الرابع وهو المنظومة الرابعة تسمى (هفت پيكر) اي (الصور السبع) وتسمى ايضاً (هفت گنبد) اي القباب السبع وتسمى ايضاً (بهرام نامه) اي كتاب بهرام، وهي قصه (بهرام گور) وهو الملك الساساني الخامس في القرن الخامس الميلادي.
ولنا ايضاً مع قصة (هفت پيكر) اي (الصوّر السبع) حديث مستقل في المستقبل القريب.
المذيع: وماذا عن الكنز الخامس والاخير؟
خبير البرنامج: الكنز الخامس هو (اسكندر نامه) اي كتاب الاسكندر وقد قسّمه النظامي إلى قسمين احدهما شرفتانامه، وهو يشتمل على حروب الاسكندر وفتوحاته والقسم الثاني وهو (اقبال نامه) وفيه يصور نظامي الاسكندر فيلسوفاً حكيماً وهذه القصة اطول قصص النظامي الگنجوي.
المذيع: يبدو أن النظامي فد استأثر لنفسه بهذه الحلقة من برنامجنا بكاملها. وهو كفؤ لذلك، فلنكمل بقية هذه الحلقة بما وعدتنا عن الحديث حول قصة مجنون ليلى التي نظمها النظامي فما رأيك؟
خبير البرنامج: رأيك هو الصواب لأن منظومة مجنون ليلى للنظامي تعتبر نقطة عطف في الشعرالقصصي ومنها انطلق سائر الشعراء الاسلاميين بنظم هذه القصة الحزينة. فمنذ ظهرت هذه القصة حققت لجاحاً منقطع النظير وقد أدى الاقبال عليها إلى كثرة الاقدام على نسخها فالنسخ الخطية لهذه المنظومة كثيرة ومنتشرة في مختلف أرجاء العالم الاسلامي … وقد أضيفت إلى القصة اضافات كثيرة خلال العصور.

*******

المذيع: وهل أجريت محاولات لفرز النصوص الأصلية من النصوص الدخيلة؟
خبير البرنامج: نعم، حاول العالم الايراني الدكتور وحيد دستگردي فصل نصّ منظومة نظامي عن الاضافات التي ألحقها بها خيال الآخرين.
المذيع: وكيف كان أسلوب نظامي الگنجوي في نظم قصة مجنون ليلى؟ ومن الذين ساروا على نهجه؟
خبير البرنامج: وضع نظامي إطاراً لقصته، نستطيع أن نلخصه كالآتي:
۱ ـ هو أول من نسق المادة العربية التي وجدها حول قصة ليلى والمجنون في إطار قصصي متسلسل، وكان لبراعته القصصية فضل كبير في إضفاء الوحدة على مجموعة من الروايات المتناثرة.
۲ ـ نظامي أول من أضفى على القصة طابعاً صوفياً.
۳ ـ النظامي شاعر موسوعي الثقافة وقد أرود في شعره كثيراً من القضايا الثقافية وأشار إلى كثير من معارف زمانه.
ـ أما الشعراء الذين ساروا على نهج نظامي فهم الشاعر الفارسي الكبير سعدي الشيرازي، وامير خسرو الدهلوي وهو من اصل تركيّ من بخارا ومن مواليد الهند، ثم الشاعر الصوفي الكبير عبدالرحمن الجامي وابن اخته هاتفي، وسنفرد لهؤلاء حلقة من هذا البرنامج وهي القادمة بعون الله.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة