فيما يتعرض المحتجون السلميون اليوم في مواكب الواحد والعشرين من نوفمبر لقمع بالغ في الشوارع، تم التوقيع على إتفاق سياسي بين الجنرال عبد الفتاح البرهان وعبدالله حمدوك في حضور القوى العسكرية والمدنية من القيادات الإنقلابية، في تطور سياسي مفاجئ يستدعي توضيح موقف حزب المؤتمر السوداني بوضوح لا يدع مجالا لشك أو إلتباس:
أولا ً : نرى أن الإتفاق السياسي لم يخاطب جذور الأزمة وتمت صناعته على عجل في الغرف المغلقة بعيداً عن قوى ثورة ديسمبر الحية ودون عناء مشورتها، في حين يقبع عدد كبير من قياداتها من القوى السياسية والمدنية تحت عسف الإعتقال السياسي التعسفي.
ثانياً : إستناداً على ذلك وبما أن الدكتور عبد الله حمدوك تم تعيينه سابقاً في منصبه من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، فإن إنفراده بقرار توقيع هكذا إتفاق دون تفويض يعتبر عملاً فاقداً للشرعية وخارجاً عن الإطار الدستوري الحاكم والمعترف به والمتمثل في الوثيقة الدستورية لعام ٢٠١٩م وتعديلاتها في ٢٠٢٠م بناء على إتفاق سلام السودان في جوبا.
ثالثا : أن المبررات التي إستند عليها الإتفاق جانبت الموضوعية والحقيقة، لأنها أعادت تسمية الإنقلاب العسكري بالتصحيح، وأرجعت مسؤولية أسباب الأزمة السياسية إلى الأحزاب السياسية، في حين أن كل الوقائع تدل بأنها أزمة مصطنعة تم التهيئة لها من قبل الإنقلابيين عبر خنق البلاد أمنياً واقتصادياً وصناعة واجهة مدنية سياسية موازية لقوى إعلان الحرية والتغيير لتصبح أداة طيعة في يد الإنقلابيين وتوفر لهم غطاء سياسيا للإنقلاب على الدستور وما تبعه من إنتهاكات بالغة لحقوق السودانيات والسودانيين في الحياة والحرية والعيش الكريم.
رابعاً : إننا نعتبر ان الإتفاق السياسي الحالي هو شرعنة صريحة لإستمرار النظام الإنقلابي في الحكم، ويعد تهديداً خطيرا لإستقرار البلاد وأمن مواطنيه لما يمنحه من صلاحيات لقوى متعددة لا تؤمن بالتحول المدني الديمقراطي أو بحق الشعوب في تقرير مصائرها و مستقبلها، شاركت في التمهيد للإنقلاب ودعمته تحقيقا لمصالح متباينة وأجندات متضاربة ليس من بينها المصلحة الوطنية، وهو ما ينذر بإنفجار هذا النظام داخليا وتحويل البلاد إلي ساحة صراع إقليمي محتدم.
خامساً : غاب عن الاتفاق أهم نقاط الخلاف التي دفعت الإنقلابيين إلي تنفيذ خطوتهم غير المحسوبة والمتمثلة في نقل رئاسة المجلس السيادي للمدنيين، وإدارة السلطة السياسية المدنية لعملية إصلاح المنظومات الأمنية والعسكرية، وولاية الدولة على المال العام بما فيه الشركات التابعة لتلك المنظومات.
سادساً : غاب عن الإتفاق ايضاً أهم الشروط المفتاحية الضامنة لإنجاح التحول المدني الديمقراطي واستقرار البلاد مستقبلا والمتمثلة في خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية، وتوحيد آلية تحديد السياسات الخارجية للسودان وإتخاذ القرارات الخاصة بها ضمن السلطة السياسية المدنية.
سابعاً : إن أي اتفاق لا يشمل محاسبة الإنقلابيين من المكونين العسكري والمدني يعني تمهيد الطريق لتكرار الإنقلاب مرة أخرى في المستقبل، والمساهمة في قبول وترسيخ نمط الإفلات من العقاب وقبول سلوك الإستيلاء على السلطة بالقوة.
لقد جاء رفض الجماهير الحرة الثائرة في مواكب الواحد والعشرين من نوفمبر وفي مدن السودان المختلفة وقراه وفرقانه لهذا الإتفاق المعيب تلقائيا وواضحا لا لبس فيه، ونحن إذ نجدد رفضنا المبدئي لهذا الإتفاق نؤكد إننا ماضون بكل العزم في طريق مقاومة النظام الإنقلابي ومناهضته بالوسائل السلمية حتى إسقاطه، وأننا دوما سنظل حيثما كانت الجماهير وقوى الثورة الحية متقدمين الصفوف في سعيها الدائم نحو التحرر من الإستبداد وتطلعها للحرية والسلام والعدالة والحياة الكريمة.
عاش شعبنا حراً منتصراً
أمانة الإعلام
٢١ نوفمبر ٢٠٢١م