البث المباشر

بركات مرقدها وشفاء عين صبية ببركة التوسل بها

الثلاثاء 8 يناير 2019 - 09:40 بتوقيت طهران

الحلقة 10

اخت الرضا ربيبة الايمان

في بيتها ضيافة الرحمان

اذن الاله برفعه اذ وطد الاركان

منائر وقبة شامخة البنيان

تصدع بالتسبيح والتمجيد والآذان

مبارك في بيتها الامان... هو من بيوت المصطفى خير بيوت

وكل بيت دونها من أوهن البيوت... بيوت عنكبوت

وبيتها دار الشفاء... من العيوب... من الذنوب..

بيت العبادة والتضرع والدعاء.. فيه حياة للقلوب

فيه نساء ورجال قانتون

وملائك يستغفرون.. عند الصباح... عند المساء

للطائفين... للراكعين... للساجدين.. للعاكفين

في روضة قدسية لفاطم اخت الرضا

 

*******

 

السلام على السيدة المحمدية المظلومة الغريبة فاطمة‌ بنت موسى ورحمة الله وبركاته.

نواصل الحديث عن السيدة فاطمة المعصومة بنت الامام الكاظم عليهما السلام، وقد تعرفنا على بعض محنها سلام الله عليها، وقد عاشت سنوات على مضض فراق أبيها سلام الله عليه حتى بلغها نبأ شهادته في سم مدسوس اليه في غياهب السجون، ثم عانت مع اهل بيتها ضغوط السلطة العباسية، ومنها هجوم الجلودي على دارها وسلب أسرتها، واشاعة الذعر والرعب والارهاب في المدينة‌ عامةً، وفي آل أبي طالب خاصة، وفي عائلة الامام موسى الكاظم عليه السلام على وجه أخص.
 

ثم لم يكتف المأمون العباسي بذلك حتى أمر باشخاص الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام الى (مرو) في خراسان، فقدم به وبإخوته رجاء بن الضحاك وأدخلهم على المأمون مع جماعة‌ من الطالبيين المعارضين.
 

وكان الجلودي قد هجم على المدينة وطوق دار الامام الرضا سلام الله عليه ثم ادعى أن المأمون يطلب احضار جماعة من آل البيت النبوي، فحملهم الجلودي آخذاً بهم طريق البصرة نحو الاهواز، مخترقاً بهم الصحارى والبراري والمفاوز، متجنباً المرور على المدن لئلا يرى الناس الامام الرضا فيرغبوا في لقائه ويعترضوا على اشخاصه الى مرو وابعاده عن موطنه وعياله.
حتى صار الركب الرضوي الشريف الى فارس، فلقيهم رجاء بن الضحاك وتسلمهم الجلودي- كما يذكر القاضي أبو حنيفة النعمان المغربي التميمي في كتابه (شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار)... فيدخلهم رجاء هذا إلى مرو مطوقهم بجماعة من جيشه، وقادم بهم على المأمون في العاشر من شهر جمادي الآخرة سنة احدى ومئتين من الهجرة النبوية‌ الشريفة.
وبذلك يكون الامام الرضا عليه السلام قد فارق مدينة جده الرسول «صلى الله عليه وآله» بعد أن دخل المسجد النبوي الشريف ليودع جده، وقد ودعه بلوعة مراراً... يخرج ثم يعود اليه، حتى علا صوته بالبكاء والنحيب، وفي هذه الاثناء تقدم اليه مخول السجستاني وسلم عليه، فرد الامام الرضا السلام عليه وقال له: زرني، فإني اخرج من جوار جدي صلى الله عليه وآله فأموت في غربة!
 

هذا والعيال في شعور من الحزن والأسى والوحشة لفراق الوالي والراعي لها، والسيدة فاطمة‌ المعصومة أخته هي واخوتها وأخواتها ترنو عيونهن الى الأخ الطيب وهو يودع ويستعد للرحيل نحو مستقبل مجهول، فجمع الامام الرضا صلوات الله عليه عياله جميعاً، ثم أمرهم بالبكاء عليه، فهذا هو الفراق الى حيث لا لقاء،‌ ثم فرق عليهم اثني عشر ألف دينار، وقال: أما اني لا ارجع الى عيالي أبدا.
 

ويخرج الامام الرضا عليه السلام من المدينة بالقهر، وأخته السيدة فاطمة المعصومة تودعه بعيون عبرى وقلب يعتصره الأسى، وتحدث نفسها بأمل اللقاء... ولكن هل للقاء بعد هذا الفراق من حقيقة؟ وهل يمكن ان يكون ومتى سيكون؟! وتمضي الايام والايام، والاعوام تلو الاعوام.. وألم الفراق يستبد بقلب السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، وتشتاق الى اخيها الرضا بلوعة وحنين، وتمني نفسها ان تلقاه يوماً لتبث في صدره أحزانها وما جرى عليها من بعده وعلى أهل بيتها.. وفجأةً تتسلم كتاباً من ذلك الأخ الرؤوف يأمرها ان تلتحق به، فقد كانت عزيزةً عليه، فتجهزت للسفر اليه.
 

وبذلك تبدأ السيدة فاطمة هجرتها من مدينة ‌جدها المصطفى صلى الله عليه وآله قاصدةً أخاها في مدينة طوس.
 

وليست الهجرة‌ امراً جديداً في حياة البيت النبوي، فقد سعت السلطات الى تشتيت جماعة اولادهم ومواليه، فتوزعوا في أرجاء الارض وتناثروا، وقد كتب في ذلك مفصلاً: أبو الفرج الاصفهاني في كتابه (مقاتل الطالبيين)، والمسعودي في (حدائق الاذهان في اخبار اهل بيت النبي وتفرقهم في البلدان)... وكان دعبل الخزاعي قد قال بهذا الشأن:

لا أضحك الله سن الدهر ان ضحكت

وآل احمد مظلومون قد قهروا

مشردون نفوا عن عقر دارهم

كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر!

 

فيخرج ركب السيدة فاطمة المعصومة يحفها اخوتها... ويخرج بعض من اخوتها في ركب ثان باتجاه طوس... ركبان كبيران يتجهان نحو طوس للقاء امامهم الرضا عليه السلام، أحدهما يأخذ طريق الري وساوة، والآخر يأخذ طريق شيراز... ثم يجد السير على أمل الملتقى.
 

كان اخوة الامام الرضا عليه السلام: احمد ومحمد وحسين، على رأس الركب الذي ضم عدداً كبيراً من بني أعمامهم وأقاربهم ومواليهم، وفي الطريق انضم اليهم جمع كبير من موالي أهل البيت ومحبيهم، شقوا طريقهم نحو مدينة «شيراز». ولما وصل خبر القافلة الى المأمون، خشي من هذا التجمع على ملكه وسلطانه اذا وصلت القافلة بهذا العدد الى خراسان، فأمر ولاته بمنع الركب من مواصلة مسيره نحو طوس، وارجاعه الى المدينة، فجهز حاكم شيراز آنذاك جيشاً جراراً من أربعين ألف جندي، والتقى بالركب في (خان زينان) على ثمانية فراسخ من شيراز. فتوقفت قافلة‌ بني هاشم تستطلع الأمر، فنادى بهم والي شيراز: ان المأمون يأمر بإرجاعكم من حيث أتيتم. فأجابه امير الركب احمد بن الامام الكاظم عليه السلام: اننا لا نريد سوى زيارة اخينا الامام الرضا، وما قصدناه الا بعد استئذان واجازةالمأمون نفسه. قال الوالي: قد يكون ما ذكرت، ولكنه أصدر الامر الينا بمنعكم من اكمال سيركم.
 

فتشاور الاخوة فيما بينهم واتفقوا على المضي في مسيرهم، محتاطين بجعل النساء في آخر القافلة. وفي الصباح تحركوا من جديد... واذا بوالي شيراز وجنده يقطعون الطريق عليهم، لتبدأ معركة دامية ابدى فيها اخوة الامام الرضا وسائر أفراد القافلة شجاعةً فائقة.. فانكسر جيش الاعداء، حينذاك لجأوا الى المكر بإشاعة ان الامام الرضا قد مات، ‌فتفرق افراد القافلة، وتوجه اخوة الامام الرضا الى شيراز، فقتل منهم السيد احمد بن الامام موسى الكاظم ودفن في الموضع المعروف الآن بـ(شاه جراغ) كما قتل أخوه السيد حسين بن الامام الكاظم وله مزار ويعرف بالسيد علاء الدين حسين، أما السيد محمد بن الامام موسى الكاظم عليه السلام فلم يتمكنوا منه، وقد عرف بـ(محمد العابد) لكثرة عبادته، حتى توفي في شيراز ايضاً حيث مزاره في بقعته الشريفة الى جوار بقعة اخيه السيد احمد.
 

ننقل كرامة‌ اخرى من الكرامات الالهية التي ظهرت ببركة التوسل الى الله عزوجل بمقامها عليها السلام.
 

كرامة هذه الحلقة ننقلها من الموقع المسمى بلقبها المشهور أي (المعصومة) على شبكه الانترنت، فقد نقل الموقع عن احد اساتذة الاخلاق المعروفين في مدينة‌ قم المقدسة القضية التالية.
 

قال حفظه الله: ظهرت قبل سنين في عين ابنتي الصغيرة بقعة بيضاء، ولما راجعنا الطبيب اوصى بلزوم اجراء عملية جراحية لها، وعين موعداً لاجراء العملية.
ويتابع سماحته حديثه مشيراً الى شدة وقع الامر على الصبية قائلاً لقد سعينا لتخفيف الامر على نفسيتها الا ان الاضطراب قد سيطر عليها واجهشت بالبكاء عند سماع قرار الطبيب، وبلغ بها الاضطراب حداً انتقل بعضه الينا ايضاً!!
وفي اليوم الذي كان من المقرر اجراء العملية الجراحية وقع ما لم يكن في الحسبان، يقول الاب: ونحن ذاهبون الى عيادة الطبيب، حانت التفاتة من ابنتي الى القبة المنورة لمرقد السيدة المعصومة، فاستوقفتني وقالت بأصرار:
ابتاه! لنذهب الى الحرم، سأنال الشفاء من هذه السيدة.
 

اثرت هذه الكلمات في قلب الاب الذي تابع حديثه قائلاً: لقد احسست بشعور غريب دفعني الى الاسراع في اخذها الى داخل الحرم للزيارة.
ولما دخلا الحرم هرولت البنت الى الضريح المطهر واخذت تمسح عينها به وتبكي وتقول: يا سيدتي! انا خائفة، يريدون اجراء عملية لعيني وأخاف ان يصيبني العمى.
بكى الاب لهذا المشهد واتم الزيارة بقلب منكسر وهو يتوسل الى الله عزوجل بامته الصالحة ‌فاطمة بنت موسى وسرعان ما كانت الاستجابة.
 

يقول سماحته: احتضنت ابنتي بعد اتمام الزيارة وهي باكية وخرجت بها الى الصحن الكبير، واجلستها عند قبر القطب الرواندي لكي ألبسها حذائها وفيما انا امسح دموعها عجبت من زوال تلك البقعة من عينها!
امعنت النظر اليها فلم اجد لها أثرا، أسرعت بها الى الطبيب ففحصها وصدق بتعجب بما حصل وقال: لا حاجة‌ لاجراء العملية لقد شفيت عينها بالكامل والحمد لله!
ها نحن نصل الى ختام هذه الحلقة من برنامج اخت الرضا فالى موعد لقاءنا المقبل نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة