وتم إنشاء مسجد “حاجي إبراهيم” والذي يعرف أيضا باسم مسجد “دونغان” بداية القرن العشرين في مدينة “قره قول”، أكبر مدن مقاطعة “إيسيق غول” القرغيزية.
ويعتبر مسجد “حاجي إبراهيم” الوحيد في قرغيزيا الذي تم بناؤه من الخشب وما زال يقف شامخا منذ قرن من الزمان، مذهلا الزوار بروعة تصميمه وبنائه.
ويحمل المسجد أجود نماذج العمارة الخشبية وقد تحول خلال القرن الماضي إلى رمز لمدينة “قره غول” ومحط جذب للزوار بسبب تصميمه الفريد وبعده التاريخي.
ويحتوي المسجد الذي تم بناؤه عام 1910 في العهد القيصري الروسي وفق أسلوب العمارة الصينية، على منحوتات تجسد حيوانات أسطورية صينية مثل التنين وطائر العنقاء والأسد.
ويتميز بألوانه المميزة التي تعكس فن العمارة الصينية، كما يحتل المسجد الذي يجذب اهتمام الزوار بزخارفه ونقوشه الخشبية، مكانا مهما على خارطة السياحة الدينية في قرغيزيا.
بني في 3 سنوات وفق العمارة الصينية الكلاسيكية
تم بناء المسجد من قبل حاجي إبراهيم، أحد قادة شعب دونغان (مجموعة عرقية مسلمة في الصين)، الذي اضطر إلى الهجرة من الصين إلى منطقة تركستان الغربية نهاية القرن التاسع عشر، هربا من الاضطهاد الذي مارسته الصين ضد المسلمين.
وجرى بناء المسجد المكون من طابق واحد ومئذنة واحدة في 3 سنوات بإشراف المهندس المعماري الصيني “جو سو” (Zhou-Su)، الذي تمت دعوته من الصين مع 20 حرفيا آخرين إلى مدينة “قره غول” من قبل حاجي إبراهيم.
وبإشراف المهندس المعماري الصيني، جرى بناء المسجد باستخدام طريقة “الجرس”، إحدى الطرق التي تميز العمارة الصينية الكلاسيكية، والتي يتم من خلالها تشييد الأبنية بواسطة الخشب وبدون استخدام المسامير.
وخلال بناء المسجد، تم استخدام أخشاب شجر التنوب والدردار والحور المقتطعة من جبال “تنكري طاغ” (بالصينيّة جبال تيان شان)، شمالي قرغيزيا.
يتسع المسجد لـ120 مصلٍ فقط، وهو ما سمحت به الإدارة القيصرية الروسية عند إنشائه، وقد تم إنجاز الأقسام الحجرية من البناء من قبل بنّائين محليين، فيما جرى تشييد الجزء الخشبي من البناء من قبل حرفيين صينيين.
وتم تزيين رواق الجامع برسومات لمجموعة من الفاكهة أبرزها العنب والكمثرى والرمان والخوخ، وتم طلاء سطح المسجد باللون الأخضر وفيما طليت الأعمدة والسقف باللون الأصفر والمئذنة باللون الأزرق.
وخلال حقبة الاتحاد السوفييتي حيث جرى حظر إقامة الصلاة والشعائر الدينية لمدة 25 عاما، تم استخدام مسجد “حاجي إبراهيم” كمخزن حبوب، فيما جرى استخدام الكنيسة المجاورة له كمدرسة رياضية.
وأعيد فتح المسجد للعبادة في الستينات، بعد كفاح مسلمي قومية دونغان ذات الأصول الصينية في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، من أجل إعادة الهوية الإسلامية للمسجد وتحويله إلى دارٍ للعبادة.
بدورها، قامت وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” بترميم وتجديد المسجد عام 2016 وكذلك تجديد غرفة الوضوء، وهو ما حظي بترحيب أبناء أقلية دونغان التي هاجر أبناؤها إلى قرغيزيا قبل 140 عامًا.
وقال رستم بوبوكييف، إمام مسجد حاجي إبراهيم، إن الأخير يجذب الانتباه بهندسته المعمارية الخاصة والفريدة والتي لا تشبه نماذج العمارة التركية الإسلامية التي تتميز بها بلدان آسيا الوسطى (تركستان).