وقال مارك غلادوين، عالم الأطباء في جامعة ماريلاند، عند صدور الدراسة:
“يُعدّ هذا الاكتشاف البحثي المهم والمفاجئ إضافةً إلى معرفتنا الحالية بشأن عوامل الخطر غير القابلة للتغيير للسكتة الدماغية، ومن بينها فصيلة دم الشخص”.
وتُصنَّف فصائل الدم A وB وAB وO بحسب نوع المواد الكيميائية التي يتعرّف عليها الجسم والموجودة على سطح كريات الدم الحمراء، مع وجود اختلافات دقيقة داخل كل فصيلة ناتجة عن طفرات جينية.
واستند الباحثون إلى تحليل بيانات مستمدة من 48 دراسة جينية شملت نحو 17 ألف مريض أُصيبوا بسكتة دماغية، وقرابة 600 ألف شخص لم يُصابوا بها كمجموعة ضابطة، وكانت أعمار جميع المشاركين تتراوح بين 18 و59 عاماً.
وبتحليل شامل على مستوى الجينوم، اكتشف الفريق موقعين وراثيين مرتبطين بقوة بزيادة خطر السكتة الدماغية المبكرة، أحدهما يتطابق مع المنطقة الجينية المسؤولة عن تحديد فصيلة الدم.
نسبة الخطر تتفاوت بين الفصائل وتتراجع بعد سن الستين
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يحملون الجين المرتبط بتنويعة معينة من فصيلة الدم A لديهم احتمال أعلى بنسبة 16% للإصابة بسكتة دماغية قبل سن 60 مقارنةً بمن يحملون فصائل دم أخرى، في حين انخفض الخطر لدى حاملي جين فصيلة الدم O1 بنسبة 12%.
وأرجع الباحثون هذه الزيادة المحتملة إلى عوامل تتعلق بآليات التخثر في الدم، بما في ذلك الصفائح الدموية والخلايا البطانية المبطّنة للأوعية الدموية والبروتينات الدائرية الأخرى، وهي جميعها تلعب دوراً رئيسياً في تشكيل الجلطات.
غير أن الدراسة شدّدت على أن الزيادة الإضافية في الخطر تبقى صغيرة ولا تستدعي فحوصاً إضافية. وعند مقارنة حالات السكتة المبكرة (قبل 60 عاماً) مع حالات السكتة المتأخرة (بعد 60 عاماً)، تلاشى الارتباط بين فصيلة الدم A وخطر السكتة، ما يشير إلى اختلاف الآليات المسببة بين الحالتين.
وخلص الباحثون إلى أن السكتات لدى الشباب أقل ارتباطاً بتراكم الرواسب الدهنية في الشرايين (تصلب الشرايين)، وأكثر ارتباطاً بعوامل متعلقة بتكوين الجلطات. كما وُجد أن أصحاب فصيلة الدم B كانوا أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية بنسبة 11% مقارنةً بمن لم يُصبوا بها، بغض النظر عن العمر.
الارتباط الجيني يتجاوز خطر السكتة
ويأتي هذا الاكتشاف في سياق أوسع، إذ ربطت أبحاث سابقة المنطقة الجينية المعروفة باسم “موضع ABO” — المسؤولة عن تحديد فصائل الدم — أيضاً بزيادة مخاطر تكلس الشرايين التاجية والنوبات القلبية.
كما ارتبطت التسلسلات الجينية الخاصة بفصيلتي الدم A وB بارتفاع طفيف في خطر الإصابة بجلطات الأوردة، المعروفة طبياً بالخثار الوريدي.
النتائج في سياقها الوبائي تحتاج إلى عيّنات أكثر تنوعاً
في الولايات المتحدة وحدها، يُصاب نحو 800 ألف شخص بسكتة دماغية سنوياً، وحوالي ثلاثة أرباع هذه الحالات تحدث لدى أشخاص تبلغ أعمارهم 65 عاماً فما فوق، مع تضاعف خطر الإصابة كل عقد بعد سن 55.
وشملت عيّنة الدراسة سكاناً من أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان وباكستان وأستراليا، لكن ذوي الأصول غير الأوروبية شكّلوا 35% فقط من المشاركين.
وقال ستيفن كيتنر، الأستاذ المتخصص في طب الأوعية العصبية في جامعة ماريلاند والمؤلف الرئيسي للدراسة: “من الواضح أننا بحاجة إلى مزيد من الدراسات المتابعة لتوضيح الآليات التي تقف وراء زيادة خطر السكتة الدماغية”.
وأُجريت مقارنة إضافية باستخدام بيانات نحو 9300 شخص تجاوزوا 60 عاماً وأُصيبوا بسكتة، مقابل نحو 25 ألف شخص في الفئة العمرية نفسها لم يُصبوا بها، لتؤكد أن خطر فصيلة الدم A غير ذي دلالة إحصائية في السكتات المتأخرة.