البث المباشر

الدفاع عن المقدسات والثأر للأخيار في رجز ولدي مسلم بن عقيل

الثلاثاء 24 سبتمبر 2019 - 09:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- هدير الملاحم: الحلقة 17

كان من رجز الشهيد العلوي الطالبي عبد الله بن مسلم بن عقيل
وهو يجاهد عتاة البغي الأموي قوله – رضوان الله عليه -:

اليوم ألقي مسلماً وهو أبي

وعصبةً بادوا علي دين النبي

ليسوا قومٍ عُرفوا بالكذب

لكن خيارٌ وكرامُ النسب

نحنُ بني هاشم ٍالكرام

نحمي بنات السيد الهُمام

سبط رسول الملك العلّام

نسل علي الفارس الضرغام

أرجو بذاك الفوز بالقيام

عند مليكٍ قادرٍعلام


وبعد إستشهاده رضوان الله عليه خرج أخوه الغيور محمد بن مسلم عقيل وهو غلام لم يتجاوز الثالثة عشرة، لكنه قاتل قتال الأبطال وهو يرتجز في وجوه الطواغيت العتاة قائلاً:

أطلب ثأرمسلمٍ من جمعكم

يا شر قومٍ ظالمين فسقه

أضربكم بصارمٍ ذي رونقٍ

ضرب غلامٍ صادقٍ من صدقه

لاأنثني عمن لقاني ناكصاً

ولم أكن ممن يحبُ الشفقه

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمدُ للهِ الأوّل والآخر، وأشرف الصّلاة والسلام علي الرسول الطّاهر، وعلي آلهِ أولي الأمجاد والمفاخر.
اعزائي الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مستمعينا الأفاضل، إنّ النزعة الهاشمية- الطالبية هي نزعةٌ دينية، والنزعةُ الدينية- أيها الإخوة الأعزّة- تقتضي البصيرة والشجاعة والغيرة، وحفظ معالم الدين الحنيف، ومن هنا كانت مقاليد الحرم المكي بيد بني هاشم حتّي بعث النبيُّ الأكرم -صلّي الله عليه وآله وسلّم- فتكامل الشرف الأسمي فيهم، فحسدوا!
روي ابن عبّاس قال: قال رسول الله -صلّي الله عليه وآله-:"بعثني اللهُ نبياً، فأتيتُ بني أمية فقلت: يا بني أمية! إنّي رسول الله إليكم". قالوا: كذبت ما أنت برسول! ثمّ أتيتُ بني هاشمٍ فقلت: "إنّي رسول الله إليكم. فآمن بي عليُّ بنُ أبي طالبٍ سرّاً وجهراً، وحماني أبو طالبٍ جهراً وآمن بي سرّاً، ثمّ بعث اللهُ جبرئيل بلوائه فركزه في بني هاشم، وبعث إبليس بلوائه فركزه في بني أمية، فلايزالون أعداءنا، وشيعتهم أعداء شيعتنا…. إلي يوم القيامة!".
أجل…ومنها كانت الأحقاد التي بلغت الدماء، وكانت في أوجها يوم كربلاء.
نعم، أيها الأفاضل، في يوم كربلاء ينهض بنو هاشم من نسل أبي طالب في وقفةٍ ركع لها التاريخ، فقد نزلوا إلي ساحة المعركة فرادي قلائل يواجهون أفواجاً من الذئاب المدجّجة بالسلاح، لم يرعهم ذلك، فهم علي إيمانٍ ثابتٍ ونصرةٍ لاتتخاذل، وموقفٍ شجاعٍ لايداهن، فإذا استُشهد مهجةُ قلب الحسين عليُّ الأكبر سلامُ الله عليه، خرج ولدٌ لمسلم بن عقيل شهيد الكوفة، اسمه (عبد الله). فبرز إلي ساحة القتال يحمل حملته علي جيش عمر بن سعد وهو يرتجز ويقول:

اليوم ألقي«مسلماً» وهو أبي

وعصبةً بادوا علي دين النَّبي

ليسوا بقومٍ عرفوا بالكذب

لكن خيارٌ و كرامُ النّسب

من هاشم السّادات أهلِ الحسب


وخاض جولته ذلك عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب -رضوانُ الله عليهم أجمعين- ثمّ عاد علي القوم بعد أن سلم منهم يعاودهم القتال وهم يتجمّعون حوله ويحيطونه عشراتٍ من كلّ جانب، فيعلن لهم أنّه أعزّ من أن يذل، وأكرم من أن يتخاذل، فهو سليل الأمجاد والمأثر والمفاخر، والمندفعُ في نصرة الحقّ الإلهيّ المتمثّل بإمامة أبي عبد الله الحسين -عليه السلام-، يذبّ عنه ويحميه بروحه وكرامة اللهِ في انتظاره، يعبّر عن ذلك بأرجوزته التي يقول فيها:

نحنُ بنو هاشمٍ الكرام

نحمي بنات السيد الهُمام

سبط رسول الملك العلّام

نسل عليّ الفارس الضّرغام

فدونكم أضرب بالصّمصام

والطّعنُ بالعسّال باهتمام

أرجو بذاك الفوز بالقيام

عند مليكٍ قادرٍ علّام


أجل أعزائي الكرام، الفوز الذي يرجوه هو رضوانٌ من الله أكبر، بعد ضربٍ بالسيف وطعنٍ بالرمح، دفاعاً عن حرمات رسول الله -صلّي الله عليه وآله- وبعد شهادةٍ فيها لقاءُ رسول الله بوجهٍ أبيض فخور.
وكان لعبد الله بن مسلم بن عقيل- أيها الإخوة الأكارم- أخٌ يدعي«محمّدا»، أقبل معه إلي كربلاء، قيل: كان له من العمر ثلاثَ عشرة سنة أو أكثر بقليل، إلاّ أنّه ذلك الغلام الشّهمُ الوارث عن أبي طالب إقداماً لايتزلزل، رغم أنّ الموقف صعب، بل صعبٌ جدّاً، فما عسي أن يفعل هذا الشابُّ إذا أراد أن يقابل أكداساً متراصّةً زاحفةً نحوه بسيوف تعلو ورماحٍ تتقدّم ونبالٍ ترمي وأحجارٍ تقذف؟! لكنّ روح البسالة أرقي من ذلك، وروحية الشهادة أعلي من أن تهدّد بالقتل. فإذا رأي أخاه عبد الله بن مسلم قد استُشهد خرج بعده يقاتل ويذكروينتقم للمؤمنين أولياء الله، متحدياً أعداء الله، قائلاً في أرجوزته التي يخاطب فيها مقاتليه:

أطلبُ ثأرَ مسلمٍ من جمعكم

يا شرّ قومٍ ظالمين فسقة

أضربُكم بصارمٍ ذي رونقٍ

ضربَ غلامٍ صادقٍ من صدقة

لا أنثني عمّن لقاني ناكصاً

ولم أكن ممّن يحبّ الشَّفقة

كم جاهدٍ لمّا التقاني في الوغي

صيرته كالّبنة المفلّقة


مستمعينا الكرام، فهو يري نفسه من معشر صادقين في عهودهم ومواقفهم، فلاينتظر منه انثناءٌ أو انكسار، ولايتوقّع منه أن يسالمه الأشرار، بل هو قادمٌ عليهم يريد أن يفلّق تلك الرؤوس التي تناست مواثيقها، فغدرت بعد أن تنكرت. وتلك الرؤوس التي تناست آخرتها، فعاشت خيالات نوال الدنيا ولو بقتل وليّ الله، أبي عبدالله الحسين -عليه السلام-! وإذا كان تثبتُ من أشياءٌ العناصر المهمّة في الأرجوزة العاشورائية- أيها الإخوة ُ الأحبّة- فإنه يثبت لنا الموقف الشجاع الثابت، بل والمتحدّي، والماضي نحو التضحية والفداء والشهادة علي اطمئنانٍ وبصيرة. ويثبت لنا أيضاً- أيها الأعزّةُ- تذكير الشهداء في أراجيزهم أنّهم منطلقون عن أداءِ تكليفٍ إلهيّ، بكلِّ شوقٍ وولاءٍ وغيرة، وهو الدفاع عن إمام الحقّ من أيدي القتلة الظالمين.
ومن هنا روي أنّ هاشمياً يدعي«مسعوداً»، خرج إلي معركة عاشوراء، يوم الطف في ساحة كربلاء، فلم يكتف أن شهر سيفه ليقاتل به، أو ليدافع به ويدفعَ به، بل شهرَ صوته أيضاً مدّوياً في وجه القوم يسمعهم أرجوزته هذه يقول:

اليوم أقتُلُ مجمع الكفّار

بصارمٍ هنديّ شبه النّار

أحمي عن ابنِ المصطفي المختار

عن الحسين وآله الأطهار


أيها الإخوة والأخوات، وها نحن نعمد في الفقرة الأخيرة من هذا اللقاء الي تسجيل أهم الدلالات الإيمانية التي خلدها رجز هؤلاء الفتية المؤمنين الذي قرأناه لكم في هذا اللقاء وهم عبد الله ومحمد إبنا مسلم بن عقيل ومسعود الهاشمي؛ وأهم هذه الدلالات هي:
أولاً: التأكيد علي الدفاع عن الإمام الحسين- عليه السلام- لأنه رمز المقدسات الإسلامية.
ثانياً: تجلية روح الدفاع عن نواميس عن عيالات النبي الأكرم- صلي الله عليه وآله-.
وثالثاً: التذكير بالثأر للصالحين والشهداء الأبرار أمثال مسلم بن عقيل لا بدافع الإنتماء النسبي بل لأنهم أستشهدوا دفاعاً عن دين النبي وحفظاً له.
أعزائي الكرام، نشكر لكم علي طيب المتابعة والإصغاء استمعتم الى حلقة أخرى من برنامج هدير الملاحم قدمت من حضراتكم من طهران. تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير. الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة