البث المباشر

شرح فقرة: " فأسألك بحق ابراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمد صفيك ونبيك..."

الأحد 4 أغسطس 2019 - 16:01 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " فأسألك بحق ابراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمد صفيك ونبيك " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

لازلنا نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الزهراء عليه السلام في تعقيب العصر، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه القائل (فأسألك بحق ابراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمد صفيك ونبيك، الا تصرف وجهك الكريم عني، حتى تقبل توبتي، وترحم عبرتي، وتغفر لي خطيئتي، يا ارحم الراحمين، ويا احكم الحاكمين)
المقطع يتضمن عدة اقسام:
الأول: منها يتوسل بالله تعالى بحق ابراهيم، وموسى وعيسى، والنبي محمد (ص)
والثاني: بألا يصرف تعالى وجهه عن قارئ الدعاء
والثالث: حتى يقبل توبته ويرحم عبرته ويغفر خطيئته والرابع يتوسل بسمة ارحم الراحمين واحكم الحاكمين...
ونحدثك الأن عن القسم الاول فنقول ان النص قد انتخب اربعة انبياء يجسدون الاتجاهات الخاصة لكل عصر، حيث ان ابراهيمقد اختص بالحنيفية، وان موسى وعيسى يجسدان النصرانية واليهودية، وان محمد (ص) خاتم الانبياء يجسد أخر الرسالات وخاتمها... لذلك فان التوسل بهم يحمل مسوغاته التي اشرنا اليها... 
ويلاحظ ان صفة (صفيك) قد انتخبها النص في شخصية النبي (ص) حيث ان الصفي هو من اصطفاه تعالى، بحيث يعني: انه خير البشر جميعاً وهي نكتة لامناص من التذكير بها. 
المقطع او القسم الثاني يتوسل بالله تعالى بألايصرف وجهه الكريم عن قارئ الدعاء: وهي عبارة رمزية، حيث يرمز الوجه الى العناية التامة، اي: عنايته تعالى بعبده في المستويات جميعاً.. ولانحسب ان رمزاً مثل الوجه يجسد مفهوم العناية التامة، كما هو واضح.
واما القسم الثالث فهو المقصود من الدعاء في مقطعه الذي نحدثك عنه الا وهو: قبول التوبة، ورحمة العبرة، وغفران الخطيئة، والسؤال هو: ماذا نستلهم من النكات الكامنة وراء هذه العبارات الواضحة ؟ 
الجواب: اما قبول التوبة فلايحتاج الى توضيح، واما رحمة العبرة فتنطوي على نكتة في غاية الاهمية ألا وهي: ان النصوص الشرعية طالما تشير الى ان الداعي والمناجي اذا قرن دعاءه ومناجاته بالعبرة فان الدعاء يقترن بالاستجابة... ولذلك قرن الدعاء طلب التوبة بظاهرة العبرة للنكتة المذكورة. 
واما اختتام ذلك بعبارة (وتغفر لي خطيئتي) فيحتاج الى توضيح اكثر فنقول: 
ان عبارة (تقبل توبتي) تعني ان الله تعالى يغفر خطيئة العبد، فلماذا – اذن- جاءت عبارة (وتغفر لي خطيئتي) ؟ 
الجواب: ان قبول التوبة هو: عدم ترتيب العقاب على الخطيئة، ولكن مصطلح (الغفران)يعني: الستر، ولذلك فان اختتام القسم الثالث بعبارة (تغفر خطيئتي) تعني: ان يستر تعالى الذنب بالاضافة الى عدم العقاب. 
اخيراً: ختم المقطع بعبارتين هما: (يا ارحم الراحمين) و(يا احكم الحاكمين...) اما (ارحم الراحمين) فمن الوضوح بمكان... ولكن السؤال هو: ماذا تعني العبارة الاخيرة (يا احكم الحاكمين)؟ 
الجواب: في تصورنا ان هدف الدعاء هو: تأكيد الرحمة من الله تعالى في اعلي تصوراتنا حيال ذلك، فأولاً قد جسدت العبارة (يا ارحم الراحمين) انه تعالى متفرد في رحمته لانه أرحم من الغير،... يضاف الى ذلك، ان الرحمة تتوهج دلالتها وكثافتها حينما نعرف بان الله تعالى عادل في احكامه، وهو اعدل من الغير في الحكم، وهذا يعني انه تعالى حينما يرحم العبد المذنب انما يرحمه وهو عارف بانه مذنب، وبذلك يتجسد مفهوم الرحمة على ما يمكن تصوره كما هو واضح. 
اذن: امكننا ان نتبين جملة من الاسرار الكامنة وراء المقطع المذكور، سائلين الله تعالى بان يوفقنا الى الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة