البث المباشر

جلال الدين محمد -۳٤

الثلاثاء 18 يونيو 2019 - 10:51 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -۳٤

في الحلقة الماضية من هذا البرنامج، تحدّثنا عن الحدث المهمّ الذي غيّر مسيرة حياة الشاعر جلال الدين الرومي.
وكان هذا الحدث لقاء شمس بالرومي، لقاء أحال جلال الدين من فقيه وخطيب الى عارف وأديب ولنا ثمة حديث آخر حول هذا العارف الاديب.
نعم يرى بعض الباحثين أنّ جلال الدين محمد، وقبل أن يلتقي شمس المرة الاولى في قونية من بلاد الروم كان كالغزالي.
والغزالي هو ابو حامد محمد كان من بين المفكّرين المشهورين في الفقه والحكمة والكلام. وعلى رغم عمره القصير نسبياً الذي لم يزد على 55 عاماً فقد وضع الكثير من الكتب والمؤلّفات التي كان لها الاثر العجيب في تاريخ الثقافة الاسلامية ومنها كتاب احياء علوم الدين.
ويذكر المؤرّخون والباحثون الذين أرخوا مولوي وكتبوا حوله أنّ جلال الدين كان من بين المعجبين بالغزالي، وأنه قد طالع بدقة وكراراً مؤلفات ابي حامد الغزالي.
وكما أسلفنا الاشارة فانّ مولانا وقبل لقائه شمس ملك داد التبريزي، كان عالماً ومفتياً واعظاً كسائر العلماء. لكنّ لقاء شمس هو الذي غير اتجاه الحياة عند الرومي فأحاله إلى مولوي او ملا الروم كما تسمّيه بعض الكتابات. وقد أسّس مولانا في بلاد الروم او آسيا الصغرى او تركيا الحالية افرقة الصوفية المولوية.
هذا التحّول في حياة الرومي يسمّيه مولوي (جوهرة) كناية منه عن شيء ثمين. وفي كتابه فيه ما فيه، وهو من الكتب النثرية للرومي يذكر جلال الدين محمد أن شمس الدين التبريزي قد أهداه جوهرة ثمينة هي العشق ومن بعد اللقاء بين جلال الدين وشمس الدين أصبح الاول عاشقاً سلك طريق العشق الآلهي فابدع ما أبدع من آثار أدبية وعرفانية قيّمة أهمّها المثنوي المعنوي وديوان شمس الكبير الذي يعرف كذلك بكليات شمس.
إنّ الميزة الاساسية في نتاجات مولوي الادبية والعرفانية، حداثة الحديث فيها، فكلام مولوي لا يتعب احداً، لانه على الدوام غض طري وكان مولوي على علم بغضاضة وطراوة كلامه ومن هنا سمى نفسه عيداً. إنه يقول:

باز آمدم چون عيد نو

تا قفل زندان بشكنم

*******

مرة اخرى جئت كالعيد الجديد

كي أكسر للسّجن أقفاله

إنه يريد هنا سجن الدنيا وسجن الماديات التي تأسر الانسان فتحول دون تحليقه في عالم الملكوت والوصول الى حيث القرب الإلهيّ والتزوّد وهو زاد القلب بالعشق الإلهي.
العيد يعني اليوم الجديد، انه اليوم الذي يلبس الناس فيه ملابس جديدة، وتلبس فيه الطبيعة والعالم حلّة زاهية انيقة، في العيد كل شيء فيه طراوة، ومن يسمّي نفسه عيداً مثل مولوي لا ريب أنه جرّب هذه الطّراوة في روحه ومن هنا فإنّ كلام مولوي لا عتق فيه ولا ملل فيه كذلك.
ومن يقرأ كتب مولوي، يشتاق لقراءتها مرة اخرى ومرّات اخر، وفي كل مرة يرى القاريء أنه يوجد شيء جديداً، وبكل جرأة يمكن القول إنه قلّما نجد كتاباً فيه هذه الميزة.
إذا كان لعمر الخيام رباعياته وإذا كان لحافظ الشيرازي غزلياته، فإنّ جلال الدين الرومي وفي ديوانه الكبير ديوان شمس قد أخذ من هذا اللون وذاك، فضمّ هذا الديوان رباعيات وغزليات.
وقد ترجم أجزاء من هذا الديوان الى اللغة العربية الدكتور عيسى علي العاكوب. على أنّ للرومي غزليات بالعربية أيضاً، وسنأتي على عرض نماذج منها في حلقات أخرى من هذا البرنامج لكن بودّنا هنا أن نعرض هذا الرباعيّ مع ترجمته العربية.

سوز دل عاشقان شررها دارد

درد دل بي دلان اثرها دارد

نشنيده ايد كه آه دلسوختگان

بر حضرت رحمتش گذرها دارد

*******

حرقة قلوب العاشقين تنتج شرراً

وآلام قلوب الوالهين تنتج أثراً

ألم تسمع بأنّ آهة المكلومين

تجد لها صوب حضرة رحمته طريقاً ومعبراً

حتى لقاء جديد وجلال الدين محمد شاعر العرفان نترككم في رعاية الرحمان.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة