وتردد فى الآونة الأخيرة الحديث عن ميثاق شرف تقوم وزارة الأوقاف المصرية ونقابة القراء بصياغته من أجل الوقوف على بعض السلبيات التى تعكر مجال قراءة القرآن فى مصر لاسيما مع ظهور العديد من الدخلاء،الذين لم يتم إجازتهم، بالإضافة إلى خروج من ينشرون القراءات الشاذة فى القرآن الكريم عبر وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها من الأمور التى تطلب الأمر معها معرفة ما سيشمله هذا الميثاق، والمشكلات التى سيتصدى لها من أجل الحفاظ على هيبة مجال قراءة القرآن الكريم.
وفى البداية تجدر الإشارة إلى ظهور قراء غير معتمدين يقومون بقراءات شاذة للقرآن الكريم مستغلين حسن الصوت فى جذب الناس وهو ما علق عليه القارئ الشيخ عبدالفتاح الطاروطى، قائلًا: «ما يحزننا هو ما نشاهده على الساحة الآن من هذه النوعيات، دون معرفتهم الكافية بأحكام القرآن وتلاوته، وهذا ما تسبب فى سحب بساط دولة القراءة من تحت أقدام القراء الحقيقيين».
وطالب بتوخى الحذر باستخراج كارنيهات من نقابة القراء للحد من ظاهرة تشويه قراء القرآن من قبل المتطفلين على موائد القرآن، وتجريم كل من يتلو القرآن دون حفظه وعدم درايته بأحكام تجويده.
تفاصيل الميثاق
وحول وضع ميثاق لحماية قراءة القرآن الكريم من الدخلاء يوضح نقيب القراء الكريم الشيخ محمد حشاد أن وضع ميثاق شرف لقراء القرآن لا يخالف الهدف الذى أنشئت النقابة من أجله.
وأكد قائلاً: «عند الاطلاع على قانون نقابة القرآن الكريم نجد أن البند الرئيسى هو الحفاظ على تلاوة القرآن الكريم ونشره بين الناس وإبلاغ الجهات المختصة عن التجاوزات التى تحدث فى أحكام التلاوة ، فمن شأن النقابة مراقبة التجاوزات، بالإضافة إلى أن التفكير فى هذا الميثاق ليكون بين القراء بحيث لا يعتدى قارئ على آخر فى المناسبات أو التلفظ بأى لفظ لا يليق بأهل القرآن ولا ينسجم مع قراءة القرآن.
واستطرد الشيخ حشاد: «أن ميثاق الشرف المراد وضعه هو مراعاة أصول مهنة قراءة القرآن الكريم وأن يكون هناك التزام من أى إنسان يعمل بمهنة قراءة القرآن، وهو أمر موجود فى جميع المهن،كما هو الحال فى الصحافة بوجود ميثاق شرف صحفى ،وكذلك فى الطب من أجل الالتزام بالتعامل الطيب فيما بين أصحاب المهنة بما يمنع التجاوز فيما بينهم، وهذا ما قصده وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة عندما اجتمع بمجلس إدارة نقابة قراء القرآن الكريم الجديد.
وحول تصرف النقابة مع التجاوزات التى تحدث قبل وضع الميثاق أوضح نقيب قراء القرآن أن نقابة القراء بها لجنة علمية تتابع التلاوات خاصة التى تحدث فى تلك الأيام على الفيس بوك، والتى انتشرت من خلال تسجيلات من الناس العاديين تروج لسماع تلاوات بها أخطاء وتجاوزات كثيرة، حيث تقوم اللجنة باستدعاء صاحب التجاوزات لبيان أخطائهم فإن اقتنعوا تم التعهد بعدم تكرار التجاوز، وإن لم يقتنعوا تقوم النقابة بإبلاغ النيابة العامة ضدهم والجهات المختصة، حيث يتم اعتبار التجاوز فى قراءة القرآن الكريم ضمن ازدراء الأديان لأن القرآن الكريم هو أساس الدين الإسلامى، وعندما يتجرأ عليه أحد ويأتى بقراءات ليست موجودة فى أحكام التجويد أو التراث فهو يستحق الإبلاغ عنه.
وأضاف: «لقد حدث من قبل استدعاء بعض الأشخاص الذين تجاوزوا فى قراءة القرآن الكريم، والميثاق المراد وضعه لقراء القرآن الكريم هو ترجمة مفصلة لعمل نقابة قراء القرآن وعمل اللجنة المراقبة للتلاوات».
وأوضح الشيخ حشاد قائلاً: «إن ميثاق شرف قراء القرآن سيتضمن مراعاة عدم التحريف فى كتاب الله، وعدم الإتيان بقراءة لم ترد فى كتب القراءات، والمعاملة الطيبة بين قراء القرآن الكريم.
والشيخ عبد الرحيم دويدار كبير المبتهلين، ومن كبار قراء القرآن من جهته يسرد عددًا من الجهود السابقة لحماية قراءة القرآن الكريم من التحريف والدخلاء قائلاً: «نعمل منذ أكثر من 15 عامًا من خلال نقابة القراء بضبط القراءات المنحرفة والقراء غير المنضبطين ومع ذلك لم تختف ظاهرة قراء القرآن المحرفين لقواعد القراءة وأحكامها»، موضحًا أن النقابة بذلت جهدًا للحفاظ على مهنة قراءة القرآن، حيث وضعت شروطًا لعضويتها منها أن يكون المنتسب قارئ سورة معتمدًا بالأوقاف، أو عضو مقرأة فيأتى بخطاب معتمد، أو يتم امتحانه. لافتًا إلى أن نقابة القراء غير مشهرة حتى يستفيد أعضاؤها بعضوية النقابة، وحتى يكون لها فعالية وتأثير.
وشدد أن الميثاق لو تم وضعه لا بد أن يشترط عضوية نقابة قراء القرآن لكل من يمارس مهنة قراءة القرآن، وأن تتم معاقبة كل من يمارس مهنة القراءة قانونًا، وأن يتم التشديد على الالتزام بقواعد قراءة القرآن، وأن يستبعد كل من ثبت شذوذ قراءته فى أى سورة، وأن ينص على نشر الوعى الجماهيرى بتخصص قراءة القرآن الكريم حتى نقضى على العشوائية التى تحدث فى حفلات العزاء.
الاحترام بين القراء
وفى سياق يعبر عن الموافقة لإصدار ميثاق لقراء القرآن الكريم يؤكد د.طارق عبدالباسط عبدالصمد نجل الشيخ عبدالباسط وأحد أشهر قارئى القرآن أنه لا بد عند وضع ميثاق شرف لعمل القراء أن يراعى فيه النص على ضرورة الاحترام بين القراء بعضهم البعض، وألا تكون هناك منافسة بطريقة لا تتفق مع قارئ القرآن، وأن يجرم أى تناول سيئ لأى قارئ.
وأضاف أن الميثاق لا بد أن يشمل عدم السماح بقراءة القرآن إلا لمن يعطى إجازة معتمدة بإحدى القراءات العشر، وأن يمنع على القارئ القراءة بأى قراءة أخرى لم تتم إجازته بها، حيث إن الجمع بين القراءات بالاجتهاد دون إجازة يؤدى إلى أخطاء من القارئ.
واختتم قائلاً: إن قراء القرآن هم أهل الله وعليهم قبل كل شىء أن يضعوا أمام أعينهم الالتزام فى كل شىء، فى المعاملات مع الناس وعلاقتهم مع بعضهم البعض، ولاسيما فى العمل والحفلات.
ميثاق ملزم
والشيخ حسن عوض من كبار قراء القرآن القدامى يرى من جانبه أن وضع ميثاق لقراء القرآن سيحد من التجاوزات التى تحدث من بعض القراء فى تلك الأيام، كمن يقرأون بقراءات غير صحيحة مشوهة، ويقومون بالقراءة دون مراعاة الأحكام، وفق أهوائهم حسب ما يتجه صوته.
وأضاف أنه لا بد أن يتم وضع ضوابط محددة يلتزم بها القراء والنقابة مفوضة فى هذا الأمر، حيث إنها الجهة المنوط بها محاسبة القراء المخالفين، سواء كانوا أعضاء فى نقابة القراء أم لا.
وأوضح أن الميثاق ينبغى أن يكون قويًا فى الإجراءات وملزمًا قانونًا، وتكون هناك ضبطية قضائية ضد المخالفين والمتجاوزين فى قراءة القرآن، وأن تكون للنقابة قوة قانونية، لافتًا إلى أن الميثاق لا بد أن يشمل معاقبة القراء الهواة الذين يتباهون بفيديوهات لقراءاتهم الشاذة، حيث يغلق الباب أمام من يستحسنون أصواتهم فى قراءة القرآن بلا دراسة أو علم.
المصدر: rosaelyoussef.com