ما قاله الجنرال ماكينزي يحمل دلالات في غاية الاهمية، فالرجل يعتبر ارفع قائد عسكري امريكي في منطقة الشرق الاوسط (غرب آسيا)، حيث يشرف على اكبر القواعد العسكرية خارج امريكا، والتي تضم الاساطيل البحرية وناقلات الطائرات ، وقاذفات بي 52 الاستراتيجية والالاف من الدبابات والمدرعات، وعشرات الالاف من المارينز، وعندما يتحدث عن حرب كادت ان تقع بين امريكا وايران، فإن السبب الذي حال دون وقوع هذه الحرب سيكون سببا في غاية الاهمية.
المعروف عن امريكا، تسارع الى اثبات قوتها والحفاظ على كبريائها، امام اي خصم مهما كان هذا الخصم قويا، ولا تدع اي تهديد وضربة تتعرض لها دون رد، حتى لو كانت تلك الضربة التي تعرضت لها غير مقصودة او لا تشكل خطرا على مصالحها أو وجودها العسكري في العالم، ولكنها ازاء قضية قصف قاعدة عين الاسد، اختارت عدم الرد وكظم الغيظ.
اللافت ان الضربة الايرانية القوية لقاعدة عين الاسد في غرب العراق، تعتبر اول هجوم تشنه دولة على قاعدة عسكرية امريكية في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وتتبنى هذه الدولة رسميا الهجوم ، دون ان تحرك امريكا ساكنا، وهو امر اثار العديد من الاسئلة حول السبب او الاسباب التي جعلت امريكا لا ترد على ايران، حتى خارج الجغرافيا الايرانية.
بعد عام من القصف الصاروخي لقاعدة عين الاسد، وبلا ان ترفع امريكا من سقف تهديداتها لايران، على الاقل التهديدات الشفهية، نراها تحاول مغازلة ايران، والتودد اليها ، كما ظهر ذلك جليا في تصريحات الجنرال ماكينزي ، عندما قال “انه وبعد عام من الحادثة هناك فرصة لإيجاد سبيل سياسي للسير قدما مع طهران”!!.
كما قلنا في بداية المقال، ان الذي يتحدث بهذا الاسلوب المحترم مع ايران هو اكبر قائد عسكري امريكي في منطقة الشرق الاوسط (غرب آسيا) ، كما انه يمثل اقوى دولة في العالم عسكريا ، وهو ما يكثف كثيرا من علامات الاستفهام التي تحوم حول اسباب امتناع امريكا عن الرد، انتقاما لقصف قاعدة عين الاسد الجوية.
رغم كثرة علامات الاستفهام، يبقى الجواب عليها هو واحد لا غير، انها قوة الردع التي تمتلكها ايران، ولولا هذه القوة، لردت امريكا منذ الثانية الاولى لقصف عين الاسد، ولما تحدث ماكينزي بهذه اللغة المحترمة، بل لكانت اسرائيل، قصفت المنشآت الايرانية، قبل سنوات طويلة، ولما اختارت لغة التهديد الجوفاء التي مرت عليها عقود طويلة دون ان نرى لها اي تطبيقات على ارض الواقع.
رغم انه من الصعب على اغلب دول المنطقة، ان تتعامل مع امريكا بندية كما تتعامل ايران، الا ان الدرس الذي تقدمه ايران الى دول العالم، هو ان يكون لها مكانا في خارطة المستقبل، المستقبل الذي لا مكان فيه للضعفاء، فالاقوياء فقط وحدهم من يصنع المستقبل، من خلال صناعة الحاضر.
بقلم : فيروز البغدادي
المصدر : شفقنا نيوز