فقد خاضت ايران مفاوضات دقيقة مع مجموعة (5+1) حتى تحقق هذا الاتفاق في 14 تموز 2015، كما انها وفت بالواجبات والمهام الملقاة على عاتقها ومن ذلك التزامها بالبروتوكول الاضافي لقانون الوكالة الذي يسمح لفرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة الفعاليات النووية السلمية الايرانية.
لكن بعد انسحاب اميركا من الاتفاق النووي على عهد الرئيس السيء الصيت دونالد ترامب لوحظ ان اوروبا تماهت مع موقف الولايات المتحدة الضاغط على الجمهورية الاسلامية حتى اضطرت ايران الى تقليل التزاماتها وفي اطار ما يجيز لها ذلك الاتفاق النووي نفسه.
لقد جاء جو بايدن رئيس اميركا الجديد وهو يزعم انه عازم على العودة الى الاتفاق النووي بيد ان واقع الحال يكشف ان الادارة الديمقراطية بزعامته لم تبد حتى الان ما يؤكد صحة هذا التوجه مع ايحاءات اخرى تقول ان الولايات المتحدة تريد التفاوض من جديد حول ما اتفق عليه سابقا.
طهران من جانبها تؤكد على انه لن يكون هناك تفاوض جديد حول الاتفاق النووي، كما ان عودة الالتزامات الايرانية مشروطة حاليا برفع الضغوط القصوى وازالة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وقد حدد قانون اصدره مجلس الشورى الاسلامي تاريخ العشرين من شباط القادم موعدا لبدء تقييد عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولا الى التخلي تدريجيا من الالتزام بالبتروكول الاضافي.
ومع ان مصالح ايران والسداسية الدولية تستوجب الحفاظ على الاتفاق النووي ومرجعيته القرار 2231، إلا ان استمرار اميركا والاتحاد الاوروبي في اسلوب المراوغة والمواقف المتذبذبة يجعل الاعتماد عليهما امرا عسيرا.
فليس في صالح احد ابقاء الاتفاق النووي ساكنا او عقيما لان المطلوب منه التزامات متبادلة تحقق لكل طرف مصالحه وحقوقه ومنافعه وقد شاهد الاميركان والاوروبيون ان سياسة التصعيد التي طبقها الاخرق دونالد ترامب لم تؤد الى اخضاع ايران ولا الى اخافتها، بل على العكس فقد ابرز هذا التصعيد ثقل الجمهورية الاسلامية استراتيجيا وعسكريا اقليميا ودوليا حتى لم يعد يمكن القول ان هناك من يستطيع اجبار ايران على اي شيء يمس مصالحها او امنها القومي قيلة انملة.
على الجميع ان يعرف ان امتلاك ايران للتقنية النووية حق مشروع يكفله القانون الدولي والقرار الاممي ٢٢٣١، وعلى الادارة الاميركية ان تكون وفية للاتفاق النووي وان تتخلى عن سياسات المماطلة والتسويف لان ايران لن تصبر الى الابد امام اساليب اللف والدوران في حلقة مفرغة.
بقلم حميد حلمي البغدادي