القصيدة الأولى:
تلكمُ بُيوتُكُمُ مَعالِمُ نهضَةٍ
ـــــــــــــــــــ
يا دارَ غُربَتِنا اندُبي يا دارُ
فالقلبُ مِن لَفْحِ الشُّجونِ اُوارُ
غالُوا إماماً في رَبيعِ شبابِهِ
علَمَ الهِدايةِ للصَّـريخِ جِـوارُ
وهو المُـعَـلِّـمُ اُمـةً لاذَتْ بهِ
مذْ أنشبتْ في نَحرِها الأظفارُ
وتحيَّنتْ فِـرَقُ الضَّلالةِ وَأْدَهَـا
وانتابَ زاهِـرَ عـهدِها الإصْحارُ
فغَدَتْ بِلادُ المُسلمينَ تشَرذُماً
وتحكّمتْ بـربُوعِها الأخطـارُ
خَطبٌ بِسـامَرّاءَ أَفجَعَ أهلَهـا
فَاُولو النّـباهةِ أدمعٌ تنْهـارُ
رُزِئَ الامامُ العسكريُّ مُهجَّراً
بجنايةٍ فُضِحَتْ بها الأَسْـرارُ
فتأوَّهَتْ أركانُ مـكّةَ والصّفا
وثَرَى المَدينةِ أعيُـنٌ مِـدْرارُ
تاللهِ لَو أنَّ الجِبالَ نواطقٌ
لَبكتْ عليه ودمعُها أنـهارُ
أَوَ مثلُ سبطُ محمدٍ يَرِدُ الرَّدى
غَـيلاً سُمومَـاً فَالحَشَا أَكْـوارُ
وهَو الإمـامُ البَـرُّ زاهِدُ عصرِهِ
ووصيّةُ الهادي ونِعْمَ الجارُ
مـا وُقّـرَ الحسنُ التقـيُّ بِقَتلِـهِ
يا ويلَ حُكّـامٍ علاهُـمْ عـارُ
إيـهٍ إمـامَ زمـانِنـا يا فَخرَنا
إنّي لِصَـبرِكَ مُـخْجَـلٌ مُحـتارُ
أعظَمْتُ حِـلْمَكَ قائداً متماسكاً
رَغـم الجَفـاءِ على الأنامِ يَغَـارُ
لَهفِي عليكَ وأنتَ تندُبُ والِـداً
شَغَلَ الـدُّنى قَد هـابَهُ الأخيارُ
وهو الأمينُ على تُراثِ محمّدٍ
وأبُو السَخاوَةِ زائراً ويُـزارُ
قد كانَ مَحجُورَاَ عليهِ فَـبَـيتُـهُ
سِجنٌ رَمتْـهُ بِرَصْدِها الأنظارُ
يُفْضِي لشيعَتهِ الكرامِ أنِ اكـتُمـوا
عنّـي التَحيةَ فالعِدى أشـرارُ
والحاكمونَ لِـئامُ نفسٍ شـأنُهُم
قَـهرُ العِـبادِ ومن إلِيـهِ يُشارُ
حَسدُوا الإمامَ العَسكريَّ فَـفضْلُهُ
قد شاعَ في الأفاقِ وهو حِصارُ
هذا هو النًّورُ الذي لاينجَلي
ما شـاءَ ربُّ العالميـنَ يُصَارُ
ذكرى شهادَتِكَ الأليمةِ سيّدي
مجدٌ سَـمَوتَ بِـهِ فـأنتَ شِـعـارُ
تلكمُ بُيوتُكُـمُ مَعالِـمُ نهضَةٍ
خابَ الذينَ تنّكرُوا وأغارُوا
وعَدَوا على صَرحٍ عظيمٌ قَـدْرُهُ
بئسَ النواصِـبُ إنّـهُـمْ أشرارُ
ويـلٌ لمَـنْ هَـدموا منازِلَ أحمـدٍ
ومراقدَاً طَـهُـرَتْ هي الأنوارُ
جعلوا قنـابلَهـمَ عِـداءَ مَودّةٍ
هي للأنـامِ مَنارةٌ ومَــزارُ
فِتَنـاً أرادُوهـا تَـزيدُ تَفرُّقـاً
للمُسلمينَ على المَحارِمِ جارُوا
يا آلَ بيتِ محمدٍ دُمتُـم حِمَـىً
ومَـعالِـماً للمكرماتِ تُـزارُ
ها همُ بَنُـوكُـمْ في العراقِ بواسِلٌ
حشْـدٌ وجيشٌ في الكريهةِ ثـارُ
هزموا الدواعشَ والعُتاةَ كواسِراً
سَـلِمتْ اياديهِمْ همُ الأحرارُ
شُـلتِ أيادي الظالمينَ لأنَّهم
حَـربٌ لِدينِ مُحمدٍ وشِـرَارُ
سقيـاً لرَمسٍ قدْ اُعيدَ بِـناؤُهُ
في أرضِ سامَرّاء وهو مَـنارُ
فالهادِيَـانِ مَلاذُ مَن رُضِعَ التُقَى
وثرى جِوارهما شذىً وظِـفارُ
القصيدة الثانية:
هو الإمامُ العَسْكرِيْ طاهراً
_____________
زُرْ أرضَ سامـرّاءَ بالحنينِ
وانظُـرْ إليها نَظـرَةَ الحزِينِ
فثَـمَّ ميعـادٌ إلى غُـروبٍ
أنـاخَ بالمَهـمُومِ والـدَّفينِ
فَوالِـدٌ غِـيلَ بِغَـدْرٍ طغَى
سُـمّاً خطيـراً حارِقَ البُطُـونِ
ونجلُـهُ يَبكيهِ في لَـوعةٍ
وصَـدْرُهُ يَـزْفِـرُ بالأنيـنِ
لكَ العزاءُ يا فَتـى أحمَـدٍ
يا صاحبَ الزّمانِ والتّمْكِينِ
بفقـدِكَ الحاني على اُمّـةٍ
جَفَتْ إماماً طاهرَ اليـقينِ
أَبَـانَ بالعلمِ سبيلَ الهُـدى
مفَنِّـدَأ اُطـرُوحةَ المُشِينِ
غادرَ في قسرِ العِدى رَبْعَـهُ
وبَيتَ قرآنِ الضُّحى والتينِ
فطيبةٌ دَمْـعٌ على بَـونِهِ
ومكّـةٌ والبَيتُ في شُـجُونِ
مُهاجراً سـارَ الى ربِّـهِ
مُستَشهِـداً خاضَ رُحى المَنونِ
وكانَ قاتِـلوهُ حِـزباً دَرَى
بأنَّـهُ الحامِيِ عن العَـرينِ
عـرينُ دينٍ صانَهُ أحمدٌ
بِـأهْـلِ بَيـتٍ طاهرٍ مَكِـينِ
هُـو ابنُ بنتِ المصطفى سيّدٌ
وخيرةُ الآباءِ والبَنِـينِ
هو الإمامُ العَسْكرِيْ طاهراً
ومَنْ تحدّى سَطْـوةَ الهَجِينِ
أحصَى عليهِ الظُلمُ أنفاسَـهُ
في بلَـدٍ مُعَـسْكـرٍ حَصِـينِ
ما أنصفُوهُ وهُوَ سِبطٌ غـدا
نـزيلَ بيتٍ حاسرٍ شَجِينِ
في بحـرِ جيشٍ وعُيُونٍ مَضَتْ
رَصْـداً فباءَتْ بالخَـنَـا المُهِينِ
فذاكَ نُـورُ اللهِ لا يَنْطفي
ما فـازَ كـيدُ الناكِـرِ الخَـؤُونِ
شُلّتْ أيادٍ فجَّـرتْ مَعْـلَمَـاً
حُـفَّ بأبنـاءِ الوَفَـا للـدِّينِ
فالعَسكريانِ إمَاما هُدىً
ومَفْـزعا الظامي الى المَعِـينِ
وأهلُ سـامرّاءَ عـانَوا لَظىً
مِن حَملَةِ المُسـتَذئِبِ الـلّـعِينِ
فالمـارقُ الزنديقُ يَجْـنِي سُـدىً
بِتضحياتِ الباسلِ المُعِينِ
ففي العراقِ نهضةٌ للفِدا
وقد أطاحَتْ ببني صِهيُونِ
والداعِشيُّونَ إلى ذِلَّةٍ
وحِلمُهُم صارَ بِبطنِ الطِّينِ
هاتيكَ سـامرّاءُ صَـرْحٌ سَمَـا
ومَـرقَـدٌ للمُلتَقى يَـدعُوني
لِوَحدَةٍ بينَ بَني اُمَّــةٍ
طابَـتْ بآيِ العصرِ والزيتونِ
فَالقُبَّـةُ الشَّقراءُ وَهّـاجَةٌ
تَضُـمُّ أعلامَ التُّقـَى المَتـينِ
هناكَ بيتُ عِـترةِ المُصطفى
ودوحَـةٌ لِـنهْضةٍ تَهدينِـي
عليكَ مِنِّي يا شهيدَ الـنُّهـى
سَـلامُ مُحْـتـاجٍ إلى المُبِيـنِ
جَـلَّ مُـصابِي بكَ يا سيدي
فِداكَ نَفْسِي يا عِمادَ دِينِـي
صَبراً جميلاَ يا أبا صالحٍ
فكُـلُّنا طَرْفٌ إلى المَكنُـونِ
يا حجَّةَ اللهِ على خَـلْـقِهِ
أنتَ الـرَّجَـا في الزمنِ الضّـنِينِ
يا آلَ بيتِ أحمدٍ فَـخـرُكُمْ
شهـادةٌ مِنْ دَوحَـةِ الحُسَيـنِ
بقلم الكاتب والإعلامي حميد حلمي البغدادي
٦ ربيع الاول ١٤٤٢ ٢٣ تشرين الاول ٢٠٢٠