إلهي تَناهَت أبصارُ النّاظِرينَ إلَيكَ بِسَرائِرِ القُلوبِ، وطالَعَت أصغَى السّامِعينَ (۳) لَكَ بخفِيّاتِ الصُّدورِ، فَلَم يَلقَ أبصارَهُم رَدٌّ دونَ ما يُريدونَ، هَتَكتَ بَينَكَ وبَينَهُم حُجُبَ الغَفلَةِ، فَسَكَنوا في نورِكَ، وتَنَفَّسوا بِرَوحِكَ.
فَصارَت قُلوبُهُم مغارِس لِمحبَتِكَ، وأبصارُهُم ماكِف لِقُدرَتِكَ، وقَرُبَت أرواحُهُم مِن قُدسِكَ، فَجالَسُوا اسمَكَ بِوَقارِ المُجالَسةِ، وخُضوعِ المُخاطَبَةِ، فَأَقبَلتَ إلَيهِم إقبالَ الشَّفيقِ، وأنصَتَّ لَهمُ إنصاتَ الرَّفيقِ، وأجَبتَهُم إجاباتِ الأَحِبّاءِ، وناجَيتَهُم مُناجاةَ الأَخِلّاءِ، فأَبَلِّغ بِيَ المَحَلَّ الَّذي إلَيهِ وَصَلوا، وَانقُلني مِن ذِكري إلى ذِكرِكَ، ولا تَترُك بَيني وَبَينَ مَلَكوتِ عِزِّكَ باباً إلّا فَتَحتَهُ، ولا حِجاباً مِن حُجُبِ الغَفلَةِ إلّا هَتَكتَهُ، حَتّى تُقيمَ روحي بَينَ ضِياءِ عَرشِكَ، وتَجعَلَ لَها مَقاماً نُصبَ نورِكَ، إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.