الخطبة ۱۰٦: وفيها يبين فضل الاسلام ويذكر الرسول الكريم ثم يلوم اصحابه
الْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي شَرَعَ اَلْإِسْلاَمَ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ، وأَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ، فَجَعَلَهُ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ، وسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، وبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ عَنْه، ونُوراً لِمَنِ اِسْتَضَاءَ بِهِ، وفَهْماً لِمَنْ عَقَلَ، ولُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ، وآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وتَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ، وعِبْرَةً لِمَنِ اِتَّعَظَ، ونَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ، وثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ، ورَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ، وجُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ، فَهُوَ أَبْلَجُ اَلْمَنَاهِجِ، وأَوْضَحُ اَلْوَلاَئِجِ، مُشْرَفُ اَلْمَنَارِ، مُشْرِقُ اَلْجَوَادِّ، مُضِيءُ اَلْمَصَابِيحِ، كَرِيمُ اَلْمِضْمَارِ، رَفِيعُ اَلْغَايَةِ، جَامِعُ اَلْحَلْبَةِ، مُتَنَافِسُ اَلسُّبْقَةِ، شَرِيفُ اَلْفُرْسَانِ، اَلتَّصْدِيقُ مِنْهَاجُهُ، واَلصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ، واَلْمَوْتُ غَايَتُهُ، واَلدُّنْيَا مِضْمَارُهُ، واَلْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ، واَلْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ.
ومنها في ذكر النبي صلى الله عليه وآله:
حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لِقَابِسٍ، وأَنَارَ عَلَماً لِحَابِسٍ، فَهُوَ أَمِينُكَ اَلْمَأْمُونُ، وشَهِيدُكَ يَوْمَ اَلدِّينِ، وبَعِيثُكَ نِعْمَةً، ورَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً، اَللَّهُمَّ اِقْسِمْ لَهُ مَقْسَماً مِنْ عَدْلِكَ، واِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ، اَللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ اَلْبَانِينَ بِنَاءَهُ، واَكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَهُ، وشَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَتَهُ، وآتِهِ اَلْوَسِيلَةَ، وأَعْطِهِ اَلسَّنَاءَ واَلْفَضِيلَةَ، واُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ غَيْرَ خَزَايَا ولاَ نَادِمِينَ، ولاَ نَاكِبِينَ ولاَ نَاكِثِينَ، ولاَ ضَالِّينَ ولاَ مُضِلِّينَ ولاَ مَفْتُونِينَ.
ومنها في خطاب أصحابه:
وَقَدْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ اَللَّهِ تَعَالَى لَكُمْ مَنْزِلَةً، تُكْرَمُ بِهَا إِمَاؤُكُمْ، وتُوصَلُ بِهَا جِيرَانُكُمْ، ويُعَظِّمُكُمْ مَنْ لاَ فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ، ولاَ يَدَ لَكُمْ عِنْدَهُ، ولا يَهَابُكُمْ مَنْ لاَ يَخَافُ لَكُمْ سَطْوَةً، ولاَ لَكُمْ عَلَيْهِ إِمْرَةٌ، وقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اَللَّهِ مَنْقُوضَةً فَلاَ تَغْضَبُونَ، وأَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْنَفُونَ، وكَانَتْ أُمُورُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ تَرِدُ، وعَنْكُمْ تَصْدُرُ، وإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ، فَمَكَّنْتُمُ اَلظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ، وأَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ أَزِمَّتَكُمْ، وأَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اَللَّهِ فِي أَيْدِيهِمْ، يَعْمَلُونَ بِالشُّبُهَاتِ، ويَسِيرُونَ فِي اَلشَّهَوَاتِ، وأَيْمُ اَللَّهِ لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ، لَجَمَعَكُمُ اَللَّهُ لِشَرِّ يَوْمٍ لَهُمْ.