إن هذه الثورة لم تكن مجرد انتفاضة شعبية ضد نظام الشاه، بل كانت زلزالًا سياسيًا أعاد رسم ملامح الشرق الأوسط.
قاد الإمام الخميني (قدس) الثورة الإسلامية بمشروع سياسي واجتماعي قائم على الإسلام السياسي، حيث رفع شعار "لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية"، مما جعلها نموذجًا للحركات التحررية في العالم الإسلامي.
كان للنهج الذي تبنّاه الإمام الخميني (قدس) دور رئيسي في استقطاب الدعم من الأحرار العرب، الذين رأوا في الثورة نموذجًا لمواجهة الاستعمار والأنظمة الاستبدادية.
ورغم التباينات السياسية بين الدول العربية، إلا أن العديد من الحركات الإسلامية والشخصيات العربية البارزة وقفت إلى جانب الثورة ودعمتها معنويًا وماديًا.
ويمكن تقسيم هذا الدعم إلى عدة محاور:
١. الدعم من داخل العراق: النجف الأشرف وحزب الدعوة الإسلامية
قبل انتصار الثورة، كانت الحوزة العلمية في النجف الأشرف مقرًا لنشاط الإمام الخميني (قدس) حيث أمضى سنوات في النشاط المعارض لنظام الشاه.
كما أن حزب الدعوة الإسلامية ومنظمة العمل الإسلامي في العراق لعبا دورًا مهمًا في تأييد الثورة، متأثرين بأفكار الإمام الخميني حول ضرورة إقامة نظام إسلامي.
٢. لبنان ودور الإمام موسى الصدر
كان الإمام موسى الصدر من أوائل الداعمين للثورة الإسلامية، حيث رأى فيها انتصارًا للمستضعفين.
وقد أسهمت حركة أمل في دعم الثورة، كما كان للشيعة في لبنان، الذين تأثروا بأفكار الثورة الإسلامية، دور بارز في نشر فكر المقاومة.
٣. سوريا: موقف الدولة والمجتمع
اتخذت سوريا بقيادة الرئيس حافظ الأسد موقفًا داعمًا للثورة، إذ وجدت في انتصارها توازنًا استراتيجيًا في مواجهة النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة.
٤. مصر: بين التأييد الشعبي والموقف الرسمي
رغم موقف الرئيس أنور السادات المعادي للثورة بسبب علاقاته مع الشاه، فإن قطاعات واسعة من الشعب المصري، خاصة الحركات الإسلامية، أبدت إعجابها بتجربة الثورة الإسلامية.
٥. البحرين والسعودية: تأثير الثورة على الحركات الإسلامية
في البحرين والسعودية، ألهمت الثورة الحركات الإسلامية المعارضة للأنظمة الحاكمة، حيث استلهمت بعض الجماعات أفكارها من النموذج الإيراني.
الحرب الإيرانية العراقية: اختبار صعب للعلاقات العربية الإيرانية
بعد نجاح الثورة الإسلامية، نشبت الحرب بين إيران والعراق التي استمرت ثماني سنوات (1980-1988)، وهي ما شكّلت اختبارًا حقيقيًا للعلاقات الإيرانية العربية.
لم يكن انتصار الثورة الإسلامية في إيران حدثًا محليًا، بل كان له أصداء واسعة في العالم العربي.
فبينما وقفت بعض الأنظمة العربية ضد الثورة خوفًا من امتداد تأثيرها، دعمتها الحركات الإسلامية والشخصيات الحرة التي رأت فيها نموذجًا للتحرر من الاستبداد والتبعية.
واليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود على انتصارها، ما زالت الثورة الإسلامية تلهم الحركات السياسية في العالم العربي، وتؤثر في موازين القوى في المنطقة.
محمد سراج الدين