البث المباشر

ثبات المهتدين بالحسين على نصرته عليهم السلام

الأحد 21 أكتوبر 2018 - 18:33 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله معكم أيها الأعزاء في حلقة أخرى من برنامج (بالحسين اهتديت) نخصصها للحديث عن ثبات المهتدين بسيد الشهداء، صلوات الله عليه، وتمسكهم بنصرته إلى الرمق الأخير.. ونختم اللقاء بموقف مؤثر لأحد عشاق الحسين، عليه السلام، عند احتضاره، وهو المرجع الديني التقي السيد محمد الحجة (رضوان الله عليه) تابعونا مشكورين. 

لا شك، أيها الإخوة الأفاضل، أن الناس تأثروا بشخصية الإمام الحسين عليه السلام.. بحالاته الإيمانية، وروحياته الإنسانية والأخلاقية، فنمت في القلوب محبته ومودته، وكذا إمامته وولايته، فاندفع المؤمنون منهم نحوه يأتمون به، ويسلمون أمورهم إليه، إذ هو وليهم، فقد انضموا إلى كنفه حتى عرجوا معه إلى الأفق الأعلى من معراج كربلاء في شهادته وشهادتهم.


نعم أيها الإخوة الأكارم.. ذلك لأن أولئك الأهل والأصحاب الذين خرجوا مع الإمام الحسين صلوات الله عليه، ووازروه وعاضدوه، وسايروه وأطاعوه، كانوا قد اهتدوا به، ثم اقتدوا به، ثم سلموا له، فتقدموا بين يديه للجهاد محتفين به، يفدونه، حتى كان منهم الإخلاص والتضحية والوفاء إلى أنفاسهم الأخيرة، حيث الرحيل مضمخين معطرين، بدم الشهادة الفاخرة، وهم يجدون ذلك أعز شرف وأسمى سعادة..

بعد أن أصبحوا حسينيين يرفضون المداهنة والذلة، كما يرفضون الخذلان والخيانة والغدر، فأبوا أن يشتروا حياة بترك إمامهم، وكانت له مواقف أبية شامخة.


قدم عبد الله بن أبي المحل بن حزام على عبيد الله بن زياد يقول له: إن بني أختنا(أي العباس وإخوته) مع الحسين، فإن رأيت أن تكتب لهم أمانا. فأجابه عبيد الله إلى ذلك، وكتب له كتابا بعثه عبيد الله بن أبي المحل مع مولى له يقال له(كزمان)، فقال لهم: هذا أمان بعث به خالكم، فأجابه الفتية قائلين له: إقرأ خالنا السلام وقل له: لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير لنا من أمان ابن سمية! ويوم عاشوراء..

خرج الشمر بن ذي الجوشن بين الصفين فنادى: أين بنو أختنا؟ أين العباس وإخوته؟ فأعرضوا عنه ولم يجيبوه بأي كلمة فقال لهم أخوهم وإمامهم أبو عبدالله الحسين سلام الله عليه: أجيبوه وإن كان فاسقا.

فصاحوا عليه: ما شأنك وما تريد؟ قال: يا بني أختنا أنتم آمنون، لاتقتلوا أنفسكم مع الحسين، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد، فنهض العباس(عليه السلام) بروحه العلوية الحسينية، فأجابه: لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟! وتأمرنا أن ندخل في طاعة اللعناء أولاد اللعناء؟!
أي تفد ذاك، أيها الإخوة الأحبة، وأي تول وتبر ذلكما! وأية روح تلك التي اهتدت بروح الحسين! قيل لمحمد بن بشير الحضرمي أحد أصحاب أبي عبد الله عليه السلام: قد أسر ابنك بثغر الري،

فقال: ما أحب أن يؤسر وأنا أبقى بعده حيا، فقال له الأمام الحسين سلام الله عليه: "أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ولدك"، فكان جوابه: لا والله لاأفعل ذلك، أكلتني السباع حيا إن فارقتك، فقال له الإمام الحسين: "إذا أعط ابنك هذه الأثواب الخمسة ليعمل في فكاك أخيه. وكان قيمتها ألف دينار ".
وخرج الحسين في جوف ليلة عاشوراء يتفقد التلاع والعقبات، فتبعه نافع بن هلال الجملي، فقال له الحسين(عليه السلام): ألا تسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل وتنجو بنفسك؟! فوقع نافع على قدمي الحسين يقبلهما ويقول: ثكلتني أمي! إن سيفي بألف، وفرسي مثله، فوالله الذي من بك علي، لا فارقتك حتى يكلا عن فري وجري. ودخل أبو عبد الله الحسين صلوات الله عليه خيمة أخته المكرمة زينب سلام الله عليها، ووقف نافع بإزاء الخيمة، فسمع زينب تقول لأخيه الحسين: هل استعلمت من أصحابك نياتهم، فإني أخشى أن يسلموك عند الوثبة.

فقال لها: "والله لقد بلوتهم، فما وجدت فيهم الا الأشوس الأقعس، يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل إلى محالب أمه". فلما سمع نافع ذلك بكى وأتى حبيب بن مظاهر فأخبره، فقال حبيب: والله لولا انتظار أمره(أي أمر الحسين) لعاجلتهم بسيفي هذه الليلة. ثم التفت إلى أصحابه وحكى لهم ما سمعه من نافع، فقالوا بأجمعهم: والله الذي من علينا بهذا الموقف، لولا انتظار أمره لعاجلناهم بسيوفنا الساعة! فطب نفسا وقر عينا، فجزاهم زهيرا خيرا وقال لهم: هلموا معي لنواجه النسوة ونطيب خاطرهن، فنادى حبيب بهن: يا معشر حرائر رسول الله، هذه صوارم فتيانكم، آلوا ألا يغمدوها إلا في رقاب من يريد السوء فيكم، وهذه أسنة غلمانكم، أقسموا ألا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم.


فخرجن النساء إليهم بالبكاء والعويل وقلن لهم: أيها الطيبون، حاموا عن بنات رسول الله وحرائر أمير المؤمنين. فضج القوم بالبكاء، حتى كأن الأرض أصبحت تميد بهم.

وتنادبت للذب عنه عصبة

ورثوا المعالي أشيبا وشبابا

من ينتدبهم للكريهة ينتدب

منهم ضراغمة الأسود غضابا

خفوا لداعي الحرب حين دعاهم

ورسوا بعرصة كربلاء هضابا

وجدوا الردى من دون آل محمد

عذبا، و بعدهم الحياة عذابا


لقد تعالت أرواحهم، بعد أن سمت أنفسهم، فاستعذبوا القتل في طاعة الله، وقدموه على الحياة في معصية الله، وتقدموا نحو الشهادة في عزة وشرف وكرامة بين يدي الحسين، وذلك بعد أن اهتدوا بإمامهم أبي عبد الله الحسين.


ولنختم هذا اللقاء مستمعينا الأعزاء بموقف مؤثر من سنخ تلك المواقف النبيلة في الثبات على الهداية الحسينية إلى الرمق الأخير. قال مؤلف كتاب (قصص الأبرار) في الجزء الثالث منه: عرف آية لله السيد محمد الحجة بعظيم الإخلاص والورع والتقوى، وكان من كبار مراجع الدين في مدينة قم المقدسة، وقد توفي في الثالث من شهر جمادي الأولى سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة.

 وقبره يزوره المؤمنون في مسجد مدرسة الحجتية في قم.. ففي ساعات إحتضار هذا السيد الجليل طلب رضوان الله عليه أن يأتوه بشيء من التربة الحسينية المباركة، فأتوه بها وخلطوها بالماء، فقربه من فمه وقال: آخر زادي من الدنيا تربة الحسين( عليه السلام).
ثم شرب الماء المخلوط بالتربة المباركة وتشهد وأسلم روحه إلى بارئها( رضوان الله عليه).
نشكر لكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران، صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، حسن الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج(بالحسين اهتديت).. إلى لقاء آخر بإذن الله دمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة