بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ..السلام على مستمعي برنامج نهج الحياة ورحمة الله وبركاته .نحن معكم لنحط رحلنا عند آيات أخرى من سورة "غافر" المباركة وهي الايات 16 -20. لنستمع إلى تلاوة للايتين 16 و17 من هذه السورة المباركة :
يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّـهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّـهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿١٦﴾
الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿١٧﴾
انتهى الكلام في الحلقة الماضية حول الإنذار الإلهي للبشر عن طريق الانبياء والكتب السماوية بخصوص يوم القيامة ليصل الدور في هذه الايات إلى وصف ذلك اليوم . يبيّن تعالى أن يوم القيامة، هواليوم الذي تزول فيه جميع الحجب والأستار، و سيخرج الناس من قبورهم، ثمّ تنكشف أسرارهم الباطنية والخافية، يوم تنشر صحف الأعمال وينكشف محتواها. الوصف الثّاني لذلك اليوم المهول، هوانكشاف أمر الناس بحيث لا يخفى شيء منها على الله تعالى كما لم يكن مخفيا على في الدنيا.الخصوصية الثّالثة ليوم القيامة هو انبساط الحاكمية المطلقة لله تعالى، ويظهر ذلك من خلال نفس الآية التي تسأل عن الحكم والملك في ذلك اليوم: (لمن الملك اليوم)؟ يأتي الجواب: (لله الواحد القهار).سؤال وجواب لا يطرحان من قبل فرد معين، بل هو سؤال يطرحه الخالق والمخلوق، الملائكة والإنسان، المؤمن والكافر، تطرحه جميع الوجود، وكلّهم يجيبون عليه بلسان حالهم، بمعنى أنّك أينما تنظر تشاهد آثار حاكميته، وأينما تدقق ترى علائم قاهريته واضحه.الخصوصية الرابعة لذلك اليوم، هو كونه يوم جزاء: (اليوم تجزى كلّ نفس بماكسبت). أجل، إن ظهور وبروز الاحاطة العلمية لله تعالى وحاكميته ومالكيته وقهاريته كلها أدلة واضحة على هذه الحقيقة العظيمة.أمّا الخصوصية الخامسة لذلك اليوم، فهي ما يختصره قوله تعالى: (لا ظلم اليوم).وكيف يمكن أن يحصل الظلم، في حين أن الظلم إمّا أن يكون عن جهل، والله عزوجل قد أحاط بكل شيء علماً.وإمّا أن يكون عن عجز، والله عزوجل هو القاهر والمالك والحاكم على شيء، لذا لا مجال لظلم أحد في محضر القدس الإلهي وفي ساحة القضاء الإلهي العادل.الصفة السادسة والأخيرة ليوم القيامة، هي سرعة الحساب لأعمال العباد، كما نقرأ ذلك في قوله تعالى: (إنّ الله سريع الحساب).وسرعة الحساب بالنسبة لله تعالى تجري كلمح البصر، وهي بدرجة بحيث نقرأ عنها في حديث: "إنّ الله تعالى يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر.
ترشدنا الايتان إلى بعض التعاليم نشير إليها :
- لا مجال للشك في علم الله تعالى وإحاطته بجميع الشؤون وهذا أمر ينكشف للإنسان يوم يلقاه .
- لا أحد يستثنى من الحساب يوم القيامة وإن معيار الثواب والجزاء هو أداء الإنسان في الدنيا وليس آماله وأمنياته.
- ليس في القيامة أي ظلم فالكل يحاسب طبقا لما عمله في الدنيا.
أيها الأكارم نستمع إلى تلاوة الايات 18-20 من سورة غافر المباركة:
وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴿١٨﴾
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴿١٩﴾
وَاللَّـهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ۗ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿٢٠﴾
هذه الآيات تستمر - كالآيات السابقة - في وصف القيامة وتحدّد سبع خصائص للقيامة والحوادث المهولة والمدهشة التي تدفع بكل انسان مؤمن نحو التفكير والتأمل بالحياة والمصير.يقول تعالى: (وأنذرهم يوم الآزفة)أي اليوم القريب كي لا يظن الجهلة أن هناك فترة طويلة تفصلهم عن ذلك اليوم، فلا ينبغي - والحال هذه - أن ينشغل المرء بالتفكير به!الوصف الثّاني ليوم الأزفة هو: (إذ القلوب لدى الحناجر) من شدة الخوف. فعندما تواجه الإنسان الصعوبات يشعر وكأنّ قلبه يكاد أن يخرج من حنجرته،تعبيرا عن شدة الخوف . الصفة الثّالثة لذلك اليوم تعبر عنها الآية: بـ ( كاظمين) أي إنّ الهم والغم سيشمل كل وجودهم، إلاّ أنّهم لا يستطيعون إظهار ذلك أو إبداءه.
الصفة الرّابعة ليوم القيامة هو يوم: (ما للظالمين من حميم). أي صديق ولا شفيع يطاع. ذلك أنّ شفاعة إنّما تكون بإذن الله تعالى، ثم تشير الاية إلى أن الله يعلم الحركات السرية للعيون وما تخفيه الصدور من أسرار، وسيقوم تعالى بالحكم والقضاء العادل عليها.
نتعلم من الايات :
- إن الموت بوابة القيامة وهو قريب جدا وينبغي الاستعداد له.
- يشعر الظالم بضيق لا يوصف لما يعيشه من هول وحسرة على فرط في جنب الله فلا الصراخ يعينه ولا صديق حميم أو شفيع يطاع .
- إن الإعتقاد بأن الله عالم بسرائرنا وخفايانا يحول بيننا وبين ارتكاب الظلم .
في نهاية هذا البرنامج نشكركم على طيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .