البث المباشر

تفسير موجز للآيات 9 الى 11 من سورة فاطر

الإثنين 13 إبريل 2020 - 16:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 790

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفصل الصلاة على خير الأنام محمد وآله الطيبين الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته معكم أيها الأكارم ضمن حلقة جديدة من نهج الحياة حيث نواصل التأمل في الآيات 9 حتى الحادية عشرة من سورة فاطر المباركة .. تعالوا معنا لننصت إلى تلاوة الاية 9 من هذه السورة المباركة:

 وَاللَّـهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ كَذَٰلِكَ النُّشُورُ ﴿٩﴾

جاءت هذه الاية ردا على إنكار المنكرين للمعاد ولتلفت إلى مبدأ الكون لإثبات المعاد بدليل واحد فتقول الآية الكريمة: (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميّت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور). مستمعينا الاحبة ثمة نظام دقيق يتحكّم في حركة الرياح، ثمّ في حركة السحاب، ثمّ في نزول قطرات المطر الباعثة للحياة، ثمّ في حياة الأرض الميتة، وهو أحسن دليل على أنّ يد القدرة الحكيمة هي من وراء ذلك النظام تقوم على تدبير اُموره. وهذا ما تشير اليه الاية المباركة فنستلهم منها عبرا و دروسا منها :

  • إن حركة الرياح والسحاب الماطرة على البحار والمحيطات نحو الأراضي اليابسة كل ذلك لا يمكن اعتباره صدفة بل يؤكد وجود خالق حكيم مقتدر تجري جميع الشؤون تحت إرادته وقدرته .
  • تكامل الموجودات في حركتها ومسارها وإنبعاث الحياة من الأرض الميتة تقول للإنسان: أيّها الإنسان إنّك ترى مشهد المعاد في فصول كلّ عام أمام ناظريك وتحت قدميك ألا يكفي هذا لتؤمن باليوم الاخر.

 

والان أيها الأكارم إليكم تلاوة الاية العاشرة من سورة فاطر:

مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَـٰئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴿١٠﴾

بعد ان تطرقت الاية إلى مبحث عقدي مهم اشارت الي خطإ كبير يقع فيه المشركون و هو إعتقادهم بأنّ العزّة تأتيهم من أصنامهم، وبأنّ الإيمان بالرّسول(ص) سيكون سبباً في تخطّف الناس إيّاهم فتقول الآية: (من كان يريد العزّة فللّه العزّة جميعاً).لأنّ الله سبحانه وتعالى هو الذات الوحيدة التي لا تُغلب، وجميع المخلوقات بحكم محدوديتها قابلة للسيطرة والغلبة، وعليه فإنّ العزّة جميعها من الله، وكلّ من اكتسب عزّة فمن بحرعزّته اللامتناهي.

ثمّ توضّح الآية طريق الوصول إلى (العزّة) فيقول تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه).(الكلم الطيّب): إي العقائد الصحيحة فيما يخصّ المبدأ والمعاد والنبوّة . فالعقيدة الصحيحة تصعد إلى الله، وتجعل المعتقد بها يحلق هو الآخر، حتّى يكون في قرب جوار الحقّ تعالى، مرتديا لباس العزة والكرامة.

مما لا شك فيه أن ينبت من جذور هذه العقيدة الراسخة سيقان وفروع ، ثمرها العمل الصالح لا يرجو فاعله الا رضا الله سبحانه وتعالي .

نتعلم من الاية بعضا من الدروس نذكر منها:

  • إن العزة الحقيقية هي لله تعالى وليس عند الناس ! فكم من أشخاص يبدو أنهم أعزاء عند الناس إلا أنهم أذلاء غدا يوم القيامة . ولكن المؤمن بالله تعالى فهو عزيز مهما واجه من ظروف عصيبة و أزمات .
  • ثمة علاقة تربط بين الإيمان والعمل الصالح وأحدهما يؤثر على الأخر .
  • إن بلوغ العزة الحقيقية أمر لا يحصل للمرء من خلال الخداع النفس و البحث عنها في غير طريق الله بل إنها أمر بيد الله تعالى .

 

والان آيها الأحبة ننصت إلى تلاوة الاية 11 من سورة فاطر:

وَاللَّـهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا ۚ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿١١﴾

تتعرّض هذه الاية أيضاً إلى قسم آخر من آيات تدل على قدرة الله من جانب، وعلى علمه من جانب آخر، وقضيّة إمكانية المعاد من جانب ثالث.في البداية تشير الاية إلى خلق الإنسان في مراحله المختلفة فتقول: (والله خلقكم من تراب ثمّ من نطفة ثمّ جعلكم أزواجاً).وهذه ثلاث مراحل من مراحل خلق الإنسان: الطين- والنطفة- ومرحلة الزوجية.

فلا شك أنّ الإنسان من التراب، إذ أنّ آدم (ع) خلق من تراب، كما أنّ جميع المواد سواء التي يتشكّل منها جسم الإنسان، أو التي يتغذّى عليها، أو التي تنعقد منها نطفته، جميعها تنتهي إلى مواد هي ذاتها التي يحتويها التراب.

فالله الذي خلق الانسان من التراب ألا يمكنه إعادة خلقه من التراب يوم القيامة ؟

و إلى بعض التعاليم التي تتحفنا بها الاية المباركة:

  • إن الانتباه لمبدء خلق الانسان يجعل الفرد خاضعا أمام قدرة الله تعالى و يجنبه الغرور والتكبر .
  • إن جميع بني البشر و منهم الانبياء والاولياء خلقوا من تراب ويعودون إلى التراب .
  • إن الأعمار بيد الله تعالى فيطيل الله عمر البعض ويقصر في عمر البعض الاخر.
  • إن جميع ما يقوم به الانسان من أعمال في الحياة الدنيا سيحاسب عليها يوم القيامة .

 

آيها الأكارم وصلنا إلى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة نشكركم على حسن تواصلكم ونتنمى لكم كل خير في ظل تعاليم القران الكريم. السلام عليكم ورحمة الله ..

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة