البث المباشر

تفسير موجز للآيات 18 الى 21 من سورة القصص

الجمعة 10 إبريل 2020 - 23:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 699

بسم الله الرحمن الرحيم

إخوة الإيمان أهلاً بكم في هذا اللقاء وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة القصص المباركة نستهله بالآيتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة وهما تتابعان نقل مشاهد من قصة موسى كليم الله على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام:

فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴿١٨﴾

فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٩﴾

 

مر في الحلقة السابقة أنه لما غادر النبي موسى عليه السلام قصر فرعون وهو شاب ودخل المدينة أيام كان فيها بنواسرائيل يعانون ظلم الفراعنة وأشياعهم واضطهادهم، رأى رجلين يقتتلان يضرب أحدهما وهو من شيعة فرعون الآخر وهو من شيعة بني اسرائيل، فهرع موسى –ع- مغيثاً الذي هو من شيعته فقضى على القبطي شيعة فرعون وهو لم يرد ذلك.

وتحكي هاتان الآيتان ما جرى بعد ذلك فتبين أن موسى لم يعد الى قصر فرعون، وأصبح خائفاً أي أنه خاف من فرعون وقومه أن يكونوا قد علموا بقتله القبطي، لذا كان يتجسس وينتظر الأخبار في شأنه.

وفي غضون ذلك إذا بالإسرائيلي الذي هو من شيعته والذي كان قد خلصه موسى – ع – بالأمس ووكز القبطي من أجله ها هو اليوم يستصرخ موسى – ع – ويستعين به على قبطي آخر خاصمه فقال له موسى إنك لغوي مبين أي ظاهر الغواية. حيث قاتلت بالأمس رجلاً واليوم تقاتل غيره؛ على هذا إنك لست صائباً فيما قمت به. وهذا توبيخ وتأنيب من موسى للإسرائيلي لخصومته قوماً، خصومةً لا تعود على بني إسرائيل إلا بالشر.

وعندما أخذت موسى الرقة على الإسرائيلي وهم بدفع القبطي وأ، يبطش به، على أي حال، علم القبطي بأن القاتل هو موسى فرجع الى فرعون فأخبره بذلك، فأتمر فرعون ومن معه بموسى وعزموا على قتله.

أفهمتنا الآيتان:

  •  وجوب وجود برنامج أو مخطط سبق لمحاربة العدو، وإلا ستكون النتيجة فاشلة وتتسبب كذلك في مشاكل لنا وللآخرين.
  •  وجوب نقد الأصحاب والأصدقاء نقداً بناءً وردعهم عن الأخطاء وعدم التخلي عنهم أمام العدو والغاشم.
  • وجوب مواجهة العدو بكل قوة.

والآن نستمع وإياكم الى الآيتين العشرين وما بعدها من سورة القصص المباركة:

وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢٠﴾

فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٢١﴾

 

علم فرعون بأمر اقتتال رجل من بني اسرائيل كان قد استغاث موسى على إثنين من الأقباط من شية فرعون، فوكز الأول وقضى عليه وأراد في اليوم التالي أن يبطش بالثاني فعز ذلك على فرعون وائتمر ومعه فعزم على قتله لئلا يجرؤ أحدهم على مواجهة فرعون وشيعته.

وقبل أن يقدم رجال فرعون وأعوانه على قتل موسى "جاء رجل" هو كما يروى "حزقيل" شمعون أو شمعان وهو ابن عم فرعون أو قريب له، "جاء من أقصى المدينة يسعى" من آخر المدينة حيث كان قصر فرعون، فاختصر طريقاً حتى سبق الملأ وهم الأشراف من آل فرعون "فقال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك" أي يتشاورون فيك "ليقتلوك فاخرج" من أرض مصر "إني لك من الناصحين" ولا أريد لك إلا خيراً.

"فخرج" موسى من مصر وهي مدينة فرعون "خائفاً" من أن يطلب فيقتل "يترقب" الطلب "قال رب نجني من القوم الظالمين" قيل إن موسى عليه السلام خرج متوجهاً نحو مدين وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه، قال رب نجني من فرعون وقومه.

ما تعلمناه من الآيتين:

  •  وجوب تجنب مساعدة الظالمين والدخول في جهاز حكم الظالمين إلا إذا كان بهدف مساعدة المحرومين والمظلومين ووضع حد للظلم والإضطهاد.
  •  ما نعمله في سبيل الله، نجزى عليه في الظروف الصعبة والمهالك وإنه سبحانه هو الذي يحفظنا ويعيننا من كل مكروه وما يهدد حياتنا.
  •  قد يغير تقرير خبري في الموقت المناسب، مصير أمة بأكملها، فلو لا ما أخبر به ذلك الرجل القادم من أقصى المدينة مسرعاً، موسى عليه السلام في الوقت المناسب، ولو لا خروج موسى منها، ربما كان يقتل بأيدي أعوان فرعون وعملائه.
  •  قد يكون بين نزلاء القصور دعاة الحق، وقد يكون بين نزلاء الصرائف والأكواخ بعض دعاة الباطل، مهما كان فإن ما يعول عليه وبعبارة أخرى.. المسألة هي مسألة ما هو حق وما هو باطل لا محل سكن الناس وحياتهم.

وصلنا الى نهاية حلقة اليوم، لنا مستمعينا الأكارم لقاء آخر إن شاء الله.. الى ذلك الحين نستودعكم الله جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة