بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وآله الغر الميامين.
حضرات المستمعين الأكارم أسعد الله أوقاتكم وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة.
يسرنا أن نقدم لكم تفسير موجزاً لآيات أخرى من سورة الشعراء ونبدأ بالآيات 116 الى 118:
قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴿١١٦﴾
قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴿١١٧﴾
فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٨﴾
أعزاءنا، مر علينا في الحلقة السابقة أن الأثرياء من قوم نوح لم يؤمنوا بدعوته وتذرعوا بإيمان الفقراء وقالوا لنوح أبعد عنك الفقراء حتى نؤمن لك.
فرفض – عليه السلام – طلبهم فهددوه بالرجم ولما يأس من إيمانهم بالله دعا نوح (ع) من هؤلاء ودعا أن يقيه المؤمنين من شر الكافرين.
ومما تفيدنا هذه الآيات ما يلي:
- إن التهديد بالقتل وسيلة الطغاة في كل زمان وإن الأنبياء لم تخفهم هذه التهديدات وواصلوا طريقهم في الدعوة الى التوحيد.
- في مواجهة تهديدات الظالمين ينبغي أولاً اللجوء الى حضرة رب الأرباب تعالى شأنه وطلب النجاة من شر أهل الشر منه تعالى شأنه.
ولنستمع الى تلاوة الآيات من 119 حتى 122 من سورة الشعراء:
فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١١٩﴾
ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ﴿١٢٠﴾
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٢١﴾
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٢﴾
تصرح آيات القرآن الكريم الأخرى أن الله تباركت أسماؤه أوحى الى نوح (ع) أن يصنع الفلك ويضع فيه من كل حيوان زوجاً ويركب هو والمؤمنون معه سفينة النجاة هذه.
وشاءت إرادة الله أن ينزل العذاب على الكافرين، حيث نبعت المياه من الأرض وسالت الأمطار من السماء وحدث الطوفان وتصاعدت وتداخلت الأمواج العاتية للمياه، وغرق الكافرون وكانت سفينة نوح هي الناجية بمن كان فيها.
وإليكم الدروس المأخوذة من هذا النص فهي ثلاثة كالتالي:
- إن الله تعالى يستجيب لدعوة أنبيائه وأوليائه ويجعل النجاة عاقبة أرحم.
- إن الإبتعاد عن سبيل الأنبياء يؤدي الى الهلاك.
- إن سنة الله تعالى اقتضت إنتصار الحق على الباطل.
ويقول تعالى في الآيتين 123 و124 من سورة شعراء المباركة:
كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٢٣﴾
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٢٤﴾
من بعد أن قص علينا القرآن الكريم قصة نوح (ع) قص علينا قصة النبي هود الذي بعث الى قوم عاد.
ويحدثنا التاريخ أن قوم عاد كانوا يسكنون جنوب شبه الجزيرة العربية في أرض تسمى الأحقاف في اليمن، وتصرح هذه الآيات أن قوم عاد رفضوا رسالات الأنبياء (ع) ودعوة التوحيد.
ويفيدنا النص المفسر الآتي:
- بما أن هدف الأنبياء (ع) واحد فإن من خالف أياً منهم فكأنما خالف الأنبياء جميعاً.
- إن الأنبياء كانوا يرون أنفسهم للناس إخوانا وليس عليهم سلطاناً وما هذا إلا لرفعة شأنهم وتواضعهم سلام الله عليهم أجمعين.
وآخر ثلاث آيات نفسرها في هذه الحلقة هي الآيات 125 و126 و127 من سورة الشعراء:
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٢٥﴾
فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٢٦﴾
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٢٧﴾
إن الأنبياء (ع) كانوا يعرفون حتى قبل البعثة بالأمانة والصدق بين الناس، وهذه السمعة الطيبة في حياة السفراء الربانيين عامل مساعد للناس على قبول الدعوة الإلهية.
إن رسالة هود (ع) مثل رسالة نوح (ع) الدعوة الى الله والتوحيد والإيمان ونبذ الكفر للفوز بالسعادة في الدارين الدنيا والآخرة وقوم هود كقوم نوح جاءوا بذرائع عدة لرفض الدعوة الحقة.
ويفيدنا النص الآتي:
- أن اتباع طريق الأنبياء (ع) واجتناب المعاصي هو السبيل الموصل الى السعادة في الدنيا وفي الآخرة.
- إن سر النجاح في أداء المسؤوليات الدينية والمعنوية هو الإخلاص.
حضرات المستمعين الأفاضل وصلنا الى نهاية حلقة أخرى من سلسلة حلقات برنامج نهج الحياة.
الى اللقاء والسلام خير ختام.