بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على سيد الخلق أجمعين سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد (ص) وعلى آله الطاهرين.
مستمعينا الأعزاء السلام عليكم وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. حيث تفسير آيات أخريات من سورة الشعراء المباركة.
ولنستمع أولاً الى تلاوة الآيات 69 – 70 – 71 من هذه السورة:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ﴿٦٩﴾
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٧٠﴾
قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴿٧١﴾
هذه الآيات تحدثنا النبي إبراهيم (ع) الذي ورد ذكره في القرآن الكريم كثيراً وهو من أنبياء أولي العزم.
إن كتب التاريخ والتوراة تبين لنا إسم والد إبراهيم (ع) هو "تارخ" لكن آزر الذي ورد ذكره في القرآن ليس أباً لإبراهيم بل كان ولياً عليه وكبير أسرته أو عميدها؛ فكان – عليه السلام – يخاطبه بالأب احتراماً.
وفي هذه الآيات المباركات يعلم ربنا جل شأنه النبي (ص) ان أذكر لقومك قصة إبراهيم (ع) الذي كان معارضاً لعبادة الأصنام.
علماً أن مشركي مكة كانوا يعرفون إبراهيم وإنه (ع) نبي من أنبياء الله تعالى ويفتخرون بانتماء قريش إليه. ورغم انه كان شاباً فقد عمل سيدنا ابراهيم (ع) على ايضاح حقيقة التوحيد لقومه ودعاهم الى نبذ الشرك وعبادة الأوثان.
إلا أن قوم ابراهيم كانوا على أصنامهم عاكفين فضلاً عن أنهم كانوا لها عابدين.
ومن بعد هذا التغيير الموجز تعالوا لنتعرف على الدروس التي نأخذها من نصوص الآيات الثلاث فهي أربعة على الشكل التالي:
- إن في تأريخ الأنبياء ودعواتهم دروس وعبر فما أحرانا بدراسة التاريخ.
- إن طريقة طرح الأسئلة وتحصيل الإجابة عليها طريقة عليه ناجحة موصلة الى الحقيقة الناصعة.
- لابد من استقلال التفكير بعيداً عن التقليد الأعمى الذي لا ينهض من قاعدة رصينة.
- لا ينبغي الخوف أو الخشية بسبب قلة الناصرين ونحن في طريق الحق، كما يشير لذلك مولانا أميرالمؤمنين علي (ع) قوله [لا تستوحشوا في طريق الحق لقلة سالكيه] فإن إبراهيم (ع) قد كان وحيداً في جهاده الكفار والمشكرين.
ولنستمع الى تلاوة الآيات 72 و73و74 من سورة الشعراء الكريمة:
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴿٧٢﴾
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴿٧٣﴾
قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴿٧٤﴾
لغة الحوار البناء كانت لغة خطاب ابراهيم (ع) لقومه، سألهم هل هذه الأصنام التي تعبدونها تجلب لكم منفعة أو تدرأ عنكم مفسدة؟ قالوا لا.
ويتضح من حوارات هذا النبي الكريم (ع) مع قومه أن قومه عبدوا الأصنام لأنهم وجدوا آباءهم دون تحقيق فيما أنهم كانوا الحق أم لا. وهذا النمط من التعامل مع الأمور هو التحجر الفكري لا غير.
واليكم الدروس الموجودة في هذا النص فهي:
- إن الله جل جلاله هو وحده الجدير بالعبودية والطاعة لأنه عزوجل وحده العالم بما يصلحنا والقادر على تلبية جميع احتياجاتنا.
- إن الجهل والتقليد الأعمى على مدى التاريخ كانا عاملي انحراف المجتمعات البشرية عن طريق الحق والصواب.
وآخر ثلاث آيات نفسرها في هذه الحقة هي الآيات 75و76و77 من سورة الشعراء حيث يقول تعالى شأنه:
قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿٧٥﴾
أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ﴿٧٦﴾
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿٧٧﴾
وانتهى الحوار المنطقي بين إبراهيم (ع) وقومه بأن عرفهم بأنهم ليسوا على الحق لأنهم وآباءهم يعبدون ما لا ينفع ولا يضر.
أجل لقد علم هذا النبي الكريم قومه عقيدة التوحيد الخالص. العقيدة التي دعا اليها النبي الأكرم (ص) الذي قال للناس قولوا لا اله الا الله تفلحوا والذي قال (ص) انا دعوة أبي ابراهيم.
وأما ما يفيدنا النص المفسر فهو:
- الإعتقاد بأصول الدين ومنها بل في مقدمتها التوحيد لابد أن يكون عن دراية وتدبر ولا مجال للتقليد في أصول الدين لأنه قد يوقع الإنسان في عبادة عدوه.
- إن الآلهة المزيفة هي أعداء البشرية ولابد للإنسان أن ينأى عن عدوه ويحذره.
غفر الله لنا ولكم وجعلنا وإياكم على منهج التوحيد.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إنك أنت الوهاب صدق الله العلي العظيم.
حضرات المستمعين الأفاضل وصلنا وإياكم الى نهاية حلقة أخرى من برنامج (نهج الحياة) البرنامج الذي يأتيكم على الدوام من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
الى اللقاء والسلام خير ختام...