البث المباشر

تفسير موجز للآيات 104 الى 107 من سورة النحل

الأحد 1 مارس 2020 - 08:33 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 462

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.

السلام على أخوة الإيمان في كل مكان، هذه حلقة جديدة من نهج الحياة ونبدأ أولاً بالإستماع الى تلاوة الآيتين الرابعة والخامسة بعد المئة من سورة النحل المباركة:

إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّـهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٠٤﴾

إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴿١٠٥﴾

في الحلقة الماضية من هذا البرنامج ذكرنا أن إحدى الإدعاءات الخاوية لأعداء الدين الإسلامي الحنيف، الإدعاء بأن النبي (ص) كان له معلم علمه آيات القرآن وإنه العياذ بالله نسبها إلى الله، أي أن القرآن ليس من عند الله.

ويأتي هذا النص الشريف ليبين لنا أن الكافر الضال الذي لا يعلم النبي الهداية وعن طريق النبي تنتقل الى الناس.

والذي يلاحظ أن آيات القرآن الكريم كلها تشمل على الهداية والصلاح والفلاح والرشاد. أجل.. إن الضال كيف له أن يهدي الناس الى الصراط المستقيم؟ ويأتي في هذا النص ما يسلي فؤاد النبي الخاتم محمد (ص) وأن الكفار الذين لايؤمنون بالله يدعون ما هو كذب ومخالف للحقيقة.

ويستفاد من هذا النص:

  • إن الهداية الحقيقية التي توصل الإنسان الى شاطيء السعادة وبر الأمان هي الهداية الربانية والإيمان بكتاب الله وآياته المباركات.
  •  الكاذب يتصور الآخرين مثله كاذبين.

والآن نستمع الى تلاوة الآية السادسة بعد المئة من سورة النحل المباركة:

مَن كَفَرَ بِاللَّـهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّـهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٦﴾

بعد أن صدع النبي الأكرم (ص) بالرسالة الخاتمة، قام زعماء الكفار والمشركين في مكة، من أمثال أبي سفيان صخر بن حرب وأبي جهل هشام بن أبي المغيرة المخزومي، بتعذيب المسلمين الأوائل الذين آمنوا بالرسالة السمحاء، ومن اولئك النفر ياسر والد الصحابي الجليل عمار بن ياسر وسمية والدة عمار، وقد قضى ياسر وزوجته سمية شهيدين تحت وطأة تعذيب الكفار، أما عمار فإنه ولشدة العذاب الذي ورد عليه أظهر بلسانه ما يرضى الكفار، بينا كان قلبه مفعماً بالإيمان، ولما قيل للنبي (ص) أن عمار قد كفر، قال (ص) عمار يغمره الإيمان من قرنه (أي من رأسه) الى قدميه، وفي تصرف عمار ما يجيز التقية أمام الأعداء في بعض الأحيان، وحيث أن النبي (ص) قد أمضى فعل عمار فهو جائز إذن.

ولما قدم عمار على النبي (ص) أوضح له ما فعل فقال (ص) إن عادوا فعد، والتقية في الحقيقة نوع من التكتيك في التعامل مع العدو حينما يشعر الإنسان بالخطر، ولعل هذا يأتي في إطار ترجيح الأهم على المهم. وجاء في بعض الأحاديث تشبيه التقية بالدرع الواقية من الخطر، وروي عن الصادق عليه السلام قوله التقية دين آبائي وأجدادي، وهناك حديث يقول لا دين لمن لا تقية له، لكن ليست التقية جائزة في كل الأحيان ولا هي ضرورية على الدوام لحفظ الدين، فهذا سيد الشهداء إمام المظلومين الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، لم يتبع طريق التقية بل سلك سبيل الفداء والتضحية، ذلك أنه صلوات الله وسلامه عليه ضحى بنفسه المباركة وأهل بيته الكرام وأصحابه البررة من أجل إعلاء كلمة الإسلام، ومن أجل نصرة دين جده المصطفى (ص).

والذي يستفاد من هذا النص الشريف:

  •   أن الإنسان عرضة للأخطار ولعل من أخطر الأخطار المروق عن الدين، ومن هنا لا ينبغي أن يغتر المؤمن بإيمانه، إذ أن التاريخ شاهد على أن من المؤمنين من تخلى عن إيمانه ومات وهو كافر.اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان واجعل عاقبة أمورنا الى خير.
  •  إن التكليف يتغير حسب الظروف، فإذا ما تحدث إنسان بما يخالف الإيمان وهو تحت وطأة التعذيب فلا إشكال في جواز ذلك طالما أن الإيمان في قلبه باق.

ويقول تعالى في الآية السابعة بعد المئة من سورة النحل المباركة:

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿١٠٧﴾

كما اتضح لنا من النص السابق فإن إظهار الكفر على نمطين، إما إظهار للكفر باللسان والقلب مطمئن بالإيمان كما هو الحال في التقية، أو الكفر باللسان والقلب معاً.

والكفر باللسان والقلب في أي حال من الأحوال غير مقبول ومن يفعل ذلك فقد خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.

وما يستفاد من هذا النص هو:

  •   إن العامل الأساسي في الكفر، الإقبال على الدنيا وملذاتها وشهواتها.
  •  إن حب الدنيا يحرم الإنسان من أجواء الهداية المعنوية ويجعل عاقبة أموره شراً.

ومن هنا ورد عن النبي الأكرم محمد (ص) قوله:[حب الدنيا رأس كل خطيئة]، وكم ذم أمير المؤمنين، أرواحنا له الفداء، الدنيا في أقواله الشريفة؛ ومما نسب إليه صلوات الله عليه قوله نظماً:

دنيا تخادعيني كأني لست أعلم حالها

مدت إلي يمينها فرددتها وشمالها

حظر الإله حرامها وأنا اجتنبت حلالها

حضرات المستمعين الأفاضل انتهت هذه الحلقة من نهج الحياة، نلتقيكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة، طبتم وطابت لكم الأوقات والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة