بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بكم في حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة وتفسير مبسط لآيات الكتاب العزيز، ونبدء البرنامج بتلاوة للآية 81 من سورة المائدة فلننصت خاشعين:
ولو كانوا يؤمنون............... منهم فاسقون
في الحلقة السابقة عرفنا من الآية الثمانين: أن الكثير من اليهود يتخذون الذين كفروا اولياء الأمر الذي ادّى الى غضب الله عليهم وهذه الآية تجزم بان اتخاذهم الكافرين اولياء ومحبتهم لهم تدل على ان اليهود لم يؤمنوا حقاً بالله والنبي والكتب السماوية، والاّ فكيف يجتمع الايمان بالله مع ولاية الكافرين وحبهم؟ وتنتقد هذه الآية اليهود بانهم ليسوا فقط لم يؤمنوا ببني الاسلام وكتابه القرآن فحسب، بل انهم لم يؤمنوا ايضاً بكتابهم (التوراة)، ويخالفونه ايضاً. نستنتج من هذه الآية:
- ان التخلص من سلطة الكافرين والحصول على الاستقلال الحقيقي لأينال إلاّ بالايمان بالله والكتب السماوية.
- ان تولي الكافرين دليل على الكفر والفسوق.
والآن ايها الاكارم ننصت خاشعين لتلاوة الآية 82 من سورة المائدة:
لتجدنّ اشدّ الناس................ لا يستكبرون
استناداً الى الروايات التاريخية، ففي العام الخامس من البعثة النبوية، وبأمر من النبي، هاجرت جماعة من المسلمين الى الحبشة للتخلص من تعذيب المشركين لهم، وكان ملك الحبشة مسيحياً ولكنه استقبل المسلمين بحرارة ورفض تسليمهم الى رسول المشركين، بالاضافة الى ان القساوسة المسيحيين الحاضرين في قصر النجاشي بكوا لما سمعوا ما تلاه جعفر بن ابي طالب –رئيس جماعة المهاجرين- من آيات سورة مريم وأيدوا المسلمين.
ولكن بعد هجرة النبي الى المدينة، وبعد ان كانوا في البداية قد عقدوا ميثاقاً مع المسلمين، نكثوا عهدهم وتآمروا مع المشركين ضد المسلمين الى ان الّبوا الاحزاب وكانت غزوة الاحزاب، لذا يقول القرآن الكريم في هذه الآية وهو يقارن الموقفين المختلفين، مخاطباً النبي (ص) والمسلمين بما مضمونه: المسيحيون اقرب لكم لان منهم علماء وعبّاد متواضعين لله، اما اليهود فليسوا لا يؤيدونكم فحسب، بل يتعاون مع المشركين في التآمر عليكم. نستنتج من هذه الآية:
- ان عداوة اليهود للمسلمين لها جذور في التاريخ، وان كانت اسرائيل اليوم تحتل فلسطين وتطرد الفلسطينين من ديارهم، فقد حاولوا في صدر الاسلام طرد المسلمين من المدينة ولكنهم لم يفلحوا.
- للعلماء دور مهم في ريادة تصرفات المجتمعات والملل، وصلاحهم يؤدي الى صلاح المجتمع، وفسادهم يؤدي الى فساد المجتمع.
- الاسلام يخلو من العصبية ويتعامل مع اتباع الاديان الاخرى بانصاف، في الآية التالية القرآن يجل العلماء ورجال الدين المسيحيين.
والآن ايها الافاصل ننصت واياكم خاشعين الى الآية 83 من سورة المائدة:
واذا سمعوا ............ مع الشاهدين
قلنا في شرح الآية السابقة ان جعفر بن ابي طالب عندما قرأ آيات من سورة مريم على المسيحيين بكوا، ولدى عودة المسلمين من الجيشة رافقهم جمع من المسيحيين الى مكة لرؤيه، نبي الاسلام، وعندما سمعوا منه آيات من سورة (ياسين) ابقلّت اعينهم بالدموع.
يتحدث القرآن في هذه الآية عن تقبّل المسيحيين للحق وقلوبهم الطيبة بحيث تأثروا لسماعهم آيات من القرآن ويكبر فيهم هذا الامر ويعتبره مجالاً لعرض المعارف القرآنية عليهم.
ومن الواضح ان الدموع قيّمة إن كانت عن فهم ومعرفة، والاّ لا قيمة لعالة عاطفية عابرة. هذه الآية توضّح لنا ان الانسان اذا كان باحثاً عن الحقيقة وإن كانت له روح لطيفة طاهرة سيعرف الحق، ويذرف الشوق لعثوره عليها كالطفل الذي يرى امه بعد طول فراق، نستنتج من هذه الآية:
- كمال الانسان رهين بالمعرفة والمحبة، اي ان يدخل القلب، ويفهمه العقل ويقتنع به.
- ان كان القلب متأهباً فسيطوي الانسان طريق مئة عام بليلة واحدة، وكم من المسلمين رافق النبي (ص) سنوات ولكن لم يدركوا الحقيقة ولم يتجاوز ايمانهم السنتهم، ولكن بعض المسيحيين تأثر لدى سماعه لآيات القرآن الى حد نال الثناء من الله تعالى.
اعزائي وبهذا نختتم هذا البرنامج بتمنياتنا التوفيق من الله تعالى لادراك الحقائق والعمل بها. وحتى نلتقيكم في حلقة قادمة، نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.