البث المباشر

تفسير موجز للآيات 189 حتى 190 من سورة آل عمران

الإثنين 27 يناير 2020 - 11:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 109

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وهادينا الى الصراط المستقيم سيدنا محمد المصطفى وعلى اله الطيبين الطاهرين.

في ظلال وارفة هي ظلال القرآن لكريم نجتمع واياكم مرة اخرى حضرات المستمعين، حيث نستمع الى تلاوة آيات اخرى من سورة آل عمران نشفعها بتفسير موجز لها ونبدأ بالأية السابقه والثمانين بعد المئة من هذه السورة الشريفة التي تتلى على مسامعكم:

 

واذا اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبينه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون

لقد اقتضت سنة الحياة عند كل قوم او شعب اقتفاء آثار العظماء والعلماء والسير على نهجهم وبناءاً على هذه القاعدة العامة، فأن العلماء الصالحين يصلحون المجتمع والعلماء الفاسدين والعياذ بالله يجرون المجتمع الى هاوية الفساد والأنحطاط.

ومن بين المسؤوليات الجسام التي القاها الله تعالى على ذوي الفكر والعقيدة واصحاب الوعي الديني، بيان وتوضيح الحقائق للناس.

وبعبارة اخرى اكثر وضوحاً يمكن لنا القول ان العالم ليس مسؤولاً عن نفسه وحسب بل هو مسؤول كذلك على هداية المجتمع الى طريق الصواب.

اذن فكتمان آيات الله التي لا يفهمها الا العلماء هو من اعظم الذنوب التي اشار اليها القرآن الكريم.

والذي يشاهد اليوم ان علماء اهل الكتاب واحبارهم يكتمون آيات التورات والأنجيل التي تبشر ببعثة خاتم الأنبياء والرسل محمد بن عبدالله (ص) ولا يبنيونها للناس.

انهم ومن اجل منافع دنيوية قد باعوا الآخرة واخذوا يتاجرون بآيات الله البينات بغية الحصول على مناصب لا تدوم.

ونتعلم من هذه الآية الكريمة الأمور التالية :

اولاً: ان قول غير الحق والسكوت عن الحق هو من كبائر الآثام وله عقاب آخروي، حتى انه روي ان الساكت عن الحق شيطان أخرس على ان مثل هذا السكوت من قبل علماء السوء يهدد عقيدة كل قوم وتبقى آثارة السيئة ماثلة لقرون عدة.

ثانياً: العلماء مسؤولون مسؤولية عظمى عن هداية الناس وارشادهم

ثالثاً: العلماء من طلاب الدنيا هم السبب في سقوط المجتمعات وركودها لابل وانحرافها والعلماء الحقيقيون هم ورثة الأنبياء (ع) كما جاء في الأحاديث المروية عن سيد الرسل وافضلهم وخاتمهم سيدنا محمد (ص)

 

ويقول تعالى في الآية الثامنه والثمانين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:

لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم

وفي الأمكان ان يقسم الناس من حيث العمل الى ثلاثة فئات.

الفئة الأولى: تعمل ولا تريد ان يعرف عملها الا الله، حتى انها في الأنفاق في سبيل الله تريد ان تبقى غير معروفة.

الفئة الثانيه: هم اولئك الذين يعملون من اجل ان يعرفهم الناس ويمدحونهم وهم المرائون.

اما الفئة الثالثة: فهم الذين يريدون المديح والثناء عليهم وان لم يعملوا شيئاً وفي هذه الآية الشريفة اشارة الى هذه الفئة، انهم الجهال الذين يودون ان يسميهم الناس علماء وهم الحبناء الذين يحبون ان يصفهم الناس بالشجعان.

وقد جسد أئمة الهدى (ع) المعنى السامي في العمل الصالح من دون الأجهار به حيث كانوا ينفقون على الفقراء سراً كما كان يفعل ذلك امير المؤمنين (ع) وحفيده السجاد (ع) فعملهم انما كان ابتغاء وجه الله ومرضاته وعلى هذا النهج الكريم فليعمل العاملون.

 

ويقول تعالى في الايتين 189 و190 والثمانين بعد المئة والتسعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:

ولله ملك السموات والأرض والله على كل شيء قدير ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب

ان من خصائص القرآن الكريم دعوة المسلمين الى التأمل والتفكر في الخلق الألهي لانه علامة على الأعتقاد بالخالق العظيم مبدع هذا الكون الفسيح وصانعه جلت قدرته.ان التدبر في صنع الله الحكيم يدّعم الأيمان عند الأنسان المؤمن.

هذا وجاء في التفاسير المختلفة، ان رسول الله (ص) وبينا كان يستريح ذات ليلة في بيته قام واسبغ الوضوء ووقف للصلاة بين يدي ربه الجليل، وقد اخذ يبكي في صلاته حتى ابتلت ملابسه ومكان صلاته (ص) من دموعه الشريفة.

ولما سئل (ص) عن سبب البكاء اشار في الجواب الى آيات كانت قد نزلت على صدره المبارك تدعو للتفكر في خلق الله، حتى انه (ص) حذر من يقرأ هذه الأيات ولا يتدبر فيها وهذه الأيات هي 190 ، 191،192، 193، 194 من سورة آل عمران ومستمر علينا بعد الأية 190 التي تليت عليكم هذا وورد في الشرع الشريف استحباب قراءة هذه الأيات المباركات قبل اتيان صلاة الليل ولنا في رسول الله (ص) اسوة حسنة وما يمكن ان نتعلمه هنا:

اولاً: الأرض وما عليها ليست سوى جزء يسير من هذا الكون الفسيح فلا يغتر من يحكم على قطعة من الأرض بل كل الأرض اذ هذه القدرة لا شىء امام قدرة الباري تعالى الذي بيده ملكوت السموات والأرض تبارك ربنا انه على كل شىء قدير.

ثانياً: معرفة الوجود واسراره مقدمة لمعرفة الله معرفة حقيقية هذا وان العلوم الطبيعية في امكانها ان تزيد من هذه المعرفة.

ثالثاً: التفكر في الوجود دليل على معرفة الله تعالى معرفة حقيقية.

نسأل الله تبارك وتعالى ان يوفقنا للتأمل في خلقه ومعرفة ذاته المقدسة لترسخ ايماننا ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة