البث المباشر

تفسير الآيات الثامنة حتى العاشرة من سورة البقرة المباركة

الإثنين 20 يناير 2020 - 09:19 بتوقيت طهران

إذاعه طهران- نهج الحياة: الحلقة 7


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الأفاضل وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامجكم نهج الحياة الذي يأخذنا واياكم الى مائدة القرآن الكريم.

مستمعينا الأفاضل، لنستمع الآن الى الآية الثامنة من سورة البقرة:

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾


نعم مستمعينا الكرام؛ إن القرآن الكريم وهو كتاب هداية، يبين لنا صفات المؤمنين والكفار والمنافقين، ففي هذا إرشاد لنا جميعا لنعرف أنفسنا ونعرف الآخرين حتى نتعامل مع أنفسنا ومعهم الطريقة المناسبة، وقد تقدمت أربع آيات في تعريف المؤمنين وآيتان في ذكر الكفار وتأتي هذه الآية المباركة لتشير الى فريق ثالث من الناس، ليس في قلوبهم نور الإيمان الساطع كما هو الحال عند المؤمنين، وليست لديهم جرأة الكفار الملحدين في إعلان كفرهم؛ هؤلاء لا يحملون سيماء الإيمان ولا يظهرون الكفر على اللسان، إنهم المنافقون الذين يخفون كفرهم ويتظاهرون بالإسلام.

بعد أن هاجر الرسول الأكرم (ص) من مكة الى المدينة وبعد أن إنهزم المشركون في واقعة بدر، ظهر من كان يدعي إعتناق الاسلام من أجل حفظ نفسه وماله، وبغيه الوصول الى منصب ومكانة، أو بهدف الكيد للإسلام وضربه من الداخل.
إن ما يمكن أن نتعلمه من هذه الآية هو أن الإيمان أمر مخبوء في القلب وليس هو على الدوام ما يظهر على اللسان، إذاً لمعرفة الأشخاص معرفة حقيقية لا ينبغي الإكتفاء بأقوالهم.
نستمع الآن حضرات المستمعين الى الآية التاسعة من سورة البقرة:

يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿٩﴾


يتصور المنافقون أنهم على قدر من الوعي والذكاء بحيث يتمكنون ومن خلال إظهار الإيمان خداع الله، إنهم في الحقيقة يريدون خداع النبي (ص) والمؤمنين من أجل أن يوجهو الاسلام الضربة في الوقت المناسب، لكن الله تعالى يعرف نواياهم وما يداخل قلوبهم من كفر ونفاق وإنه تعالى يكشف خبثهم في الوقت المناسب أمام المؤمنين.

مستمعينا الكرام ما زلتم تستمعون الى برنامج نهج الحياة من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
إذا ما رجع المريض طبيبا ووصف الطبيب الدواء وقال المريض كذبا إنه تناول الدواء، فإنه في الحقيقة لم يخدع الطبيب، بل خدع نفسه، والمنافقون كهؤلاء المرضى.
أما الدروس التي نتعلمها من هذه الآية فهي:

  • المنافق مخادع، فعلينا أن لا ننخدع بظاهر البعض ممن تحوم حولهم شبهة النفاق.
  •  أن نجتنب خداع الآخر لأنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله.
  •  الإسلام يتعامل مع المنافق كما يتعامل هو مع الإسلام، المنافق يتظاهر بالإسلام والإسلام يحسبه في الظاهر مسلما، المنافق لا ايمان في قلبه والله يوم القيامة يعاقبه عقاب الكفار، المنافق يتصور أنه ذكي إلا أنه في الحقيقة غارق في الجهل، لأنه يجهل هذه الحقيقة وهي أن في الطرف المقابل له، هو الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وها هي الآية العاشرة من سورة البقرة نسمعها معا:

 فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّـهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴿١٠﴾


مستمعينا الكرام من وجهة نظر القرآن الكريم، فإن روح الإنسان كجسمه قد يعتريها المرض في بعض الأحيان، الإنسان السليم ليس له إلا وجه واحد، وما بين روحه وجسده تناسق كامل، لسانه ينطق بما في قلبه وسلوكياته تطابق أفكاره، وفي غير هذه الحالة تكون الروح مريضة.

نعم مستمعينا الأفاضل؛ إن مرض النفاق يعد الاجواء بظهور أمراض نفسية أخرى مثل البخل والحسد والطمع؛ إنه كالغدة السرطانية يستفحل من يوم الى  الآخر في قلب المنافق وروحه، ومرض النفاق ينشأ من الكذب ويستمر الكذب ملازما للنفاق وليس الكذب فيما ينطق اللسان فحسب، فالعمل الذي لا يطابق عقيدة الإنسان هو الآخر كذب؛ إنه كذب عملي وللنفاق معنى واسعا، فالإزدواجية في القول والعمل والظاهر والباطن هي من مصاديق النفاق، وقد يتسرب النفاق الى قلب الانسان مؤمن إذا ما جاء بعمل عبادي تظاهرا ورياءً، فالعمل العبادي إذا لم يكن خالصا لوجه الله الكريم فإنه نوع من النفاق، ويذكر لنا النبي الأكرم (ص) صفات المنافق فيقول صلوات الله عليه وآله: إنه إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان.
والآن الى الدروس التي نستقيها من هذه الآية المباركة:

 

  • النفاق مرض نفسي والمنافق لا هو مؤمن ولا هو كافر.
  •  النفاق في النفس كالغدة السرطانية في الجسد، إذا لم يعالج استفحل وانتشر
  •  الكذب هو مصدر النفاق وأسلوب النفاق هو الكذب.


حضرات المستمعين الأفاضل من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران قدمت لحضراتكم برنامج نهج الحياة، حتى لقاء جديد نترككم في رعاية الله وحفظه والسلام عليكم.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة