بسم الله والحمد لله الذي وفقنا لحسن الوفاء لسيد الأنبياء بأن رزقنا مودة بضعته الزهراء صلوات الله عليها وأبيها وبعلها وولدها الأصفياء.
السلام عليكم مستمعينا الأعزاء ورحمة الله وبركاته، معكم في لقاء جديد من هذا البرنامج نخصصه لمديحة فاطمية غراء، نختار لها عنوان (حب أمنا فاطمة) القصيدة تحمل صوراً فنية بديعة مستلهمة من محكمات الآيات الكريمة وصحاح الأحاديث الشريفة المبينة لمقام سيدة نساء العالمين التي جعل الله رضاه في رضاها وغضبه في غضبها.
ومما يميز هذه المديحة الغراء بليغ تصويرها لما ينبغي أن تكون عليه مشاعر المؤمنين تجاه أمهم سيدة نساء العالمين – عليها السلام -، كما أن فيها إشارات لطيفة الى ضرورة إهتمام المؤمنين بتربية أولادهم منذ الصغر على محب حبيبة المصطفى وبضعته صلى الله عليه وآله.
القصيدة من إنشاء أديب مرموق من أعلام الشعر الإحسائي المعاصر هو الأخ المهندس جاسم الصحيح حفظه الله نقتطفها مما أورده من شعره موقع شعراء أهل البيت – عليهم السلام – تابعونا على بركة الله.
يبدأ الأخ جاسم الصحيح قصيدته وهو يخاطب الصديقة الطاهرة مشيراً الى فطرية وبركات حبها – عليها السلام – فيقول:
لم تَزالي في نذورِ الأمَّهاتْ
جوهرَ اليُمْنِ وسِرَّ البركاتْ
واسْمُكِ الخالدُ في أفواهِنا
لم نزلْ نحرسُهُ بالقُبُلاتْ
كلّما نُودِيَ : يا (فاطمة)
هَرْوَلَتْ أرواحُنا للصلواتْ
قد حفظناكِ تفاصيلاً كما
تَحْفَظُ الأختامُ سرَّ البصماتْ
رَحِمَ الله طريقاً قادَنا
للكتاتيبِ مَشَيْناَهُ حُفَاةْ
و(القرائينُ) على راحاتِنا
تَتَجَلَّى أَلَقاً كاللُّؤلؤاتْ
واحتشَدْنَا في حصيرٍ واحدٍ
طاهِرِ الخوصِ نَقِيِّ السَّعَفَاتْ
وتَلاَكِ (الشيخُ) أسمَى آيةٍ
وَزَّعَتْ أسرارَها في السُّوَرَاتْ
وحفظناكِ تفاصيلاً كما
تَحْفَظُ الأختامُ سرَّ البصماتْ
وعلى قَدْرِ مقاييسِ الهوى
لكِ فَصَّلْنَا ثيابَ العاطفاتْ
لم نَخُنْ حُبًّا عليه انعقَدَتْ
روحُنا وَهْيَ لدى الغيبِ نَوَاةْ
فَنَمَتْ أعمارُنا في تربةٍ
داخل العشقِ نُمُوَّ العاصفاتْ
سَنَةٌ تتبعُ مسرَى أختِها
وتَظَلِّينَ غرامَ السَّنَوَاتْ !
أيها الإخوة والأخوات، وبعد هذه الإشارات الى بركات الحب الفاطمي، ينتقل الأديب الأخ جاسم الصحيح الى تصوير لبركات الدار الفاطمي فيقول حفظه الله:
وتعودينَ إلى أشعارِنا
فَتُعيدينَ الصِّبا للكلماتْ
!
ليسَ مابين نوايَا حُبِّنا
نِيَّةٌ مجروحةٌ بالوَسْوَسَاتْ
يا فتاةَ الوحيِ يا أُمَّ الهدى
يا هدى الأُمِّ ويا وحيَ الفتاةْ
أَوْقَفَتْنِي دارُكِ العظمى على
طيفِها وَسْطَ زُقَاقِ الذكرياتْ
لم تكنْ داراً كما نعرفُها
إنَّما عاصمةً للمعجزاتْ
ليسَ في أحجارِها من حَجَرٍ
لم يكنْ نجماً على دربِ الهُدَاةْ
كفُّ (طه) نَقْشَةٌ في بابِها
وخُطَاهُ زينةٌ في العَتَبَاتْ
و(عليٌّ) في مداها خافِقٌ
مُرْهَفٌ حتَّى الندَى والنسماتْ
أَتَمَلاَّهَا وفي أرجائِها
سِرْبُ أَمْلاَكٍ يَلُمُّونَ الصلاةْ
والحُجَيْرَاتُ التي اسْتَنْطَقْتُهَا
نَطَقَتْ وَحْياً وفاضَتْ رَحَمَاتْ
حَدِّثينا عن لياليكِ بِها
ودعينا من أحاديثِ الرُّوَاةْ
:
أَتُرَى كنتِ تُدِيرِينَ الرَّحَى
أَمْ تديرينَ بيُمناكِ، الحياةْ؟!
هل غَزَلْتِ الصُّوفَ في مِغْزَلِهِ
أَمْ غَزَلْتِ الحُبَّ بين الكائناتْ ؟!
كلُّ مَنْ حَوْلَكِ قد رَبَّيْتِهِمْ
ثمَّ رَبَّوْا بِكِ أجيالاً تُقَاةْ
كنتِ أمًّا لَهُمُ واحدةً
وتَوَزَّعْتِ علينا أمَّهاتْ!
يا فتاةَ الوحيِ هذي لغتي
تتباهَى في بساتينِ اللغاتْ
فاحَتِ النجوَى شذًى في خاطري
وأنا أكتبُ بوحَ السَّوْسَنَاتْ
داخلي قلبُ نَبِيٍّ ، كُلَّمَا
هَامَسَ الله جمعتُ الهمساتْ
ها هنا تسمو المعاني لأرَى
كلَّ معنًى فيكِ سجَّادَ صلاةْ
وأنا بالحبِّ أبني جامِعي
وأناجيكِ فأُحيي الجُمُعَاتْ
وجموعٌ لم تَزَلْ تأتمُّ بي
من قوافٍ ويراعٍ ودواةْ
وخشوعي وَحْدَهُ يسندُني
حين أغدو بين كَفَّيْكِ رُفَاتْ
كلُّ أعضائي قلوبٌ حَمَلَتْ
ضِعْفَ ما يعني الهوى من تضحياتْ
فإذا استهلكتُ قلباً عاشقاً
جَدَّ لِي قلبٌ وجَدَّتْ نَبَضَاتْ
لَسْتَ قلبي أيُّها القلبُ إذا
لم تَكُنْ أرهفَ من دمعِ البناتْ
نشكر لكم أيها الأطائب طيب الإستماع لما قرأناه لكم من قصيدة أنشأها الأديب الإحسائي المعاصر الأخ جاسم الصحيح في مدح الزهراء – عليها السلام – يعود تأريخها الى شهر جمادي الآخر سنة ۱٤۲٤ للهجرة.
وبهذا ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية سالمين.