بسم الله وله الحمد من لا يخيب من رجاه وأمّل فضله ونداه، وأزكى صلواته على شموس هداه وكنوز عطاه محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين، وأهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج، نتقرب فيه الى الله عزوجل بقراءة أبيات من قصيدتين في مدح العبد الصالح الزكي أسوة السفراء الثقاة والأمناء والمدافعين عن الدين المحمدي الحق، مولانا باب الحوائج مسلم بن عقيل سلام الله عليه.
القصيدة الأولى للعلامة الجليل اية الله الشيخ عبدالحسين صادق العاملي المتوفى في مدينة النبطية اللبنانية سنة إحدى وستين وثلاثمائة وألف للهجرة. أما القصيدة الثانية فهي من إنشاء عالم إمامي آخر هو السيد رضا الموسوي الهندي المتوفى سنة إثنتين وستين وثلاثمائة وألف للهجرة.
وكلاهما من العلماء الأدباء الذين برعوا في تصوير مضامين النصوص الشريفة الواردة في مدح أهل بيت النبوة – سلام الله عليهم – بلغة الشعر الصادق المؤثر، نبدأ بما قاله آية الله الشيخ عبدالحسين العاملي وهو يصور دعوة مسلم بن عقيل لمبايعة الإمام الحق أبي عبدالله الحسين – عليه السلام – عندما بعثه سفيراً عنه الى أهل الكوفة...قال رضوان الله عليه في تصوير بليغ لهمة مسلم العالية في إبلاغ الرسالة الحسينية:
سل كوفة الجند مذ ماجت قبائلها
تسد ثغر الفضا في سيلها العرم
غداة زلت عن الإسلام فاتكة
بمسلم حين أضحى ثابت القدم
فقام وهو بليغ الوعظ ينذرهم
بالمرهفين غراري صارم وفم
لم أنسه وهو نانئ الهمّ حين سرى
من يثرب يملأ البيداء بالهمم
طوع (ابن فاطمة) أمّ العراق على
علم بأن امام السير سفك دم
جذلان نفس سرى والموت غايته
أفديه من قادم للموت مبتسم
يرى المنية من دون ابن حيدرة
أشهى له من ورود الماء وهو ظمي
كبا به القدر الجاري وحان له
من الشهادة ما قد خط بالقلم
فراح ملتئماً بالسيف مبسمه
أفديه من مبسم بالسيف ملتئم
وحلقت نفسه للخلد صاعدة
غداة في جسمه وجه الصعيد رمي
لله من مفرد أمست توزعه
جموعهم بشبا الهندية الخذم
أضحى تريب المحيا الطلق ما مسحت
عنه غبار الجفا كف لذي رحم
ما الشمس في بهجة الاشراق ناصعة
تحكي محياه مخضوباً بفيض دم
مستمعينا الأفاضل، ومن مرثية السيد رضا الهندي لشمس كوفان المشرقة مولانا باب الحوائج مسلم بن عقيل سلام الله عليه، نقرأ لكم قوله – رحمة الله عليه –:
لو أنّ دموعي استلهت دما
لما أنصفت بالبكا مسلما
قتيل أذاب الصفا رزؤه
وأحزن تذكاره زمزما
وأوري الحجون بنار الشجون
وأبكى المقام وأشجي الحمى
أتى أرض كوفان في دعوة
لها الارض خاضعة والسما
فلبوه دعاه وأمّوا هداه
لينقذهم من عشاء العمى
وأعطوه من عهدهم ما يكاد
الى السهل يستدرج الأعصما
وما كان يجزي وهو الوفي
أن ينقضوا عهده المبرما
فديتك من مفرد أسلموه
لحكم الدعي فما إستسلما
وألجأه عذرهم أن يحلّ
في دار (طوعة) مستسلما
فمذ أقحموا منه في دارها
عرينا أبي الليث أن يقحما
أبان لهم كيف يضرّى الشجاع
ويشتد بأساً إذا أسلما
وكيف تهب اسود الشرى
إذا رأت الوحوش حول الحمى
وكيف تفرق شهب البزاة
بغاثا تطيف بها حوّما
ولما رأوا بأسه لا يطاق
وماضيه لا يرتوي بالدما
أطلوا على شرفات السطوح
يرمونه الحطب المضرما
ولولا خديعتهم بالأمان
لما أوثقوا ذلك الضيغما
لئن ينسني الدهر كل الخطوب
لم ينسني يومك الأيوما
أتوقف بين يدي فاجر
دعيّ الى شرهم منتمى
ويشتم إسرتك الطاهرين
وقد كان أولى بأن يشتما
وتقتل صبراً ولا طالبا
بثأرك يسقيهم العلقما
وترمى الى الأرض من شاهق
ولم ترم أعداك شهب السما
فإن حطموا منك ركن الحطيم
وهدوا من البيت ما إستحكما
فلست سوى المسك ينكو شذاه
ويزداد طيباً إذا حطّما
فإن تخل كوفان من نادب
عليك يقيم لك المأتما
فإن ضبا الطالبيين قد
غدت لك بالطف تبكي دما
زهى منهم النقع في أنجم
أعادت صباح العدى مظلما
جزى الله خيرا السيد رضا الهندي على هذه المرثية المؤثرة لبطل كوفان وشمسها التي لا تغيب مدى الدهور مولانا مسلم بن عقيل _صلوات الله عليه_.
وبهذا ينتهي إخوتنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران لقاء آخر من برنامج (مدائح الانوار) تقبل الله منكم جميل الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.