بسم الله وله خالص الحمد أن جعلنا من أهل مودة صفوته من العالمين محمّد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. السلام عليكم إخوة الإيمان، من الأغراض السامية المهمة التي تناولها شعراء الولاء تبعاً للقرآن الكريم والأحاديث الشريفة بيان بركات العمل بالأمر القرآني الداعي لمودة العترة المحمدية الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين. وقد أخترنا لكم في هذا اللقاء أبياتاً من هذا النوع من الشعر الولائي لشاعرين من أعلام القرن الهجري الخامس، الأول هو الذي ساقه حب أهل البيت عليهم السلام للاسلام وحسن اسلامه بعد ان فجر فيه هذا الحب القدسي رؤية جميل أخلاقهم عليهم السلام، إنه الأديب المبدع أبو الحسن مهيار الديلمي الذي أسلم سنة ۳۹٤ على يد أحد ذراري أهل البيت العالم المحدث والأديب الزاهد جامع نهج البلاغة السيد الشريف الرضي رضوان الله عليه. وقد أصبح مهيار بعد إسلامه من أشد الشعراء غيرةً على آل محمّد صلى الله عليه وآله حتى توفي سنة ٤۲۸ رضوان الله عليه.
اما الشاعر الثاني فهو سيد أعلام القرن الهجري الخامس صاحب المؤلفات الإسلامية الكثيرة ورئيس علماء الإمامية بعد الشيخ المفيد، السيد الشريف المرتضى قدس سره الشريف. نبدأ اعزائنا بأبيات مؤثرة للأديب الديلمي يعبر فيها عن صدق مشاعره الولائية حيث يقول بعد مقدمة القصيدة:
يا نديمي كنتما فافترقنا
فأسلواني لكلّ شيء زوال
لي في الشيب صارفٌ ومن الحزن
على آل أحمدٍ إشغال
معشر الرشد والهدى حكم البغي
عليهم سفاهةً والضلال
ودعاة الله استجابت رجال
لهم ثم بدّلو فأستحالوا
يذكر مهيار الديلمي بعض ما جرى على العترة المحمدية إثر رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله، وما ذكرته صحاح الأحاديث النبوية في إحتجاج النبي على ظالمي عترته يوم القيامة، ويقول رضوان الله عليه:
ثم جاءوا من بعدها يستقيلونَ
وهيهات عثرةٌ لا تقالُ
يا لها سوءةً إذا أحمد قام
غداً بينهم فقال وقالوا
يا لقومٍ إذ يقتلون علياً
وهو للمحل فيهم قتالُ
ويسِرُّون بُغضهُ وهو لا
تُقبلُ إلا بحبه الأعمال
ولسبطين تابعيه فمسمومٌ
عليه ثرى البقيع يهال
درسوا قَبره لَيخفى عن الزوار
هيهات كيف يخفى الهلالُ
وشهيدِ بالطَّف أبكى السمواتِ
وكادت له تزول الجبال
يا غليلي له وقد حُرّمَ الماءُ
عليه وهو الشرابُ الحلال
قُطعت وُصلة النبي بأن
تُقطَعَ من آل بيته الأوصالُ
لم تُنجِ الكهولَ سنٌّ ولا
الشُبانَ زهدٌ ولا نجا الأطفال
لهفَ نفسي يا آل طه عليكم
لهفة كسبها جوى وخبال
وقليل لكم ضلوعي تهتز
مع الوجد أو دموعي تُذالُ
كان هذا كذا وودّي لكم حسبٌ
ومالي في الدين بعدُ اتصالُ
وطروسي سودٌ فكيف بي الآنَ
ومنكم بياضُها والصّقالُ
حبّكم كان فكّ أسري من الشرك
وفي منكبي له أغلالُ
كم تزّملتُ بالمذلة حتى
قمتُ في ثوب عزّكم أختال
بركاتٌ لكم محت من فؤادي
ما أملّ الضلال عمٌّ وخال
ولقد كنت عالماً أن إقبالي
بمدحي عليكم إقبال
لكم من ثناي ما ساعد العمر
فمنه الإبطاء والإعجال
وعليكم في الحشر رجحان ميزاني
بخير لو يحصَرُ المثقالُ
ويقيني أن سوف تصدُق آمالي
بكم يوم تكذب الآمال ُ
مستمعينا الأكارم كانت هذه أبيات من قصيدة شاعر الولاء الصادق مهيار الديلمي رضوان الله عليه، ونبقى في أجواء ما سجله ادباء الولاء في القرن الهجري الخامس في بركات مودة أهل بيت النبوة عليهم السلام، فنقرأ لكم هذه الأبيات للعالم الموسوعي الجليل الشريف المرتضى رضوان الله عليه حيث يقول في اِحدى قصائده مخاطباً اهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين:
لأنتم آل خير الناس كلهم
المنهل العذب والمستورد الغدق
وليس لله دين غير حبكم
ولا إليه سواكم وحدكم طرق
وإن يكن من رسول الله غيركم
سوى الوجوه فأنتم عنده الحدق
رزقتم الشرف الأعلى وقومكم
فيهم قضابٌ عليكم كيف ما رزقوا
وأنتم في شديدات الورى عصرٌ
وفي سواد الدياجي أنتم الفلق
ما للرسول سوى أولادكم ولد
ولا لنشرٍ له إلا بكم عبق
فأنتم في قلوب الناس كلهم
السمت تقصده والحبل تعتلق
هل يستوي عند ذي عين زُبى رُبى
أو الصباح على الأوتاد والغسق
ودي عليكم مقيم لابراح له
من الزمان ورهني عندكم علق
وثقت منكم بأن تستوهبوا زللي
عند الحساب وحسبي من به أث
رحم الله السيد الشريف المرتضى وجزاه الله خيراً على هذه الأبيات الجميلة في مودة أهل بيت النبوة عليهم السلام، وجزاكم الله خيراً إخوتنا مستمعي إذاعة طهران على طيب الإصغاء لهذه الحلقة من برنامج (مدائح الأنوار)، دمتم بكل خير وفي أمان الله.