هذا الاتفاق تم بين الحكومة اليمنية المستقيلة المدعومة من قبل الرياض والخاضعة لدعمها وقوات المجلس الانتقالي في جنوب البلاد المدعومة من قبل الامارات العربية المتحدة.
جاء توقيع الاتفاقية بين قوات المرتزقة في الامارات العربية والسعودية كنبأ سار بالنسبة للرياض، حيث ادعى محمد بن سلمان ولي العهد السعودي أن الصفقة تمثل بداية فصل جديد في التاريخ اليمني وخطوة نحو إنهاء الحرب في اليمن.
ومن المثير للإهتمام أن وزير الخارجية السعودي عادل جبير قد زعم أيضا أن توقيع الاتفاقية يشير إلى أن المملكة العربية السعودية تسعى للسلام وتحقيق السلام في اليمن.
كما فشل الرئيس الامريكي دونالد ترامب في إلتزام الصمت ورحب بالصفقة ووصفها بأنها بداية جديدة وجيدة لليمن الا ان هناك بعض النقاط التي يجب تسليط الضوء عليها لتوضيح الاتفاقية:
أولا، يعتقد الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة الافتراضية والمحللين أن هذا الاتفاق هو النسخة اليمنية من وعد بلفور الذي أدى في النهاية إلى شرعنة الاحتلال الصهيوني لفلسطين, وهذه المرة تنوي الرياض القيام بذلك من خلال هذه الاتفاقية من اجل تعزيز توسعها في اليمن.
ثانيا, في الواقع تم توقيع هذه الاتفاقية بين مرتزقة السعودية ومرتزقة الامارات العربية المتحدة, دون الاشارة للشعب اليمني وقوات أنصار الله أثناء توقيعها, لذلك لا يمكن إعتبارها إتفاقية بين شمال اليمن وجنوبه.
وقد أعربت حركة أنصار الله اليمنية عن مدى رفضها واستنكارها لهذه الاتفاقية قائلة: أن هذه الاتفاقية منتهية الصلاحية حتى قبل بدايتها وإعلانها وأنها ليس لديها آفاق وسبل ووجود في المستقبل وان هذه الاتفاقية لن تنفذ ولا علاقة لها بالشعب اليمني.
ثالثا, يسعى هذا الاتفاق إلى تقسيم السلطة بين القوات السعودية والاماراتية في المحافظات الجنوبية للبلاد. وهذا يعني أن السعودية والامارات ستمارسان السلطة والحكم في هذه المناطق.
حيث كان توقيع الاتفاقية في غاية الأهمية لدرجة أن بن سلمان وولي عهد أبو ظبي كانا حاضرين في هذه المراسم. على هذا الاساس سيتم تشكيل حكومة تضم 24 وزيرا بين المحافظات الجنوبية والشمالية. ولقد إستولى التحالف السعودي المعتدي على ادارة شؤون البلاد.
رابعا, سعت السلطات السعودية إلى تحسين صورتها في العالم وبين الرأي العام من خلال المبادرة بهذه الاتفاقية لأنها تبالغ وتشير أن هذه الاتفاقية غير عادية من خلال وصفها بأنها انجاز تاريخي لإنهاء الحرب على اليمن، في حين أن العامل الأساسي والسبب في كل هذه الصراعات والحرب في اليمن هو التحالف السعودي - الاماراتي.
لقد شهدت مدينة عدن وعدد من المدن الجنوبية اليمنية اشتباكات عنيفة بين المرتزقة المنتسبة بدولة الامارات والسعودية، والتي رأى العديد من المحللين أنها تجسيد خارجي للانقسامات والخلافات الداخلية بين آل سعود و النظام الاماراتي.
السعودية التي شهدت إستمرار هذه الصراعات بين المرتزقة, بذلت جهودا كبيرة في الأسابيع الأخيرة للتواصل الى حل واتفاق بين المرتزقة من الطرفين.
في الاسابيع الأخيرة سيطر المرتزقة المدعومون من قبل السعودية على مناطق مهمة من مدينة عدن وتسليمها الى المرتزقة الاماراتية، و هذه الصفقة التي تمت في حضر موت تحت الارشاد ورعاية السعودية والذي يؤكد على محاولتها في التدخل وغزو اليمن.
ان اهداف التوسعة للسعودية في اليمن ليست خفية، حيث انها منذ القدم سعت وحلمت بالسيطرة على المدن اليمنية، ولقد حققت بعض ذلك من خلال هذه الاتفاقية الاخيرة.
خامسا، كما اكدت في هذا الاتفاق على الوحدة بين جميع الأطراف والتحالف السعودي لمواجهة حركة انصار الله. ومن خلال هذا الاتفاق الذي تم ابرامه سعت السعودية لحل النزاعات بين المرتزقة السعوديين والاماراتيين، وتوحيدهم مما يجعل تركيزهم على هدفهم الرئيسي وهو الحرب ضد حركة انصار الله.
إن كانت السعودية تسعى حقا لحل الأزمة في اليمن والتوصل الى اتفاق بين اليمنيين كما تبدي، فلا ينبغي اولا تسميته بالتحالف السعودي وثانيا لم تكن حركة انصار الله التي تعد جزءً مهما وعنصراً فعالا في العملية السياسية اليمنية غائبة وايضا كانت تساهم وتشارك الشعب اليمني في هذه المعادلة السياسية اليمنية. وهذا ما يؤكد ان الاتفاق يحمل طابعا سعوديا – اماراتيا على تقسيم السلطة في جنوب اليمن، على عكس ما تحاول أن تبديه وتظهره وسائل الاعلام السعودية.
ختاما ، ان كان اليمنيون يسعون فعلا الى وضع حد لهذه الأزمة، فيجب عليهم السعي للتوصل الى اتفاق موحد، وبمشاركة جميع الأطياف والمجموعات السياسية اليمنية بعيدا عن التدخلات الاجنبية والاملاءات السعودية – الاماراتية. وعليهم انهاء الوضع الحالي وتشكيل حكومة شاملة وقطع ايدي المرتزقة في مختلف أنحاء البلاد.