خروج من الظلمات، ودخول إلى النور، هي رحلة البحث عن الحقيقة، تتجسّد من خلال البحث عن التوحيد، آمنة تحكي كيف خرجت من الظلمات، وهي تحكي قصة هذه الرحلة، فهي تحكي وفودها إلى واحة الإسلام وتقول: تربيت في أسرة مسيحية متدينة في سويسرا وكنت أذهب إلى الكنيسة وأصلي، وأقرأ الأناجيل، إلا أنني بدأت اعاني من مشاكل نفسية لأني لم أقتنع بما يقوله رجال الدين، ووجدت تناقضات كثيرة في كتابهم المقدّس، وكلما حاولت مناقشة ذلك مع والدي نهاني عن الخوض في تلك الأمور، وطلب مني أن أؤمن دون أن أسأل كثيرا.
يستمر حديث آمنة حول رحلتها وتضيف: كنت دائماً أسأل والدي ورجال الدين: من هو الإله الحقيقي الخالق، الذي يأتي ذكره أحياناً في الإنجيل بصفة المتفرّد والمتوحّد، وأحياناً أخرى بمعنى الثلاثة وهذه معادلة لا يقبلها العقل، وكأنني كنت أبحث عن التوحيد، وكنت أسأل والدي: إن كان لله ولد فإن ذلك يعني انه مثلنا يأكل وينام ويمرض ويموت، وظلت كلمة (ابن) غير واضحة لي، فانتهت رحلة حيرتي بابتعادي عن الدين جملة وتفصيلاً وتوجهي إلى أمور الحياة اليومية وعزفت عن الذهاب الى الكنيسة أو قراءة الانجيل.
كانت نهاية رحلة، وتستمر آمنة بالقول: لقد بدأت في رفض الدين ووجدت سلوى في الفلسفات المادية والتي تمجّد العقل، ولكن شيئاً ما بدأ يبعدني عن هذا الطريق، وهو اشاعة الاباحية التي تغزو المجتمع الاوروبي وسويسرا التي اعيش فيها وبالشكل الحيواني الذي لا تتجسّد فيها قيمة الانسان والنتيجة من هذا التحرر المزعوم هو رياحٌ هوجاء تعصف بالاسرة وباستقرارها وكرامة افرادها رجلاً كان ام امرأة، وبالذات المرأة تنتهك انسانيتها ويتسبب في أضرار صحية خطيرة لا تخفى على أحد.
عزيزي المستمع ما قالتها هذه البنت من حقائق يدعو إلى وقفة تأمّل، فما قالته يفضح في حقيقته دعاة حقوق الإنسان الذين أقاموا الدنيا وأقعدوها، يطالبون بحرية المرأة أليست في الحقيقة عبودية لها، فهم يطالبون بحرية التحلل والاباحية مع علمهم بالآثار الخطيرة المترتبة عليها من تفكك للاسرة، ومن أمراض صحية يشهدها العالم الحضاري اليوم ليبدأ في ايجاد طريق للخلاص منها، هذا لأنهم نسوا الأوامر الإلهية، والرسالة التي لا تشوبها شائبة.
تكمل آمنة قولها بصراحة: لم يخطر ببالي أبداً انّ الاسلام يجيب عن كل تساؤلاتي وكل هذه المشاكل، لأنني كنت أسمع ما يسيء كثيراً للمسلمين، لكن شاء الله الرؤوف أن أتعرّف على أسرة مسلمة، من خلال ابنتهم فكانت زيارتي لهم، بداية رحلة أخرى.
فما لاحظت من نقاء البيت ونزاهته والتعامل الإنساني البعيد عن الماديات، والرداء الطويل الذي يلبسنه فيتاتهم يزيد من جو الاسرة دفئاً ورفعة.
فقال لي أحدهم: انه زي فرضه الله الواحد لحماية المرأة وصيانتها، وهذا الكلام غمرني سعادة للتعرف على نظام الاسرة بشكل عام في الإسلام، ووضع المرأة ومدى احترام حقوقها فيه، فرأيت ان الاسلام يحرّم الزنا وكل ما شاكل ذلك، فغمرني الاعجاب إلى أن اكتشف التوحيد الذي كان ضالتي فيما سبق أيضاً، فرأيت توحيد الخالق فيه يقبله العقل والمنطق، فحصلت على ترجمة القرآن الكريم.
فكانت هذه رحلة ثانية لأغتسل من أدران تلك الرحلة المزيفة فدخلت النور وارتديت الحجاب الاسلامي من وقتها لأستجيب لنداء الحق وأستحق الهداية. فتسميت بـ (آمنة) وهجرت اسمي السابق الذي لا اريد ذكره.
وبهذه الرحلة انتهى موضوعنا اعزائنا المستمعين، شكراً لجميل إصغائكم، والسلام عليكم.