مهما كانت الجهة التي ارسلت الطائرة المسيرة، الا انها كانت تتصور ان تحليق الطائرة على ارتفاع منخفض جدا سيخرجها من نطاق الرادارات الايرانية، اعتقادا منها ان ايران لا تملك التقنية الكافية لرصد اهداف على هذا المستوى المنخفض، الا ان صاروخ "مرصاد" الذي اسقطها في ثوان معدودة ، اثبت عمليا خطأ ذلك الاعتقاد.
المعروف ان منظومة "مرصاد" للدفاع الجوي تم انتاجها على يد خبراء ايرانيين ، ودخلت الخدمة في عام 2011 ، وهي من انظمة الدفاع المتوسطة المدى ، ويصل مداها الى 18 كيلومترا، قادرة على رصد الاهداف عند مستويات منخفضة، وبامكانها اسقاط هدفين في آن واحد.
التحقيقات مازالت متواصلة من اجل التعرف على نوعية الطائرة، بعد ان تم العثور عل اشلائها، وتباينت الاراء حول الجهة التي ارسلتها، فهناك من قال انها امريكية وهناك من قال "اسرائيلية" او غربية او..، ولكن مهما كانت الجهة التي ارسلتها، فانها تلقت ردا ايرانيا حازما.
اسقاط الطائرة المسيرة امس وعلى ارتفاع منخفض، اعاد للاذهان عملية اسقاط ايران في 20 حزيران/يونيو الماضي درة تاج الصناعة العسكرية الامريكية المتمثلة بالطائرة المسيرة العملاقة غلوبال هوك وهي تحلق على ارتفاع 20 الف متر، بصاروخ اطلقته منظومة "سوم خرداد" للدفاع الجوي المحلية الصنع، فور دخولها الاجواء الايرانية في محافظة هرمزكان المطلة على الخليج الفارسي.
حينها كان الامريكيون يعتقدون ان الارتفاع الشاهق الذي يمكن ان تحلق فيه طائرتهم التي كلفتهم 200 مليون دولار ولا يملكون منها سوى اربع، وقدرتها على التشويش على الرادارات، سيعصمها من الصواريخ الايرانية، الا ان ثقة الامريكيين بانفسهم لم تكن في محلها، فالتكنولوجيا الايرانية ومن بينها منظومة "سوم خرداد" الايرانية، لم ترصد الطائرة فحسب بل كشفت تحركها منذ انطلاقها من قاعدة "الظفرة" في الامارات حتى لحظة اسقاطها، كما رصدت ايضا وجود طائرة تجسس امريكية اخرى كانت تحلق بالقرب من الغلوبال هوك وعلى متنها اكثر من 30 شخصا، الا ان ايران لم تستهدفها، وهو ما اعترف به الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وشكر ايران على عدم اسقاطها!.
وفقا لمصادر امريكية فان طائرة غلوبال هوك يمكنها الطيران على ارتفاع 18 كيلومترا لمدة ثلاثين ساعة متواصلة، وهي تحمل كاميرات ومجسات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، ويمكنها اعتراض المكالمات الهاتفية ومكالمات الراديو، كما تحمل رادارا يمكنه تعقب الأهداف المتحركة داخل أي دولة من خارجها، وكانت امريكا تزعم ان من الصعب جدا اسقاطها، الا ان الايرانيين اسقطوها بصاروخ واحد اطلقته منظومة "سوم خرداد" الايرانية الصنع، وهي منظومة محمولة ومزودة برادار متطور يمكنها اعتراض 4 أهداف في آن واحد،ودخلت الخدمة في عام 2014، ويمكنها استهداف الطائرات المقاتلة وقاذفات القنابل وصواريخ كروز على ارتفاع يصل إلى 25 كيلومترا، ومدى يصل إلى 50 كيلومترا، بينما يجري تطويرها ليصل مداها إلى 200 كيلومترا.
لا عاصم اليوم للاعداء من قوة الردع الايرانية، فلا تقنية ولا ارتفاعات، فكل طائرة، مهما كانت الجهة التي ارسلتها ومهما كان الارتفاع الذي تحلق فيه، ستسقط لا محالة ، وعلى كل من يشكك في هذه الحقيقة ان يسأل ترامب.
ماجد حاتمي