نص الحديث

قال النبيّ (ص) : حسن الخلق ينبت المودّة

دلالة الحديث

الحديث المتقدم مع كونه قصيرا وواضحاً: ينطوي عن طرافة وعمق، . . . انه يتحدث عن حسن الخلق، وهو – اي الخلق الحسن – من ابرز مظاهر السلوك السوي، و سبب ذلك هو: انه صادر من (المحبة) نحو الآخر، ومن الواضح ان الشخصية بقدر صدورها نحو الخارج وعدم الانغلاق على الذات تتجه الى تحقيق التوازن النفسي وهو: ما يطمح اليه الانسان أساساً. ويعنينا من حسن الخلق في الحديث المتقدم توضيح دلالته من خلال البعد البلاغي، حيث صاغه النبي (ص) عبر صورة تخيلية واقعية هي: (الانبات) . . . من هنا نتساءل: ما هي علاقة كلمة (ينبت) بالخلق الحسن؟ اي: ان النبيّ (ص) خلع صفات النبات على سلوك انساني هو حسن الخلق، فاوجد صلة بين النبات والانسان . . . لذلك تكرر السؤال الباحث عن الصلة بينهما؟ . . . هذا ما نبدأ به الآن . . . النبات – كما نعرف جميعاً – هو: عملية زرع، وسقي، و . . . الخ، حتى ينمو ويثمر . . . وهذا لا يتحقق الّا تدريجاً: كما نعرف ذلك جميعاً . . . و الآن اذا استهدفنا الاشارة الى الصلة بين زرع ينمو أو ماء يتسبب في انبات هذه المادة او تلك: عندئذ سنواجه طرافة في الموضوع . . . كيف ذلك؟ قبل ان نتحدث عن الصلة بين حسن الخلق و انبات المودة، ينبغي ان نتبين معنى (المودة) قبل كلّ شيء، وهو اثر لا نحتاج فيه الى كلام مفصّل بل نعرف جميعاً بان المودة هي الحب نحو الآخر، . . . واذا كانت الشخصية نتيجة لظروفها الوراثية والبيئية وحشية لا تألف احدا، أو حاقدة لا تحب أحدا، . . . . الخ، حينئذ فان الاحسان اليها يجعلها ذات ألفة، . . . كما ان الشخصية العادية اذا قدّر لك بأن تتعامل واياها من خلال الاخلاق الحسنة كالبشر في الوجه، والنعومة في اللسان، والتبسم في وجهها: حينئذ فان الشخصية المذكورة سوف تتولد لديها مشاعر و احاسيس جديدة هي: الألفة والمحبة حيال الشخص الذي يحسّن خلقه في تعامله مع الشخصية المذكورة . . . من هنا، فان الطرافة البلاغية في عبارة "حسن الخلق ينبت المودة" تمثل في توليد او انبات السلوك الجديد، وهو سلوك يتنامى حبه ومودته حيالك بقدر ما تمارسه من الخلق الحسن، وهذا يعني: ان قلب الآخر هو بمثابة ارض جرداء فاذا سكبت عليها الماء وتعاهدها حينئذ اهتزت التربة وربت و انبتت نباتاً حسناً كحسن الخلق الذي جعلها تنمو بهذا الشكل.

بلاغة الحديث

"اذن: امكننا ان نتبين اهمية الخلق الحسن من حيث تسبيبه لتعديل سلوك الآخر، وكسب محبته مادام الشخص بحاجة الى حبّ الآخر، . . . "ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الخلق الحسن، و الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.