نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كما لا يجتني من الشوك العنب، كذلك لا ينزل الفجار منازل الابرار.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي أن المنحرف في سلوكه العبادي، لا يحصل علي المنزلة التي يحصل عليها السوي في السلوك، سواء أكان ذلك في منزلته الاخروية أو حتي الدنيوية من حيث الجزاء المترتب علي السلوك اننا نري مثلاً (حتي في نطاق الحياة الدنيا ان شخصيات سياسية أو عرفانية لا نسب لها ولا موقع اجتماعي، الاأنها اطاعت الله تعالي بحيث ان الله تعالي هيا لها منزلة اجتماعية علي مستوي المدينة أو الاقليم أو الاضحية وهذا ماعرضت له المقولة المشهورة مما مؤداه: ان العبد اذا اراد عزاً بلا سلطان أو هيبة بلا عشيرة أو هيبة بلا سلطان أو عزاً بلا عشيرة فليتق الله تعالي.
المهم ان هذه الحقيقة أي الحصول علي المنزلة الاخروية والدنيوية التي تطال الابرار لا يمكن ان تتساوي مع الفجار، وهو أمر من الوضوح بمكان، الا أن الحديث قد رسم هذه الحقيقة عبر صورة تشبيهية لها طرافتها وعمقها وهي: كما لا يجتني من الشوك العنب، كذلك لا ينزل الفجار منازل الابرار.
بلاغة الحديث
ان بلاغة التشبيه المتقدم تتجسد في جملة خطوط يجدر بنا متابعتها. فأولاً: يمكن الذهاب الي اننا بلاغيا أمام صورتين أوصورة تزاوجية هما: التشبيه والاستدلال.
أما التشبيه فيتمثل في المقارنة بين الشوك الذي لا يمكن حصول الثمر منه، وبين الفاجر الذي لا يمكن حصوله علي نفس المنزلة التي يحصل لابرار عليها وهذه هي الصورة التشبيهية وأما الصورة الاستدلالية فهي: نفس عملية المقارنة بين عدم إمكانية حصول الثمر من الشوك، وبين عدم مساواة الفاجر البر، كل ما في الامر ان هذه الصورة صيغت وفق لغة استدلالية تتضمن حكمة من الحكيم، والمهم الان هو: ملاحظة النكتة البلاغية في الموقف.
تتجسد النكتة البلاغية في أن العنب هو فاكهة شهية قد انتخبها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لظرافتها وطعمها وشكلها العنقودي. حيث لا تتجانس هذه العناصر: الظرافة، الطعم الشهي الشكل العنقودي مع النبات الشوكي حيث أنه مؤذ وضار ولا ثمر فيه، ويلاحظ أيضاً أن الله تعالي عندما هيأ للابرار منزلتهم في الجنة انما جعل اذهاننا تتداعي الي بيئة فيها الانهار وفيها الثمرات وفيها ما لا رأت عين. وفي الوقت ذاته جعل اذهاننا تتداعي الي نبات مضاد لزرع الجنة وثمارها ألا وهو الشوك، اذن ثمة تجانس بين طرفي الصورة واشتراك (مادة وشكلا) أي النبات ولكن مع الفارق بين ثمر الجنة وبين الشوك.