نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله): القلب يموت: كالزرع اذا كثر عليه الماء.
دلالة الحديث
هذا الحديث من ابرز او اشد الاحاديث تعبيراً عن القلب وما يترتب عليه من الاثر في حالة ما اذا لم نحسن كيفية التعامل مع طبيعته التي خلق الله تعالي ولعل التلقي لهذا الحديث يتئقف في البدايه ليتساءل عن دلالته اولاً، اي: ماذا يهدف اليه الحديث من موت القلب وصله ذلك بالزرع؟
طبيعياً، ان موت القلب هو رمز لما يمكن تسميته بالقساوة، او عدم نبضه بما هو انساني وبما هي قيم وبما هو خير في نهاية المطاف.
طبيعيا ايضاً: ان الخير قد ينسحب علي ما هو انساني في نطاق محدود، وينسحب - وهذا ما نستهدف الاشارة اليه - علي ما هو سلوك عبادي، او روحي اوتقوائي، في نطاق اللغة الاسلامية التي تعني بها بطبيعة الحال.
والسؤال الان هو: ان القلب سيتسم بالقساوة، بالموت، قبلاً يتوقف النبض الانساني اذا كثر عليه الماء ولكن ما هو الرمز الكامن وراء عبارة (اذا كثر عليه الماء)، اي: الزرع وصلته بالماء، وصلة ذلك بالقلب؟
بلاغة الحديث
ان الذهن ليتداعي من عبارة (كالزرع اذا كثر عليه الماء)، يتداعي الي كثرة الطعام، بمعني: ان الانسان اذا تناول من الطعام اكثر من الحاجة التي تسد رمقه او تزيح توتر المعده عضليا، حينئذ فان الطعام المذكور ينعكس اثره علي القيم الروحيه لدي الانسان، فيموت قلبه او يتلاشي نبضه الانساني ويتحول الي انسان همه بطنه، او الي حيوان همه علفه.
اذن جاء هذا الرمز اوالتشبيه، يعني: تشبيه كثرة الطعام بكثرة الماء بالنسبه الي الزرع من التشبيهات الفائقة المتسمة ببلاغة لها طرافتها وعمقها ولا نحسب ان احدا يمكنه ان يتعمق في دلالة كثرة الطعام وانعكاساته اكثر من الالتفات الي الزرع وملاحظة كيفية موته اذا كثر عليه الماء وبالمقابل اذا عدم اساساً وجود الماء، وهذا ماينسحب علي الانسان في حالة ما اذا امتنع عن الطعام، اذن الامتناع او الكثرة (وهما متضادان) يعكسان اثرهما علي الانسان، حيث يموت في الحالة الاولي بدنيا، ويموت في الحاله الثانية روحياً.