البث المباشر

الشريف الرضي

الأربعاء 30 يونيو 2021 - 18:30 بتوقيت طهران
الشريف الرضي

هو أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي، المعروف بالسّيّد الرضيّ والشريف الرضيّ.

ولد في بغداد عاصمة الدولة العبّاسيّة في العام الهجريّ تسعة وخمسين وثلاثمئة، ينسب إلى الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السلام عن طريق الأب بخمسة وسائط والى الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام وبرواية إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعدّة وسائط. أبوه، ابو أحمد بن موسى، كان منذ أمد بعيد نقيب السادة العلوييّن في بغداد.

والسيّد الرضي فضلاً عن النقابة، كان أيضاً أمير الحاج والقضاء وذا منزلة معنويّة رفيعة. والده، أبو أحمد أوفد عام تسعة وستين وثلاثمئة للهجرة بمعية نفر من كبار السّادة العلوييّن بأمر عضد الدولة الديلمي إلى قلعة إصطخر بفارس فأودع السجن هناك.

في هذه السنة بالذات ما إن علم السيّد الرضي ذلك، حتى نظم قصيدة طويلة في مدح أبيه وأجداده من أئمة العصمة والطهارة وذم عضد الدولة ووزيره «ابن مطهر» وهو دون العاشرة من عمره. فما إن شاعت القصيدة، حتى أعترف كلّ الأدباء واساتذة اللغة والكلم والعلماء بوجود نابغة شاب في الشعر والأدب والعلوم الإسلامية وأنّ له مستقبلاً باهراً.

في غياب الأب وتحت إشراف الأم ورعايتها، تابع الشريف الرضي وأخوه الجليل السيد مرتضى علم الهدى دراسة العلوم الأدبيّة والإسلاميّة.أفرج عن الأب سنة ست وسبعين وثلاثمئة للهجرة من قبل شرف الدولة نجل عضد الدولة الديلمي فقدم معه بغداد واسترجع ما كان قد سلب منه من المناصب، لكنه نظراً لما كان قد عاناه من متاعب في السجن وما لقيه من ظلم الأمراء وتعسفهم تخلّى اعتباراً من هذه السنة وإلى سنة إحدى وثمانين وثلاثمئة عن كل ذلك لابنه الصغير الشريف الرضي.

لقد إكتسب الشريف الرضي العلم من أجلة أساتذة زمانه، مثل: أبو علي الفارسي، القاضي السيرافي، القاضي عبد الجبار البغدادي، ابن نباتة الخطيب، إبن جنيّ، علي بن عيسى الشيرازي، محمد بن موسى الخوارزمي، الشيخ المفيد، تلعكبري وسواهم.

وأسّس مدرسة «دار العلم» مع مكتبة عامرة بالكتب ومزودة بكل إمكانات إسكان الطلاب وتخرج على يده أساتذة كبار.

كان الشريف الرضي محط إهتمام الخليفة الطائع بالله فالقادر بالله العباسي وبهاء الدولة من أمراء آل بويه ما اتاح له تولي نقابة الطالبيين في كل ارجاء المعمورة والتوصل لألقاب معنوية كبيرة.

اتجه الشريف الرضي أيّام الشباب لتفسير القرآن الكريم وتوضيح آي الذكر الحكيم. إذ كان وهو بعد طفل صغير يهوى القرآن، فأنسه لاحقاً حتى حفظه وهو إبن الثلاثين في مدة وجيزة... ليترنم بآياته أبداً ويجلوبها مرآة الفؤاد. فكان بعد تفرّغه من مختلف العلوم القرآنيّة يجد نفسه إلى جانب حلاوة تلاوة أيام الطفولة دوماً، مع عالم من جمال الروح سعته اللانهاية وغايته عمق الزمن بل الدهر كله. فامتدت يد، يد الشريف الرضي المنبهر بجمال آيات الله المشرقة إلى القلم ليسكب ولو قطرة واحدة من بحر تعاليمه اللامتناهي على صفحة الزمان. فأثمر هذا الجهد الصادق والسعي الخالص، ثلاثة كنوز صخريّة أودعها ذكرى لدى الاجيال اللاحقة:
۱- تلخيص البيان عن مجازات القرآن.
۲- حقائق التأويل في متشابه التنزيل.
۳- معاني القرآن

 

هناك تأليفات أخر للسيّد الرضيّ، هي:

خصائص الأئمة، نهج البلاغة، الزيادات في شعر أبي تمام، تعليق خلاف الفقهاء، كتاب مجازات الآثار النبويّة، تعليق الشريف الرضي على ايضاح أبي علي، الجيّد من شعر أبي الحجاج، زيادات في شعر أبي الحجاج، مختار شعر أبي إسحق الصابي، كتاب «مادار بينه وبين إسحق من الرسائل» وديوان اشعار.

انه مع مرور الأيام يضفي بيده المبدعة صفحات ذهبية لتاريخ الاسلام المشرق. فقد أسدى بقلمه السلس وعلمه الفياض خدمات قيمة. فسر المصحف الشريف، دون الاحكام الفقهية، وأجرى بعذب أشعاره وقصائده الطويلة سيل المعارف واضطلع بمسئوليات دينية، وسياسية واجتماعية جسيمة ومضنية في آن... لكن مع كل ذلك كان يرى انه لم يكمل المشوار مستشعراً الفراغ والنقص حتى ليخال انه خلق لرسالة اخرى.رسالة جداً كبيرة.

كان عليه أن يستفيد قدر الامكان من الظروف والفرص المتاحة لتعريف اصالة الشيعة، وبالتالي تقديم الإسلام الأصيل لسكان المعمورة.إن السيّد الرضي كان يعلم حقاً نقص الرسالة المفتقرة للامة وان مدينة علم الرسول صلى الله عليه وآله- بدون علي عليه السلام- انما هي مدينة بلاباب ولولا المعصوم، لما يفسر القرآن الكريم. يجب التقدم والقيام بعمل ما كان قد تعذر على السلف تحقيقاً للغاية.

من هذا المنطلق والفكر السماوي بدأ السيد الرضي عملاً كبيراً. ذلك العمل أعطى أكله في حلاوة كلام مولانا امير المؤمنين علي (عليه السلام)، في نهج البلاغة الكتاب الخالد أبداً، والذي خلد بخلوده إسم السيد الرضي وذكراه.

في الحقيقة أن السيد الرضي او الشريف الرضي هو اول عالم بادر لجمع كلمات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وخطبه البليغة عليه السلام.وأخيراً أغمض السيد الرضي العين في المحرم من سنة ست وأربعمئة للهجرة وله من العمر سبعة وأربعون عاماً فقط.فشيع من قبل جموع الشيعة وصلى على جنازته الوزير فخر الملك.

دفن جثمانه مبدئياً كأمانة في منزله قبل ان ينقل لا حقاً إلى حرم الإمام الحسين عليه السلام في مدينة كربلاء المقدسة.

تغمده الله بواسع رحمته وحشره مع جده أمير المؤمنين ومولى الموحدين علي بن ابي طالب عليه السلام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة