بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ من الله عليكم أيها الأحبة ورحمة منه تعالى وبركات، أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنانمج نقضي فيه دقائق من طائفة أخرى من النصوص الشريفة المبينة لفضيلة التحلي بخلق التعفف عن الطلب من الخلق والسؤال من الخالق، فقد روي في كتاب الكافي عن مولانا الإمام جعفر الصادق –صلوات الله عليه- قال:
"إن الله كره الحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحب ذلك لنفسه، إن الله يحب أن يسأل ويطلب ما عنده".
والعفة عن الطلب من الناس هي من مصاديق أفضل العبادة التي يحبها الله عزوجل كما يشير لذلك مولانا الإمام محمد الباقر –صلوات الله عليه- في الحديث المروي عنه في كتاب (المحاسن) أنه قال:
"أفضل العبادة عفة بطن... وما من شيء أحب الى الله من أن يسأل".
مستمعينا الأفاضل، والتخلق بهذا الخلق النبيل من وسائل الفوز بالرحمات الإلهية الخاصة كما يهدينا لذلك مولانا الصادق –عليه السلام- في الحديث المروي عنه في الكافي أنه قال:
"رحم الله عبداً عف وتعفف وكف عن المسألة [من الناس، فانه من سأل الناس] يتعجل الدنية في الدنيا ولا يغني الناس عنه شيئا".
والتحلي بهذا الخلق من الوسائل المضمونة للفوز بالجنة كما يصرح بذلك ما روي في الكافي عن الصادق –عليه السلام- قال:
"جاءت فخذ من الأنصار الى رسول الله –صلى الله عليه وآله- فسلموا عليه فرد عليهم السلام، فقالوا:
يا رسول الله: لنا إليك حاجة، فقال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنها حاجة عظيمة، فقال: هاتوها ماهي؟ قالوا: تضمن لنا على ربك الجنة.
قال الصادق –عليه السلام-: فنكس رسول الله –صلى الله عليه وآله- رأسه ثم نكت في الأرض- -يعني ضربها بأصبعه- ثم رفع رأسه فقال:
"أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحداً شيئاً".
قال الصادق: فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان: ناولنيه، فراراً من المسألة، فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب الى الماء منه، فلا يقول: ناولني، حتى يقوم فيشرب!"
أيها الأخوة والأخوات، والسؤال والطب من الناس من أسباب الهوان والذل بينهم وهذا ما لا يرتضيه الله عزوجل لعباده فقد أراد لهم العزة كما ورد في القرآن المجيد، روي في الكافي عن مفضل بن قيس قال:
دخلت على أبي عبدالله الصادق –عليه السلام- فذكرت له بعض حالي، فقال: يا جارية هات ذلك الكيس، ثم قال: هذه أربعمائة دينار وصلني بها ابو جعفر فخذها وتفرج بها.
قال مفضل: فقلت: لا والله جعلت فداك ما هذا دهري [أي لم أقل ذلك للمسألة فهذا ليس من خلقي] ولكن أحببت أن تدعوا الله عزوجل، فقال –عليه السلام-: إني سأفعل، ولكن إياك أن تخبر الناس بكل حالك فتهون عليهم".
وأخيراً روي عن لقمان الحكيم أنه أوصى إبنه فقال:
"يا بني ذقت الصبر –أي النبات الصحراوي المر-... فلم أجد شيئاً هو أمر من الفقر، فإن بليت به يوماً فلا تظهر الناس عليه فيستهينوا بك ولا ينفعوك بشيء، إرجع الى الذي إبتلاك به فهو أقدر على فرجك وسله، فمن ذا الذي سأله فلم يعطه، أو وثق به فلم ينجه؟".
نشكر لكم أيها الأطائب طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق... الى لقائنا المقبل دمتم بألف خير.