بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته. أزكى تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بفضل الله في حلقة أخرى من هذا البرنامج، نرسخ في قلوبنا همة التخلق بالأخلاق الفاضلة من خلال الإستنارة بطائفة من النصوص الشريفة المبينة لبركات أحدها وهو خلق "النشاط في طلب الرزق الإلهي" والمقصود بكل أقسامه المادي والمعنوي.
وقد مدح الله تبارك وتعالى المتحلين بهذا الخلق الكريم في مواطن عدة من قرآنة المجيد، فقد وصفهم بالصدق في قوله تعالى في الآية الثامنة من سورة الحشر، حيث قال:
"لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ" فهؤلاء هم الذين طلبوا الفضل الإلهي بالهجرة ونصرة الله ورسوله –صلى الله عليه وآله-. كما مدح تبارك وتعالى الذين يبتغون فضل الله بالسفر للتجارة فقال في الآية العشرين من سورة المزمل:
"عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً"
أيها الأخوة والأخوات، وتهدينا الأحاديث الشريفة الى أن النشاط في طلب الرزق بالكسب هو من أسباب العز، فقد روى الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن المعلى بن خنيس قال:
رآني أبو عبدالله "الإمام الصادق" عليه السلام وقد تأخرت عن السوق، فقال: أغد الى عزك.
وفي الكافي عن أمير المؤمنين –عليه السلام- قال:
"تعرضوا للتجارة فإن فيها غنىً لكم عما في أيدي الناس".
وفيه أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام أن أحد أصحابه أخبره بأنه ترك التجارة والكسب، فقال له –عليه السلام-:
"ولم ذلك؟ أعجز بك... لا تكفوا عن التجارة والتمسوا من فضل الله عزوجل".
وعن فضيلة التحلي بخلق النشاط في طلب الرزق الحلال وثوابه، يقول الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وآله- كما في الكافي:
"العبادة سبعون جزءً أفضلها طلب الحلال".
وفي الكافي أيضاً عن مولانا الإمام الكاظم –عليه السلام- قال:
"من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله".
وفي كتاب من لا يحضره الفقيه روي عن إمامنا الباقر –عليه السلام- ما يهدينا الى النية الصالحة في طلب الرزق، حيث قال: "من طلب الدنيا إستعفافاً عن الناس وتوسيعاً على أهله وتعطفاً على جاره، لقي الله عزوجل يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر".
وقال الباقر –عليه السلام- مشيراً الى تحلي جده المرتضى بهذا الخلق ونيته منه: "كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج في الهاجرة –أي في شدة الحر- في الحاجة قد كفيها، يريد أن يراه الله يتعب نفسه في طلب الحلال".
وأخيراً قال أميرالمؤمنين –عليه السلام-: "إن الله يحب المحترف الأمين" يعني صاحب الحرفة في الكسب وطلب الرزق الإلهي.
نشكر لكم أيها الأكارم طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج "معالي الأخلاق" الى لقائنا المقبل نترككم في رعاية الله ودمتم بألف خير.