بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم أيها الأكارم ورحمة الله، خلق (الرحمة بجميع خلق الله) هو موضوع لقاء اليوم من برنامجكم هذا، وهو من معالي الأخلاق التي يحبها الله عزوجل، فهو من أخلاقه تبارك وتعالى والتخلق به سبب للفوز بمحبته عزوجل، كما يهدينا لذلك حبيبنا الهادي المختار –صلوات ربي عليه وآله الاطهار- فقد روي عنه فيكتاب (الامالي) للشيخ الطوسي أنه قال:
"إن الله عزوجل رحيمٌ يحب كل رحيم".
والتحلي بهذا الخلق الإلهي الكريم هو من صفات الأتباع الصادقين للأنبياء جميعاً كما يشير لذلك قوله تبارك وتعالى في الآية السابعة والعشرين من سورة الحديد:
"...وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الانجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة".
كما أن التواصي بالتحلي بهذا الخلق الإلهي الكريم هو من علامات صدق الإيمان، قال تبارك وتعالى في الآيتين ۱۷و۱۸ من سورة البلد: "ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ{۱۷} أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ{۱۸}".
والتخلق بهذا الخلق هو من أسباب الفوز بالرحمة الإلهية يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، قال السيد قطب الدين الراوندي في كتاب الدعوات:
"روي أنه إذا كان يوم القيامة ينادي من يقوم من قبره: اللهم إرحمني، فيجابون:لئن رحمتم في الدنيا لترحمون اليوم".
ويبين الله مولانا الإمام أميرالمؤمنين –عليه السلام- أن مصاديق الرحمة بالخق أوسع من دائرة الإعانات المادية، فهي تشمل كل ما فيه جبر للقلوب الكسيرة من حكمة طيبة وغيرها، قال –عليه السلام- كما في كتاب (غرر الحكم ودرر الكلم):
"إذا عجز من الضعفاء نيلك –أي إستطاعتك المالية- فلتسعهم رحمتك".
وتبين لنا أحاديث أهل بيت الرحمة –عليهم السلام- الموارد التي تتأكد فيهم الرحمة بأصحابها، ففي كتاب (قرب الإسناد) عن النبي الأكرم –صلى الله عليه وآله- قال: "ارحموا عزيز قوم ذل، وغنياً إفتقر، وعالماً ضاع في زمان جهال".
وكان هذا من أخلق أهل البيت –عليهم السلام-، فقد روي في كتاب (الخصال) عن إمامنا الصادق –عليه السلام- قال:
"إني لأرحم ثلاثة وحق لهم أن يرحموا: عزيز أصابته مذلة بعد العز، وغنيٌ أصابته حاجة بعد الغنى، وعالم يستخف به أهله والجهلة".
كما أن من هذه الموارد إغاثة المضطر الذي أصابته ضائقة ورحمة المجهود المتعب، فقد روي عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- في كتاب الخصال قال: "كل معروف صدقه، والدال على الخير كفاعله والله يحب إغاثة اللهفان" وفي أمالي الطوسي عن الوصي المرتضى –عليه السلام- أنه أوصى عند وفاته قائلاً: "أوصيك بحسن الجوار وإكرام الضيف ورحمة المجهود وأصحاب البلاء وصلة الرحم وحب المساكين ومجالستهم.."
وبهذا ننهي أيها الأكارم لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران... دمتم بألف خير وفي أمان الله.